التسوق.. بعد جديد في معادلة السياحة الماليزية

حان وقت الذهاب إلى نيويورك الجديدة

مركز «بافيليون - كوالالمبور»
TT

مع إطلاق ماليزيا لأكبر مهرجانات التسوق لصيف هذا العام، تبدو العاصمة الماليزية كوالالمبور بمراكزها التجارية العالمية، وأسواقها الضخمة المتعددة، لزائرها سوقا كبيرة مفتوحة تعج بالزوار والمتسوقين ليلا ونهارا من مختلف أنحاء العالم.

ومهرجان التسوق لهذا العام، الذي أطلقته وزارة السياحة الماليزية في 24 يوليو (تموز) الماضي، ويستمر حتى 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، بتظاهرة إعلامية، شاركت فيها وفود من 19 دولة، ضمت 190 إعلاميا وصحافيا واختصاصي تسويق ومبيعات، جاء مؤكدا لحقيقة أن سياحة التسوق تشكل اليوم بُعدا جديدا في معادلة السياحة الماليزية، حيث يتوقع أن يجتذب المهرجان خلال 55 يوما أكثر من 3.5 مليون زائر من مختلف بلدان العالم، تتاح لهم فرصة الحصول على احتياجاتهم من السلع والبضائع المعروضة في مختلف الأسواق والمراكز التجارية، بتخفيضات تتراوح ما بين 10 إلى 70 في المائة مع هدايا قيمة يحصلون عليها، نظير شراء كميات معينة من السلع.

وتوضح وزيرة السياحة الماليزية، الدكتورة نيق يان يان، أن مهرجان ماليزيا للتسوق، ثمرة من ثمار الشراكة الناجحة بين الحكومة والقطاع الخاص الماليزي، لتحقيق هدف مشترك، هو جعل ماليزيا واحدة من أهم مقاصد سياحة التسوق والاستمتاع بالعطلات في العالم.

ورغم تعدد وثراء المنتج السياحي الماليزي وتنوع أشكاله، بحكم تعدد الأعراق والثقافات والبيئات التي يتوفر عليها هذا البلد بموقعه الاستوائي وتركيبته السكانية المتعددة والمتجانسة التي جعلته مجسدا لقارة آسيا الحقيقية كما يطلقون عليه، فإن إدارة السياحة كصناعة بالمعنى الحقيقي لهذا المفهوم، تفرض على القائمين على هذا القطاع العمل باستمرار على تنويع منتجهم السياحي وتطويره، بما يجعله ملبيا لرغبات ومتطلبات الزوار من مختلف البيئات والثقافات.

وتأسيسا على ذلك تعمل الجهات المعنية على الارتقاء بسياحة التسوق وتطويرها لتدرج اليوم على خارطة المنتج السياحي، وتعزز قدرة ماليزيا التنافسية في سوق السياحة الدولية، وتمكنها من اجتذاب المزيد من الزوار وخاصة بعد أن أضحت العاصمة كوالالمبور، أحد أهم وأكبر المراكز التجارية والاقتصادية في جنوب شرقي آسيا والعالم.

في حديثه لـ«الشرق الأوسط» يكشف محمد زواوي، مدير قسم الترويج الدولي، لمنطقة شمال وشرق آسيا، بوزارة السياحة الماليزية، أن مهرجانات التسوق الثلاثة التي تقام على مدار العام (يوليو - سبتمبر، ونوفمبر «تشرين الثاني» – يناير «كانون الثاني»، ومارس «آذار» - مايو «أيار») تنامت بشكل متسارع خلال السنوات الماضية، وأخذت تجتذب أعدادا متزايدة من الزوار، بالنظر لتزايد أعداد المراكز التجارية العالمية في كوالالمبور، وارتفاع جودة المنتجات الماليزية، وتدفق السلع والمنتجات من مختلف الماركات، مستفيدة من الإعفاءات والتسهيلات الممنوحة، بالإضافة إلى شهرة ماليزيا كأحد أهم المقاصد السياحية في العالم.

ويوضح زواوي التنامي الملحوظ في حجم سياحة التسوق، بالإشارة إلى أن مهرجان التسوق الأول في عام 2006م، كان يستهدف جذب 12 ألف زائر فقط، فيما يتوقع أن يستقطب مهرجان هذا العام 3.5 مليون زائر من مختلف الجنسيات، مشيرا إلى أنه على الرغم من كون ماليزيا أحد أهم 10 مقاصد سياحية في العالم، واستطاعت اجتذاب 23 مليون سائح العام الماضي، لتحقق عائدات بلغت 16 مليار دولار، فإن مستوى إنفاق زوارها ما زال دون المطلوب، لافتا إلى أن تعزيز سياحة التسوق يشكل أحد المداخل لزيادة مستوى إنفاق السياح، وتحقيق المزيد من العائدات.

وسياحة التسوق بحسب المسؤول الماليزي، ليست مجرد حصول الزوار على احتياجاتهم من السلع والمنتجات وبأسعار مناسبة، لكنها تجربة للمتعة والتذوق والمثاقفة بين الشعوب والأمم، فالتسوق في عصر تنافس الأسواق والعولمة، فضاء آخر للتقارب والتعايش وانصهار الثقافات.

وبتعداد سكانها البالغ 1.7 مليون نسمة، وبنياتها التحتية المتطورة، تعد كوالالمبور واحدة من أكثر مدن العالم جاذبية ونشاطا، خاصة بعد احتضانها لدورة ألعاب الكومنولث عام 1998، وتنظيمها سباق «الفورميولا 1» السنوي منذ العام 1996م، الذي يحظى بمتابعة واهتمام 600 مليون شخص حول العالم، وغير ذلك من الفعاليات التي ساهمت في إطلاق شهرة ماليزيا السياحية.

إن العاصمة الماليزية، بأسواقها ومراكزها التجارية الضخمة التي تعرض إلى جانب السلع والمنتجات من أشهر الماركات التجارية العالمية، من أزياء وعطور ومستحضرات تجميل وحلي ومصوغات، الصناعات والمنتجات الماليزية بجودتها العالية، من ملبوسات وأجهزة إلكترونية وسلع استهلاكية فضلا عن منتجات الحرف اليدوية المبهرة، التي تعكس عمق وثراء الثقافة التقليدية، لتقدم فسيفساء رائعة لتراث ماليزيا، تعد هذه المدينة جنة لمحبي التسوق والتذوق وللراغبين في الحصول على أحدث صيحات وصرعات الموضة، وأحدث ما أنتج من تقنيات الاتصال والتواصل في نسخها الرقمية المدهشة.

ولأن المراكز التجارية بطبقاتها المتعددة، وأساليب عرضها الجذابة تغري الزائر بالتجوال لساعات طويلة، دون شعور بالتعب أو الملل، فأنتم بحاجة لالتقاط أنفاسكم واستعادة نشاطكم بين الحين والآخر، بالجلوس في المقاهي والمطاعم والمتنزهات، المنتشرة في أرجاء هذه المراكز والأسواق وحولها للاستمتاع بالمشروبات والمأكولات الشهية الفريدة التي تقدمها المطاعم والمقاهي.

ولما كان من الصعب الإشارة هنا إلى كل الأسواق والمراكز التجارية المنتشرة في كوالالمبور، لعددها الذي لا يحصى، فنكتفي هنا بالإشارة إلى أهم وأبرز المراكز التي لا بد لكم من زيارتها للتسوق والاستمتاع والتذوق.

لا بد لعشاق التسوق من زيارة مركز «بافيليون – كوالالمبور»، كمجمع تجاري صمم في الأساس ليوازي نظيريه في نيويورك وطوكيو، والذي يقع في منطقة المثلث الذهبي القلب التجاري للمدينة.. هذا المركز بإعلاناته الجدارية الضخمة وطوابقه السبعة، يضم 450 متجرا تقدم تشكيلة ضخمة من المعروضات ذات الماركات التجارية العالمية من ملابس وعطور ومستحضرات تجميل وأجهزة إلكترونية، كما يضم سلسلة من المقاهي والمطاعم الراقية، والأندية الصحية.

وينظم مركز «بافيليون - كوالالمبور» خلال مهرجان التسوق عروض أزياء لمصممين عالميين ومحليين، تعرض خلالها أحدث صيحات الموضة.

وقد تعجبون إذا علمتم أن هناك ثلاثة فروع لمحلات «هارودز» الشهيرة في لندن هنا في كوالالمبور، الأول في منطقة سورية كي سي سي بوسط المدينة، والفرعان الآخران في مطار كوالالمبور الدولي، وتوفر فروع «هارودز» الثلاثة منتجات وبضائع تبدأ من أبسط الاحتياجات الأكثر رفاهية، وحتى في حال عدم وجود رغبة لديكم للشراء، فالزيارة تمكنكم من الاستمتاع بوجبة رائعة من المطبخ الإنجليزي في أحد فروع هذا المتجر العريق.

وهناك أيضا برجا تايم سكوير وهما من أكبر المراكز التجارية في كوالالمبور، بأكثر من 900 محل تجاري و1200 غرفة فندقية فاخرة، بجانب 65 مطعما، وسينما ثلاثية الأبعاد، كما يضم البرجان مدينة ملاهٍ متكاملة، من أشهر معالمها لعبة أطول قطار رعب في منطقة آسيا والباسفيكي.

ويعد مركز «سوغو – كوالالمبور» واحدا من أكبر المجمعات التجارية في جنوب شرقي آسيا، ويتكون من 8 طوابق ويجد فيه المتسوق كل ما يخطر وما لا يخطر على البال من أبسط المنتجات إلى أكثرها رقيا وأناقة.

ثم مجمع سورية كي سي سي أحد فروع «هارودز» ويقع عند قاعدة برجي بتروناس، أحد أهم معالم كوالالمبور، ويتميز هذا المجمع بعرض أكثر الماركات العالمية طلبا وشهرة (هيرميس وستوارت ونودز) بجانب معرض لمنتجات جيمي تشو ومطاعم ومقاه راقية، ونافورات ومتنزه ضخم مجاور يضفي لمسة ساحرة على تجربة التسوق.

ولما كان مطار كوالالمبور الدولي واحدا من أفضل المطارات في العالم، فإن التسوق في معارضه المتعددة متعة لا تضاهى، وتضم أسواق المطار فروعا لمراكز تجارية عالمية، كـ«مارك»، و«جاكوبز»، و«هارودز»، و«لاكوست»، و«مانجو»، بالإضافة إلى معارض خاصة بالأطفال والشوكولاته.

وهناك بجانب هذه المراكز، الكثير من الأسواق الأسبوعية التي تعرض السلع والبضائع والمستلزمات، ولا بد من التذكير هنا بأن التخفيضات المعلن عنها التي تصل إلى 70 في المائة، تعد قابلة للتفاوض في كثير من المحلات، للحصول على مزيد من التخفيض.

ويقام بالتزامن مع مهرجان ماليزيا للتسوق عدد من الفعاليات الفنية والثقافية المتنوعة في عدد من المواقع التراثية في كوالالمبور، مثل قصر ايستانا بودايا، وجالانتنكو عبد الرحمن وسنترال ماركت وبرجي بتروناس، ومواقع أخرى، تهدف هذه الفعاليات إلى تسليط الضوء على التراث الثقافي والفني الماليزي، من خلال تقديم حفلات موسيقية وعروض مسرحية ومعارض تشكيلية وبرامج أخرى متنوعة.

وتوفر مراكز المعلومات المنتشرة في كوالالمبور المطبوعات والأدلة الإرشادية والخرائط، التي تضم أسماء المراكز والأسواق وأهم المعالم السياحية وأرقام هواتفها يسهل الوصول إليها.

لا شك أن توفر البنى التحتية اللازمة لإنعاش سياحة التسوق، ممثلة بمراكز تجارية عالمية وأسواق متنوعة، توفر أنواعا مختلفة من السلع المتطورة والخدمات، وتقدم خلال مهرجانات التسوق تخفيضات مقدرة على السلع المعروضة، بالإضافة إلى توفر وسائل التنقل والمواصلات وتعدد أنواعها، وسهولة التنقل والتجول داخل المراكز التجارية من خلال سلالم آلية، يضاف إلى كل ذلك توفر أعلى درجات الأمن والحفاوة والترحيب والابتسامة التي يقابل بها المتسوقون، كل ذلك جعل من ماليزيا إحدى أهم قبلات سياحة التسوق في العالم.