الجميرة.. المدينة الهاربة من ألف ليلة وليلة

تتسع للمؤتمرات والاجتماعات وتعبق بالفخامة والتسوق والتسلية والأطباق العالمية

يمكن لزائر الجميرة أن يستخدم القوارب الصغيرة للتنقل بين جميع مرافق المنتجع من خلال الممرات المائية («الشرق الأوسط»)
TT

إلى جانب برج العرب، الذي جمع آخر ما تم التوصل إليه في تشييد الفنادق، وبالقرب من فندق شاطئ الجميرة المصمم بأحدث التقنيات ليبدو كسفينة تبحر بأشرعتها في عرض البحر، تقع مدينة الجميرة التي تفاخر دبي بأنها جمعت تقنيات العصر لتشييدها لتحافظ من خلالها على تراث عربي أصيل قد يكون اندثر في بلاده الأصلية.. فالمدينة صممت لتكون أثرية بطرازها المعماري على الرغم من أن عمرها بعمر الطفرة العمرانية في دبي، ولكنها توحي للناظر من بعيد أنها موغلة في القدم، فالناظر لن يميز في المرة الأولى معرفة أن عمر هذا المكان العتيق هو سبع سنوات فقط، فمن بعيد وعندما تطل على الشارع المتعامد مع برج العرب تلوح لك مدينة في الأفق تكسر حداثة المكان وتنقلك إلى حكايات ألف ليلة وليلة، ببنائها التاريخي الذي يظهر من بعيد وكأنه سراب لقلعة رصفت بحجر بني اللون، لكنك عندما تقترب ستدرك أن ذلك لم يكن سرابا في الصحراء إنها مدينة الجميرة التي تمتد واجهتها لمسافة ألف متر.

وتعتبر مدينة الجميرة محطة رئيسية في أي رحلة سياحية إلى الإمارة، وقد أصبحت في زمن قياسي من الأماكن الشهيرة، فهي تقع على مفترق طرق توصلك إلى برج العرب وفندق شاطئ الجميرة، وتدلف بك أيضا إلى مدينة دبي للإعلام عبر شارع الصفوح، بينما تستقبل المدينة زوارها من الصباح إلى المساء، وتتيح للزائر أن يتنقل في باقة من النشاطات والأسواق والمطاعم والمقاهي، عدا أنها تحاكي تراث الكثير من مدن العالم الشهيرة تبدأ من فاس المغربية ولا تنتهي بفينيسيا الإيطالية.

واستغرق إنشاء المدينة مدة 36 شهرا، وافتتحت المرحلة الأولى منها في عام 2003. كان الهدف من إنشاء هذه المدينة، التي تعتمد في بنائها بشكل رئيس على الأعمدة الهوائية المعروفة بـ(البراجيل)، لتجسيد حياة قدماء المنطقة في الماضي، وتحديدا منطقة خور دبي والأسواق التجارية والعبرات، كما تمثل المدينة ملاذا للطابع العربي الأصيل، ففيها يغفو تاريخ الحضارة العربية وبين جنباتها تتألق العمارة العربية بكل فنونها وإبداعاتها، لكنك - عزيزي القارئ - عندما ترى حصنا لا تتوقع أن من خلفه مدافع وجنود ومتاريس يشهد على معارك حامية في سالف الزمان، لأن ما خلف الحصون والأعمدة في أغلب الأحيان منزل صيفي أو ناد صحي أو ربما فيلا ملكية..

ولا بد للزائر أن يبدأ مشواره في المدينة من سوقها الذي ينقلك في لحظات من أجواء إلى أخرى ويقع سوق المدينة في وسط المنتجع وقد صمم بأسلوب يعكس تراث الأسواق العربية، وسواء جئت بسيارة، أو كنت ماشيا على القدمين من الفنادق المجاورة أو بوساطة «العبرا»، فإنك تدخل في عالم من التسوق يشبه أجواء البازار التقليدي، حيث تتجول بين المحلات التجارية والبوتيكات ذات الواجهات المفتوحة وصالات العرض الأنيقة، التي يبلغ عددها 75 محلا. ويستطيع زوار السوق الحصول على ما يريدونه من بضائع، سواء كان ذلك من البهارات أو من المحلات التي تبيع الهدايا التذكارية والعطور والحرف اليدوية والملابس والمجوهرات والذهب. وتكتمل روعة السوق بالفرق الفنية التي تجوب ممراته، باعثة البهجة فيها، بينما يستنشق الزوار عبق الروائح الذكية القادمة من المقاهي والمطاعم المحيطة التي تقدم أشهى الأطباق المحلية والعالمية، ليستمتعوا بتجربة تسوق لا تنسى.

وبعد جولة في سوق المدينة، ستكون مضطرا خلالها لزيارة ما يزيد على سبعين متجرا إذا كنت تمتلك الوقت الكافي لذلك.. لا بد أنه وقت الطعام غداء كان أم عشاء..أين ستأكل؟ سؤال لن تكون الإجابة عنه بهذه السهولة، فالمدينة توفر مجموعة كبيرة ومتنوعة من المطاعم التي تقدم ما لذ وطاب من الأطباق، ستحظى بها في المطاعم العائلية الراقية، إلى المقاهي التي تتماشى مع أذواق الشرق والغرب، ويمكنك أن تبدأ من (بايسيز) الذي يقدم الأكلات الطازجة في أجواء مريحة مطلة على الممرات المائية أو (توسكانا) الذي يقدم أشهى أطباق الباستا والبيتزا في جو عائلي، تجرب أيضا مطعم (ذا نودل هاوس) مرورا بـ(شو في مافي)، الذي يقدم الأكلات المغربية الخفيفة والعربية في جو من الأرابيسك المزخرف، وليس انتهاء بـ(سيجريتو) المطعم الإيطالي الكلاسيكي بجودة عالية، وليس انتهاء بـ(بي سكوير)، الذي يتميز بأجوائه الباريسية الحميمة ويقدم المأكولات الخفيفة، لأنك لا بد أن تعرج على (سنتيمترو)، الذي يقع على السطح الخارجي لسوق مدينة جميرة، ويقدم المأكولات الإيطالية الخفيفة و(ذا كورت يارد) المقهى الذي يقدم المأكولات العربية الخفيفة بالإضـــــــافة إلى الشيشة، ويتميز بموقعه وسط سوق مدينة جميرة، ولكن ربما يقع اختيارك على مطعم (آربوريتوم) الذي يقدم أشهى أنـــــــواع الأطعمة العربية، وبالتأكيد لن يتسع المقام لعد ما يقرب من ثلاثين مطعما فاخرا تنتشر في أرجاء المدينة كـ(النوخذة) للمأكولات والمشروبات، واستراحة بحري، وصالة السمر، ومطعم شيمرز على الشــــــــاطئ في ميناء السلام.

بعد التسوق والطعام، لا بد أنه كان نهارا طويلا وممتعا، ولذلك لا بد لقسط من الراحة، سيؤمنها أحد فنادق المدينة كفندق ميناء السلام الذي يضم 292 غرفة وجناحا، يحتضنها بناء ذو شكل فريد تزينه أبراج هواء تقليدية، أو فندق القصر الذي يتوسط المنتجع ويضم 292 غرفة وجناحا، ويعتبر جوهرة التاج في مدينة جميرة، حيث يحاط القصر بالماء من كل جانب وكأنه جزيرة، ويطل على أبراج الهواء التقليدية والبرك الممرات المائية، ويتمتع بشاطئه الخاص الخلاب.

هناك أيضا فندق دار المصيف واسمه يدل عليه، فهو عبارة عن منازل صيفية موزعة في أرجاء المنتجع المختلفة في 29 مبنى منفصلا بعضها عن بعض، وتحيط به الحدائق الغنّاء والممرات المائية، يضاف إلى ذلك إطلالة ساحرة على الشاطئ. ويمكن للزائر أن يستخدم القوارب الصغيرة (العبرات) للتنقل في المدينة، فجميع مرافق المنتجع يتصل بعضها ببعض من خلال الممرات المائية، وتعد العبرات وسيلة النقل الأساسية التي تصل هذه المرافق بعضها ببعض.

في المساء ولمزيد من الاسترخاء، يمكنك التوجه إلى أحد أشهر النوادي الصحية بدبي، وهو أحد نوادي مدينة الجميرة، حيث يتمتع «تاليس سبا» بجو مفعم بالراحة والاسترخاء، ويمكن الوصول إليه بوساطة «العبرا» من خلال الممرات المائية التي تحيط بها الحدائق شبه الاستوائية والأشجار والأزهار، أما في الداخل حيث التصاميم المكونة من الأقمشة الراقية ذات ألوان تبعث على الدفء والهدوء، وتنشر الوسائد الوثيرة في كل مكان، فتنتظرك عدة طرق للعناية بالجسم والبشرة من خلال 26 غرفة للمعالجة تتوافر فيها مختلف أنواع جلسات المعالجة، سواء بالمغطس أو البخار أو بالكريستال والضوء أو المعالجة المائية أو غيرها، كما تتوافر لكل غرفة شرفة خاصة وحديقة، وتوجد ثلاث خيم للمعالجة وضعت بين القناة المائية والحدائق، وتتراوح أنواع المعالجات بين السويدية والتايلاندية وتدليك البالينيز إلى معالجات أخرى تعود جذورها إلى أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.

ولا تقتصر شهرة مدينة جميرة في كونها مقصدا سياحيا بمزايا كثيرة، بل كمكان مرموق لإقامة المعارض والحفلات والمؤتمرات، وتتضمن القاعات والتسهيلات المتوافرة لهذا الغرض في مدينة جميرة: قاعات المدينة للمؤتمرات، وتعتبر القاعة الأكثر شمولية للقاءات والاجتماعات على مستوى المنطقة. تم بناء القاعة لتكون قريبة من البحر، وتبلغ مساحة القاعة الكبرى 1844 مترا مربعا والصغرى 388 مترا مربعا، وتحتويان على تجهيزات متطورة وتتميزان بتصميمات مستوحاة من التراث العربي.