كل الطرق تؤدي إلى سانتياغو الإسبانية

سياحة.. طبيعة.. ومشي

«سانتياغو دي كومبوستيلا» من اشهر المعالم الساحية في المنطقة
TT

يعتبر طريق سان جيمس الذي يوصلك إلى «سانتياغو دي كومبوستيلا» في إسبانيا من بين أشهر الطرق التي تربط إسبانيا بالبرتغال، وعبره تشاهد أجمل المناظر الطبيعية الخلابة التي تجذب السياح من كل بقاع العالم، طمعا في التمتع بالطبيعة والمشي أيضا.

فلا يزال طريق سان جيمس يلقى إقبالا كما كان الحال دائما، ومن المتوقع هذا العام أن يستقبل هذا المكان الإسباني للحج عددا قياسيا من الزوار يبلغ عشرة ملايين، بالإضافة إلى 24 ألفا من هواة السير على المرتفعات.

ويعد عام 2010 عاما خاصا في سانتياغو التي تحتفل بشكل منتظم بذكرى وفاة القديس جيمس بإقامة مهرجان متنوع الأنشطة يعرف باسم «زاكوبيو»، وهذه الاحتفالية تقام عندما تحين ذكرى القديس التي توافق يوم الخامس والعشرين من يونيو (حزيران) في يوم أحد، وهذا الحدث يتكرر أربع مرات فقط كل 28 عاما وستحل المناسبة المقبلة للاحتفال خلال عام 2010.

ومما لا شك فيه أن الكثير من الحجاج سيختارون هذا العام الطريق الأكثر استخداما للتوجه إلى سانتياغو عبر فرنسا، إلا أن الطريق البرتغالي المعروف باسم كامينو بورتيغيز يعد بديلا جذابا، فهو يلتف بلطف ناحية الشمال بطول طرق عتيقة تشق الغابات والمزارع والقرى والبلدات والمدن التاريخية.

ويبدأ الطريق من مدينة بورتو، التي تعد ثاني أكبر مدينة برتغالية، ويمر عبر الجزء الشمالي الأكثر خضرة من البرتغال، وعلى طول الساحل الإسباني المطل على المحيط الأطلسي، وتتمتع بورتو بجاذبية كبيرة وهناك الكثير الذي يستحق الاستكشاف في شوارعها المتعرجة كالمتاهة.

وكانت منظمة اليونيسكو قد أدرجت القطاع القديم من مدينة بورتو في قائمة مواقع التراث الإنساني العالمي عام 1996، ويمكن فهم الدافع وراء قرار اليونيسكو حين يزور المرء الكنائس الرائعة التي شيدت على نسق الباروك المعماري، مثل كنيسة كابيلا داس ألماس أو إيجريا دي ساو فرانشيسكو المغطاة بطبقات القرميد المصقولة كالسيراميك الشائعة في الشمال البرتغالي، ويوجد أكثر من 20 ألف قطعة فنية من السيراميك يطلق عليها اسم أزوليزوس في محطة السكك الحديدية لمدينة بورتو، حيث يمكن مشاهدة لوحة جدارية ضخمة تحكي رسوماتها تاريخ المكان.

ومن الأفضل بعد القيام بجولة داخل سوق ميركادو دو بولهاو زيارة مقهى ماجستيك الأسطوري، ويقول السكان المحليون إنه يقدم أفضل نوع من القهوة في بورتو، وبعد الشعور بالانتعاش بعد تناول المشروبات يمكن للزوار أن يصعدوا برج كنيسة إيجريزا إي توري دوس كليريغوس الذي يبلغ ارتفاعه 75 مترا.

ويتيح أعلى البرج رؤية مناظر رائعة للحي القديم بالمدينة ونهر دورو، ويمكن بعد ذلك القيام بنزهة حول هذا المكان في المساء الذي يعج بالحياة والنشاط.

وليس من السهل مغادرة بورتو، حيث إن الطريق الأولي الذي يمر خلال الضواحي الأقل جاذبية بالمدينة لا يتيح الكثير من الراحة للحجاج، ولحسن الحظ أن الطريق إلى راتس ليس بعيد، وفي اليوم الثاني من الزيارة يمكن رؤية الكروم، إلى جانب بساتين الفاكهة والمناطق الريفية المتموجة بلطف السائرين على الأقدام الذين تخلصوا من متاعب الطرق التي غالبا ما تكون مزدحمة بشكل مزعج في هذه المنطقة.

وأحد أسباب اختيار كثير من السياح للطريق البرتغالي هو أن طوله الذي يبلغ 235 كيلومترا يمكن قطعه بسهولة خلال عشرة أيام، وهذا يتيح وقتا كافيا لتمضية بعض الوقت في واحد أو اثنين من الأماكن الجذابة على طول الطريق، وأحد هذه الأماكن هو بلدة بارسيلوس التي تعرف بأنها تستضيف أكبر سوق أسبوعية بالبرتغال، كما ترحب كنيسة نوسا سينهورا دو تريكو الرائعة التي يرجع تاريخها للقرن الثامن عشر بالزائرين، وكانت فيما مضى جزءا من أحد الأديرة، وعلى الرغم من أن شكلها الخارجي بسيط وغير مزخرف فإن قاعاتها الداخلية مزدانة بشكل جميل بلوحات من القرميد المزخرف والخشب المطلي بالذهب.

ويكون المقصد التالي هو بلدة بونتي دي ليما، وهي تجمع سكاني يضم ثلاثة آلاف نسمة، وتعد واحدة من أجمل البلدات في الركن الشمالي الغربي من البرتغال، كما تعد محطة يفضل الحجاج التوقف عندها، وهذه المنطقة لا تزال بكرا ولا تزورها أعداد كبيرة من الأجانب.

ويقابل المسافرون غابات كثيفة من أشجار البلوط وهم في طريقهم إلى بلدة فالينكا التي تقف أسوارها العالية على الحدود مع إسبانيا، ويؤدي الجسر الدولي إلى بلدة توي في إسبانيا، ثم يصل الحجاج في النهاية إلى بلدة ريدونديلا التي يوجد بها جسر معدني رائع للقطارات، ويعد نزل كاسا دا توري مأوى مفضلا للحجاج المنهكين في هذه البقاع.