فندق «بيت روز» مبنى قديم في موقع مميز.. يعبق برائحة الورد الجوري

.. وأصبح للوردة الشامية عنوان

مفردات البيت الدمشقي التقليدي
TT

اشتهرت مدينة دمشق ومنذ أن تكونت عبر التاريخ بالكثير من المفردات التي تحولت عبر القرون والسنين إلى بصمات مميزة طبعتها بسماتها. ولعل أبرزها أماكنها التاريخية ونهرها المتعب بردي وغوطتها الغناء المجهدة وشجيرات ياسمينها الفواح المتسلق على جدران البيوت العتيقة ونارنجها الزاهي وكبادها الغافي بين أحضان باحات القصور والمنازل التقليدية، هذه الشجيرات الخضراء التي لا يمكن لبيت تقليدي دمشقي أن يخلو منها، يحتفي باخضرارها وعطرها الدمشقيون في كل الأوقات والأيام، ولكن وحدها (الوردة الشامية)، وهي صنف من الورد الجوري الشهير، أبت إلا أن تكنى باسم حاضنتها الأبدية دمشق الشام، حيث وجدت هذه الوردة من أجلها فاحتفل بها من خلال مهرجان سنوي يقام أواخر ربيع كل عام.. ولكن إذا كان الاحتفاء بالوردة الشامية بمهرجان يستمر عدة أيام وينتهي فإن أرادت المهندسة المعمارية ماري جرجور أن تحتفي بهذه الوردة العريقة ذات الألوان الزهرية الزاهية في كل الأيام ولكن كيف؟ سألت نفسها ليحضر الجواب من خلال تأسيس فندق يأخذ اسم الوردة وتمتلئ ردهاته وباحاته وسطحه المرتفع بأصصها وأزهارها الجميلة، وبالفعل تحقق الحلم والاحتفاء الدائم ليولد فندق «بيت روز» أي بيت الوردة الشامية في قلب دمشق القديمة ولينطلق قبل أشهر قليلة فاتحا أبوابه لاستقبال زوار دمشق والباحثين عن جلسة شاعرية بجانب أجمل ما قدمته الطبيعة لدمشق (الوردة الشامية).

بيت روز والوصول إليه وأقسامه : في منطقة تكتظ بمعالم وأوابد وأزقة ضيقة تحول بيت دمشقي تقليدي إلى فندق «بيت روز» بعد أشهر طويلة من أعمال الترميم والإصلاح وجهد كبير حتى يأتي متناسبا مع أهمية اسمه والرمز المحتفى به، أي الوردة الشامية، ففي شارع بدمشق القديمة يسمى (سفل التلة) هنا ولد وافتتح فندق «بيت روز» في شهر أبريل (نيسان) الماضي لينضم إلى عشرات الفنادق والنزل التراثية والمطاعم في البيوت الدمشقية العتيقة، وفي منطقة لا أدري لماذا أطلق عليها الناس هكذا وأخذت فيما بعد تسمية دارجة رسمية فمنها تنطلق تلة مرتفعة قليلا وسط دمشق القديمة وحيث يرتفع وكان من الأجدى تسميتها أول التلة أو بدايتها هنا في هذا المكان المرتفع يقع فندق «بيت روز» الذي يمكن الوصول إليه من اتجاهين فالسائح القادم من سوق مدحت باشا باتجاه الشارع المستقيم الشهير وقبل أن يصل لباب شرقي ومفرق حي القشلة ينعطف يمينا في أزقة ضيقة مرتفعة، حيث تواجهه مدرسة خاصة قديمة وكنيسة يوحنا الدمشقي لينعطف يمينا أيضا وليسير نحو 300 متر بين بيوت تقليدية ومطاعم وكافيتريات وحيث يوجد غاليري قزح سينتهي به المطاف وقبل أن يصل لنهاية الشارع النازل من التلة إلى طريق القشلة سيرى على يساره بناء جميلا مرمما حديثا وسيقرأ من لوحته اسم الفندق أي «بيت روز». الطريق الثاني الذي يمكن أن يسلكه السائح للوصول إلى الفندق هو للقادم من منطقة القصاع وباب توما، حيث يأخذ طريق القشلة وقبل نهاية الطريق وتقاطعه مع الشارع المستقيم ينعطف يمينا نحو زقاق مرتفع وعلى يمين بداية الزقاق سيكون أمام الفندق، كما يمكن للسائح وعبر الاتصال بإدارة الفندق أن يأتوا به من أي مكان جاء منه إلى دمشق إن كان مطارها الدولي أو مرآب الحافلات في منطقة حرستا أو كان يتجول في معالمها وبين أوابدها.

يشرح سومر هزيم، مدير الفندق وصاحبه، المراحل التي مر بها البيت حتى أصبح جاهزا ليكون فندقا: «اشترينا البيت قبل أربع سنوات وكان في حالة معمارية أقل من الوسط، حيث يبلغ عمر البيت نحو 120 سنة وخضع في تاريخه لعملية ترميم واحدة في عام 1940 فانطلقنا بترميمه وإصلاحه وأشرفت على ذلك والدتي ماري جرجور وهي مهندسة معمارية بحيث تمت المحافظة على كل عناصره المعمارية القديمة مع تجميلها وأبقينا على الأرضية كما هي حتى يشعر المقيم والزائر بمرور الزمن على بلاطها ولكن غيرنا الأسقف وأضفنا بعض الديكورات الجديدة وأبقينا الفرش القديم واستخدمناه بعد إجراء بعض الإصلاحات عليه وجاء أجمل من الفرش الحديث، والفندق على مساحة 130 مترا مربعا يضم سبع غرف في طابقين ففي الطابق الأول هناك ثلاث غرف مع سويت وفي الثاني ثلاث غرف ويضم البيت قبوا كان يسمى «بيت المونة» وقد استخدم كحمامات ملحقة بالغرف ولكن بالطراز العربي، حيث يتميز بتناوب الحجارة فيه ما بين الأحمر والأبيض والأصفر وهناك حمامات دخل فيها عنصر القيشاني كزخرفة معمارية تزين الأرضيات بألوانها الزرقاء والخضراء وبشكل معماري رائع والبيت مبني من الحجر البازلتي الأسود مع وجود زخارف متنوعة تسمى الطوان وخطوط عربية هندسية ونباتية ورسومات زخرفية رممناها واستفدنا منها بتنفيذ ما يشابهها في أمكان أخرى من البيت غير موجودة فيه وكأي بيت دمشقي تقليدي هناك الإيوان الذي خصص لجلوس النزلاء مع تقديم الضيافة الدمشقية لهم وبشكل مفتوح من النوكا وحلويات قمر الدين المجففة على شكل شرائح صغيرة، وفي باحة المنزل هناك البحرة التزيينية ومبنية من الحجر المزاوي العريق وما يميز الفندق أن النزيل فيه يشعر بالحميمية والعلاقة الخاصة مع إدارة الفندق وموظفيه بحيث يمكن للسائح أن يجالسهم ويتحدث معهم وكأنه بين أسرته، وما يميز الفندق أيضا الجلسة الشاعرية على سطحه المرتفع (التراس) حيث توجد طاولات وكراسي لاستقبال النزلاء والسياح من دون أي مقابل والجميل هنا أن الجالس على السطح حيث يشرب كأس شاي أو يقرأ في كتاب وهو في قلب المدينة القديمة يمكنه مشاهدة كل معالمها وحتى قسم كبير من مناطق دمشق الحديثة فارتفاع البيت ووجوده على تلة حيث صنف كأعلى منزل في منطقته سمح للجالسين بالاستمتاع بهذه المناظر الخلابة، خاصة في الليل حيث يشاهد أنوار دمشق متلألئة كما يشاهد جبل قاسيون وتراساته المرتفعة بأنوار جاداته المرتفعة فالمكان هنا يقدم للسائح منظرا لن ينساه وسيظل في ذاكرته لسنوات طويلة عندما يعود لبلده فالكثير من زوار الفندق كتبوا انطباعاتهم ومنها مثلا: إنك من دمشق القديمة ترى دمشق الحديثة بمنظر بانورامي جميل. أمر غير عادي واستثنائي يقولها بكثير من الدهشة والتعجب هؤلاء. ومنهم من كتب معلقا: إنه لشيء رائع عندما أنهيت تجوالي في الأسواق القديمة ومع حرارة الصيف المرتفعة دخلت إلى الفندق فشعرت بباردة تسري بجسمي وتناولت كأس عصير بجانب نافورة الماء فأعطاني ذلك أحاسيس حميمية لن أنساها مطلقا! والفندق، كما يقول سومر، استقطب وعبر مسيرته القصيرة الكثير من الشخصيات الفنية العربية والأجنبية الذين ارتاحوا للإقامة فيه ومنهم عازف العود العراقي المعروف نصير شمة الذي كلما زار دمشق لا يرضى إلا النوم في فندقنا، حيث أعجبه المكان كثيرا وفيه يلتقي أصدقاءه ويعزف على عوده في جلسات شاعرية.

الخدمات التي يقدمها الفندق لنزلائه ومعلومات عنه تهم السائح: يقدم الفندق الكثير من الخدمات للسياح فهو يأتي بهم من المطار كما يؤمن لهم حجوزات لزيارة أماكن خارج دمشق مع تأمين وسيلة النقل لهم وحسب طلبهم، كما تقدم لهم كل المعلومات مكتوبة وعلى سيديهات عن الأماكن السياحية السورية والمطاعم التي يمكنه تناول الطعام فيها وتصنيفاتها وخصائصها وأسعارها والخدمات التي تقدمها لروادها، نحن نجيب عن أسئلة السائح قبل أن يسألها، التي يمكن أن تدور بذهنه وحتى تلك التي لم تخطر على باله. يقول سومر بكل ثقة بالنفس: «ويمكن للنزيل أن يشرب المشروبات الساخنة والباردة في باحة المنزل وبجانب البحرة وعلى تراسه، ويمكنه استخدام خدمات الإنترنت والهاتف في الفندق، والأهم من ذلك أن الوردة الشامية هدية في كل غرفة من غرفه.. أليس الفندق بيت روز؟!».

أسعار الإقامة في الفندق: وهو مصنف بفئة الثلاث نجوم، والتسعيرة المعتمدة في وزارة السياحة السورية هي 100 دولار أميركي للإقامة بالغرفة المفردة لليلة واحدة وفي السويت السعر 150 دولارا أميركيا، ويقدم الفندق أسعارا مخفضة في أشهر الصيف، حيث تنخفض عدد الوفود السياحية الأجنبية القادمة لدمشق والتي تستخدم فنادق دمشق القديمة بكثرة، حيث تنشط في فصلي الخريف والربيع.