فنادق النمسا تتنافس فيما بينها.. وتغير برامجها من أجل السياح العرب

حلول شهر رمضان في منتصف الصيف يقلق الموسم السياحي في أوروبا

النمسا بانتظار السياح العرب
TT

منافسة على أشدها بين أكبر الفنادق النمساوية هذا العام لجذب السياح العرب، والخليجيين على وجه الخصوص، والسبب ليس شهر الصيف فحسب بل شهر رمضان، إذ يتحسب النمساويون لحلول شهر الصوم صيفا، مما سيؤثر سلبا على الموسم السياحي النمساوي، لكون العرب يحبون قضاء رمضان في ديارهم، مما يعني أن فترة عطلة السياح العرب هذا العام لن تمتد طيلة شهري الصيف، رغم كل الإغراءات والتسهيلات التي تقدمها تلك الفنادق.

في سياق مواز تشهد العاصمة النمساوية فيينا، هذه الأيام، حضورا خليجيا أكثر ما يظهر في قلب المدينة السياحي حيث تموج أفواج وأفواج من الملابس الخليجية، خاصة النسائية المميزة.

وبالمقابل لجأت الفنادق الكبرى في المدينة، ودون استثناء، لإجراء كثير من التعديلات، بهدف راحة نزلائها العرب، من ذلك، على سبيل المثال، تمديد فترة الفطور صباحا حتى الساعة الثانية عشرة، مع ملاحظة أن الفطور عادة يبدأ في السادسة والنصف صباحا، ولا يطول موعده بعد العاشرة.

من جانب آخر نظمت هذه الفنادق أمورها، بحيث تظل فرق عاملة بمطابخها طيلة الـ24 ساعة، وسيتم تقديم العشاء إلى ساعات الفجر الأولى. وفي هذا السياق أشار مدير فندق «ماريوت» لصحيفة محلية إلى أن العرب يسهرون، مما يستدعي بالضرورة أن تنشط بعض المقاهي والمطاعم بالمدينة لما بعد منتصف الليل، ووفقا لهيربرت ماير، صاحب مطعم بمنطقة القرابن الفخمة، فإن الزبائن العرب يستحقون أن تتوفر لهم خدمات، خاصة أنهم من أهم السياح الذين يزورون النمسا، وتعول السياحة في البلاد على إنفاقهم، لذلك فإن المحال السياحية لا تتردد في تغيير ساعات عملها والابتكار لإضافة أطعمة وبرامج خاصة.

وتقدر إحصاءات رسمية أن السائح العربي الثري لا يقل مصروفه في اليوم عن 200 يورو، وذلك ما يفوق إنفاق الأميركي والألماني، أما الصيني، وفقا للإحصاءات ذاتها فلا ينفق أكثر من 20 يورو في اليوم الواحد.

من جانبها لم تغفل تلك الفنادق التي تلتزم عادة بقوائم طعام «محددة ومحدودة» من الخوض في تجارب تقديم أنواع جديدة من الأطعمة إرضاء للعرب. وكما يوضح مسؤول من مطبخ فندق «هيلتون اشتات بارك» أن فنادقهم، وهي ثلاثة في فيينا، تحرص على إعداد أطباق أكثر من الأسماك وأطعمة البحر، بجانب مشويات من الضأن والدجاج والعجل، بالإضافة لاستحداث أطباق شرق أوسطية، كالحمص والكفتة والتبولة، وحتى الفلافل، ليس ذلك فحسب، بل عمد أكبر هذه الفنادق وأكثرها ازدحاما بالزوار العرب إلى تخصيص حديقة خارج مبنى الفندق كركن للشيشة. وبالسؤال عن الشيشة، خاصة أنها ليست رائجة في فيينا، اتضح أنهم يستخدمون تبغا يستوردونه من مصر، ثم يطيبونه بنكهات مختلفة من عدة أنواع من الفاكهة، بما في ذلك الفراولة والأناناس. ومما ذكره أن كثيرا من زبائنه قد نصحوه باستيراد التبغ من البحرين، باعتبار أن تبغ شيشتها هو الأجود.

وردا على سؤال عن القوانين النمساوية الصارمة ضد التدخين والمدخنين، التي يدور حولها نقاش ساخن هذه الأيام، أشار إلى أن التدخين ممنوع في المرافق العامة بالفندق. مضيفا أن هذا الركن لا سقف له، ويعتمد على شماسي ومظلات نهارا، كما أنه يقع خارج الفندق.

مشيرا أن طلبيات الشيشة لم تعد تقتصر على العرب، بل جربها نمساويون، وأصبحوا من زبائنها، رغم أنها تعتبر غالية نوعا ما، إذ يصل ثمن الواحدة منها إلى 12 يورو.

من جانبه، لم يكتف فندق مثل الـ«إنتركونتيننتال» بإضافة أصناف كثيرة، من مأكولات عربية لقوائم طعامه، بل، كما أوضحت لـ«الشرق الأوسط» في رسالة إلكترونية مديرة الاتصالات، السيدة بريتا نويبر شرنك، إنهم يخصون ضيوفهم بهدايا استقبال، عبارة عن مصحف وسجادة وبوصلة وتمور، كما تم تنوير فرق عاملة بالفندق بالثقافة العربية وما هو مقبول وما هو مرفوض. ويزيد على ذلك فندق الـ«إمبريال»، الذي أكد مسؤول من كبار مشرفيه في حديث سابق مع «الشرق الأوسط» أنهم يعمدون لتغطية تمثال وضع عند افتتاح الفندق منذ عهد الإمبراطورية، يمثل جسد آلهة عارية، يقف في أعلى السلم الداخلي، عندما يكون من نزلائهم كبار المسؤولين العرب والمسلمين.

وعند السؤال عما يعجب الزوار العرب في فيينا وبقية المدن النمساوية، التي أمست منافسا خطيرا لدول كانت في مقدمة المدن المفضلة سياحيا، مثل جنيف وباريس ولندن، يجيء الإجماع أولا على الأمن والنظافة والهدوء، ومن ثم الجمال الطبيعي ووفرة الخيارات بين النزهات البرية والجبلية والبحرية، بالإضافة لروعة البحيرات. هذا مع تنوع المنتزهات العامة العامرة بالألعاب والمقاهي والأماكن السياحية وقربها من قلب المدينة، جنبا إلى جنب مع تلك الأسواق، التي ما تزال بضائعها تحمل في طياتها نكهة راقية مميزة، أقل شعبية مما توفره أسواق معروفة في العواصم الأخرى، مما يحقق شيئا من التميز.

مما يجدر ذكره، أن النمسا في السنوات الأخيرة نجحت في تقديم نفسها كموطن للسياحة العلاجية والاسترخاء الطبي، وما يعرف بمزارع الجمال، مما دفع بسفارات بعض الدول لتعيين موظفين محليين، يجيدون اللغة، ويعرفون دروب البلد، فأصبحوا كأنهم قناصل طبيون.

لكن رغم الإنفاق السياحي العربي الوفير، بدرجة جعلت البعض يصفه ببقرة حلوب تدر أموالا طيلة الصيف النمساوي، فإن حلول شهر رمضان في منتصف فصل الصيف هذا العام قد يؤثر سلبا على موسم السياحة في فيينا وباقي المدن والعواصم الأوروبية، وهناك كثيرون ممن لا يخفون ارتياحهم لحلول الشهر الفضيل صيفا، مثل أصحاب المتاجر والمطاعم بإقليم سالزبورغ، ومنطقة كابرن.

وتشير دراسات أن منطقة بحيرة سلم إم سي، التي يسكنها حوالي 9700 نسمة، تشهد صيفا زيارة 100 ألف عربي تجذبهم معالم سياحية تفتقدها منطقة الخليج، ومن ذلك وجود شلالات متدفقة، وثلوج صيفية في قمم الجبال، التي يكسو سهولها اللون الأخضر، بينما تنساب مياه بحيراتها زرقاء رقراقة شديدة الجمال والعذوبة، يضاف لكل ذلك مرافق سياحية تقدم خدمات من الدرجة الأولى الممتازة.