فنادق مصر العائمة تمخر عباب النهر الخالد.. على وقع الموسيقى النوبية

«الأقصر» أكبر المتاحف المفتوحة في العالم.. و«أسوان» مدينة التوابل والعطور والشمس الدافئة

الفنادق العائمة سمة من سمات السياحة الحديثة في مصر
TT

في مصر، وفي ناحيتها الجنوبية تحديدا، حيث يكون النيل الخالد في أبهى صوره، وحيث تمخر المراكب العائمة عباب النهر في رحلة ما بين القاهرة إلى أسوان والأقصر أو بين المدينتين الأخيرتين، وحيث تطلق هذه المراكب صافراتها عند توقفها في محطاتها خلال رحلتها النهرية متداخلة مع وقع الرقصات والموسيقى النوبية، وحيث أشجار النخيل وقصب السكر تتناثر على ضفتي النيل، ورائحة البخور والتوابل تنبعث من داخل الأسواق العتيقة، وفوق سفوحها تنتشر الآثار والمعابد التي تؤكد أن التاريخ ينام هنا منذ آلاف السنين، حينها ينتابك شعور بأنك في عالم آخر وأن ما تشاهده يشبه أعمالا فنية لرسام مبدع يحرك الخيال داخلك، حيث تتفاعل معه لتدرك أشياء قد لا تدركها الأبصار.

على امتداد النيل الخالد تقع مدن موغلة في التاريخ وقد تحولت اليوم وبعد آلاف السنين إلى مناطق جذب سياحي تتيح للزائر الغوص في أعماق التاريخ وتوفر له متعة الاسترخاء والتأمل عبر فنادق عائمة تمخر عباب النيل أو عبر التجوال في المعابد والآثار الخالدة أو عبر صحرائها التي ينساب النيل خلالها وقد غطتها رمال كالكهرمان وصخور جرانيتية حول جزر من الزمرد تحف بها بساتين النخيل وقصب السكر والنباتات الاستوائية، وحيث الأسواق التي تزخر بأغطية الرأس والسلال وتفوح منها رائحة التوابل والعطور والبخور.

وتبرز مدينتا أسوان والأقصر كأهم المدن السياحية المصرية التي تتربع على ضفتي النهر، وتربط بينهما رحلات سياحية بوسائل نقل جوية وبرية ومائية يأتي في طليعتها الفنادق العائمة التي أصبحت سمة من سمات مصر، حيث يتنافس 300 فندق عائم في حمل السياح والمواطنين من القاهرة إليهما أو بينهما من خلال رحلات تستغرق ما بين ثلاثة أيام إلى اثنى عشر يوما.

واستضاف فندق «جراند حياة» القاهرة وفدا إعلاميا خليجيا في رحلة نظمتها وزارة السياحة المصرية والهيئة العامة للتنشيط السياحي بالتعاون مع مجلة «سواح» المتخصصة بالسفر والسياحة وكان الفندق محطة انطلاق الوفد إلى مدن أسوان والأقصر والعين السخنة.

يقع الفندق على ضفاف نهر النيل وعلى جزيرة في قلب القاهرة، ويتميز الفندق ذو الواحد والأربعين طابقا بموقعه في قلب المنطقة التجارية ومنطقة الأعمال والشركات وقربه من مواقع الجذب السياحي والثقافي، ويعد واحدا من أجمل فنادق شركة «حياة» للتسويق في الشرق الأوسط، حيث يتمتع ضيوفه بالتناغم المتناسق بين الروح العربية والمصرية والأوروبية التي يتميز بها في ديكوراته وزينته، كما تتميز غرفة وأجنحته الـ715 بروعة تجهيزاته وديكوراته التي يمتزج في ألوانها الدفء والبريق بحيث تشع إحساسا بالراحة.

وفي أسوان، حيث انتقل الوفد الإعلامي الخليجي إليها جوا من القاهرة، كان الفندق العائم «الكروزيز» بانتظارهم، وعلى مدى ثلاثة أيام كان الفندق يمخر عباب النيل باتجاه الأقصر التي تبعد 670 كم من القاهرة وتعد أعظم المتاحف المفتوحة في العالم، فلا يكاد يخلو مكان فيها من أثر من تلك الآثار التي تملأ النفس رهبة لروعتها وجلالها وتنطق بعظمة المصريين القدماء وحضارتهم، وعلى بعد 900 كلم من القاهرة تتمدد أسوان، أكثر مدن مصر الجنوبية تمتعا بأشعة الشمس الدافئة والمنتجع الشتوي المفضل والمكان الأمثل للابتعاد عن كل ما يزعج من صخب، وحيث القوارب الشراعية تشق عنان السماء بصواريها الطويلة، وفنادقها ومطاعمها العائمة والموسيقى النوبية التي تملأ المكان بهجة وتمنحك الشهية لالتهام الأسماك الطازجة أو ارتشاف أقداح الشاي الأسواني مع غروب شمسها الدافئة.

وتعد أسوان أكثر مدن مصر الجنوبية عراقة بطابع أفريقي متميز وتضم معالم مهمة أبرزها متحف النوبة الذي يضم 3 آلاف قطعة أثرية تمثل فترات تاريخية مختلفة مرت على النوبة منذ عصر ما قبل التاريخ والعصر الفرعوني واليوناني والروماني وحتى العصر القبطي والإسلامي، وجزيرة النباتات التي تزخر بالأشجار والنباتات المستجلبة من جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى جزر ومعابد وأضرحة، والمسلة الناقصة، إضافة إلى مقابر النبلاء المنحوتة بالصخر، كما أن من معالم المدينة السد العالي ذا الشهرة العالمية والمعجزة الهندسية وقد أقيم السد في الستينات لتوفير مياه الري والكهرباء لكافة أنحاء مصر.

أما الأقصر فتعد عاصمة أعظم حضارة عرفها التاريخ الإنساني وظلت كذلك على مدار السنين عندما اختارها الفراعنة لتكون متحفا مفتوحا لعرض جمال وعظمة القدماء المصريين في الفن المعماري، حيث بنوا على أرض البر الشرقي المعابد وشيدوا القصور، لكنها في القرون الماضية نالتها يد الإهمال التي محت تلك التحفة الفنية الرائعة بعد أن تمكن بعض السكان من بناء منازل عشوائية فوق الآثار ولكن من خلال خطة شاملة لتنمية المدينة قدمها محافظ المدينة سمير فرج تحولت الأقصر إلى مدينة جاذبة وأكبر متحف عالمي مفتوح وتضم الأقصر ثلث آثار العالم أبرزها مقابر الملوك التي أمر ملوك الدولة الحديثة بنحتها في باطن الصخر، فيما يعرف بوادي الملوك، لتكون بمأمن من عبث اللصوص، وعلى جدرانها توجد نقوش تروي كيف كانت حياتهم اليومية. ولعل أشهر مقبرة في الوادي هي مقبرة الملك توت عنخ آمون ويرجع تاريخها إلى عام 1352 قبل الميلاد ويقام سنويا احتفال كبير بذكرى اكتشاف مقبرة هذا الملك كما تضم المدينة معبد الأقصر ومعابد الكرنك، وتحتوي المدينة على متحف لعرض الاكتشافات الحديثة في المنطقة ويضم آثارا فرعونية كما افتتح حديثا مركز للزوار يعد الأول من نوعه في العالم يعرف بمتحف التحنيط.

وزار الوفد الإعلامي الخليجي منطقة العين السخنة التي تقع على بعد 55 كلم جنوب السويس وتعد من أجمل المناطق على خليج السويس واشتق اسمها من العين الجيرية الموجودة بها وتعد المنطقة مصيفا ومشتى ومعبر الدخول لمحافظة البحر الأحمر.

وفي حديث للوفد الإعلامي الخليجي كشف وكيل وزارة السياحة المصرية، سامي محمود، عن أن بلاده تسعى لزيادة أعداد السياح خلال العقد الحالي إلى نحو 25 مليون سائح، مشيرا إلى وجود 1500 شركة سياحية تعمل في السوق المصرية تدر عائدا سنويا يتعدى 11 مليار دولار.

وأبلغ الوفد بأن هناك توجها لإنشاء أكبر متحف على مستوى العالم حددت تكاليفه بأكثر من 600 مليون دولار سيكون جاهزا لعرض 100 ألف قطعة أثرية خلال 3 سنوات، لافتا إلى أن المكتشفات الأثرية الحالية لا تتعدى سوى 25 في المائة من الآثار الموجودة في مصر.