كويمبرا البرتغالية تتغنى بحدائقها الطبيعية

فيها أجمل الآثار الرومانية القديمة في العالم

تعتبر كويمبرا المطلة على نهر مونديغو مركزا للتعليم
TT

تعتبر مدينة كويمبرا في وسط البرتغال الغربي، على صغرها، وإلى جانب براغا، من أهم المناطق الحضرية والمدنية في البرتغال بعد العاصمة التاريخية لشبونة (جنوبا)، ومدينة بورتو المعروفة (شمالا).

ولا تبعد هذه المدينة التي لا يتعدى عدد سكانها الـ100 ألف نسمة، عن العاصمة أكثر من مائتي كيلومتر بالسيارة، وعن بورتو أكثر من مائة كيلومتر، وتكمن أهميتها على الأرجح ومنذ زمن طويل في جامعتها المهمة والمشهورة، جامعة كويمبرا، التي على غرار سلمانكا شمال غربي إسبانيا كانت أولى الجامعات الأوروبية والبرتغالية والعالم الذي يتكلم البرتغالية نفسه، ولهذا على الأرجح كانت المدينة عاصمة للبلاد خلال القرن الثاني عشر.

ولا تزال المدينة التي تتربع على أحد التلال على ضفاف نهر مونديغو، حتى الآن، مركزا تعليميا بالدرجة الأولى برتغاليا وأوروبيا ودوليا، إذ يتواجد فيها الكثير من الطلاب الأجانب، مما يمنحها نكهة دولية خاصة، إضافة إلى محليتها الطبيعية والجميلة. ولهذا أيضا تتمتع بالكثير من الخدمات التي يحتاجها السائح والزائر على مدار العام.

ويقال إن المدينة التي يطلق عليها بالعربية اسما بقلمرية أو قلنرية، كانت من المدن البرتغالية التي لعبت دورا مهمة خلال وجود المسلمين في الأندلس، إذ كانت أشبه بمحطة تجارية رئيسية بين مناطق إسبانيا المسيحية الشمالية ومناطق المسلمين في الجنوب، بعدا أن احتلها المسلمون عام 711، وقبل أن يحتلها ملك قشتالة فرديناند الأول بداية القرن الحادي عشر.

وبعد استقرار المسيحيين البرتغال فيها أصبحت المدينة عاصمة الإقليم الذي يحمل اسمها، ولاحقا عاصمة المملكة، مملكة ألفونسو انريكي حتى منتصف القرن الثالث عشر. ولا تزال آثار المدينة الأصلية والقديمة، التي تعود إلى أيام الرومان موجودة في المدينة التي كان يطلق عليها اسم «ايمينيوم» (Aeminium). لكن الاسم الحديث كويمبرا جاء من اسم البلدة القريبة، التي دمرها السويبيون قديما وهي بلدة كويمبريغا (Conimbriga)؛ إذ بعد أن دمرت البلدة رحل سكانها إلى ايمينيوم، ولاحقا فرضوا اسمها الجديد. ويمكن للسياح رؤية ومشاهدة آثار الأزقة والقناطر الرومانية القديمة تحت متحف متشاذو دي كاسترو، التي تعتبر أهم الآثار الرومانية التي تم الحفاظ عليها في العالم خارج إيطاليا، إلى جانب بعض معالم مدينة بعلبك اللبنانية.

وكانت هذه الأزقة والقناطر جزءا من المدينة الرومانية القديمة بالطبع، التي تم بناؤها لدعم المنتدى الذي بناه الرومان فوقها كساحة للتجارة والترفيه، وخلال القرون الوسطى تم بناء مقر البطريرك فوقها. وهي فعلا من أجمل الآثار الرومانية التي يمكن رؤيتها في أي مكان، فمن حيث الحجم، فهي عالية جدا وحجرية وضخمة وتتبع القناطر، بعضها لا يفصل بينها إلا الضوء.

مهما يكن، وكما سبق وذكرنا، لم تصبح للمدينة أي أهمية إلى عام 1290 أي بعد تأسيس الجامعة الكبرى التي تعتبر هذه الأيام محطة سياحية دولية بحد ذاتها لجمال مبانيها وأهميتها التاريخية والعلمية.

ولأنها في المناطق الغربية الوسطى، فلا يعني ذلك أنه لا يمكن للسائح الوصول إلى الشواطئ البرتغالية والتمتع بالمناطق الساحلية البرتغالية وخيراتها أيضا في فصل الصيف، ويمكن بسهولة استقلال القطار أو الحافلات الرسمية رخيصة السعر إلى مدينة فيغيريا، التي لا تبعد أكثر من أربعين كيلومترا، وتعتبر جزءا من منطقة كويمبرا نفسها، وتضم هذه المدينة، إضافة إلى الشواطئ الجميلة وخدماتها البحرية، نخبة من الكازينوهات الخاصة بالترفيه في شبه الجزيرة الأيبيرية. وبالطبع هناك الكثير والكثير من النشاطات الرياضية المائية والمرافق الخاصة بها على الأطلسي. وللهاربين من المناطق الساحلية والسياحية وضجيجها، يمكن أن ينتقل من كويمبرا أيضا عبر استخدام المواصلات الحكومية الرخيصة إلى المناطق والبلدات الجبلية المجاورة كلوسا التي لا يتعدى عدد سكانها 15 ألف نسمة. وهذه البلدة أو المدينة الصغيرة هي مسقط رأس البرتغالي الشهير ليكور بييراو، وفيها قلعة قديمة يسترخي السياح حولها في المقاهي طوال العام.

وهناك أيضا بلدة بيناكوفا وبلدات لوسو وبوكاكو وكوريا اللاتي تعرف تاريخيا في عالم السبا أو بالعربية منتجعات العلاج بالمياه المعدنية الطبيعية الصحية. وتعتبر بلدة بوكاكو التي يطلق عليها أيضا اسم سيرا دي بوساكو من أجمل البلدات وأعلاها في المناطق القريبة؛ فهي جبلية وخضراء وقديمة يمكن منها مراقبة الأطلسي ووادي مونديغو، والتمتع بجمال المباني والفنادق القديمة التي يعود تاريخ بعضها إلى القرون الوسطى، وخصوصا قصر وفندق بوكاكو والقصر الوطني في الوسط. وهي أيضا كما ذكرت حرجية كبلدات جبل لبنان، ويكثر فيها شجر البلوط والفلين والكثير من الأشجار المثمرة وأنواع الطيور.

هذا لا يعني أن المدينة لا تقدم ما لذ وطاب للسائح من إمكانات وخدمات للتسكع والتمتع بالأحوال الجوية الطيبة، بل على العكس، فإنها إلى جانب حسناتها الجغرافية وقربها من هذه البلدات الجميلة والمثيرة والبعيدة عن العالم أحيانا، تملك ثروات طبيعية هائلة إلى جانب كثير من المتاحف والمتنزهات أو الحدائق والأسواق المحلية والحياة الليلية والمقاهي والمكتبات والكنائس وغيرها من المعالم الثقافية والتراثية المهمة.

ومن أهم المناطق التي تفترض زيارتها في المدينة هي دير سانتا كلارا فيليا أو سانتا كلير الذي تم بناؤه على الطراز القوطي على ضفة المونديغو اليسرى، من قبل الملكة إليزابيث في النصف الأول من القرن الرابع عشر. وقد تم إنقاذ الدير القديم والضريح الذي يضمه ونقله إلى تلة مجاورة، من فيضانات النهر في فصل الشتاء. وهناك أيضا دير سانتا كروز أو دير الصليب المقدس، المعروف أيضا بكنيسة سانتا كروز، الذي يعتبر تحفة وطنية وعالمية من الناحية المعمارية والدينية. ويعود تاريخ الدير الذي تضم مقبرته رفاة عدد من ملوك البرتغال ورجالها، إلى القرن الثاني عشر، وتم بناؤه خارج أسوار المدينة القديمة. وصمم الدير الجميل من الداخل على الطراز الرومانسكي الأوغسطيني.

وهناك أيضا من المعالم المهمة مبنى دير الكاتدرائية القديمة، وهو أهم مبنى في البرتغال، مصمم أو مبني على الطراز الرومانسكي المستوحى من عصر النهضة الإيطالي. وتم بناء الدير بعد معركة أوريكي بداية القرن الثاني عشر عندما أعلن الملك ألفونسو انريكي نفسه ملكا على البلاد. وهو لا يزال كمبنى أفضل بكثير من الكاتدرائيات التي تعود إلى نفس الطراز في العاصمة وبورتو وبراغا، والمبنى فعلا مذهل من ناحية الواجهة الرائعة والضخمة من الحجر البرتقالي أو الأرجواني اللون ببوابته البنية الكبيرة، ومن ناحية الساحات الداخلية والقناطر، والجهات المختلفة منه من ناحية القباب والأبراج.

وللهاربين من الآثار والكاتدرائيات على جمالها وروعة البيئة المحيطة بها، يمكن زيارة حديقة جامعة كويمبرا النباتية التي تم افتتاحها نهاية القرن الثامن عشر، وتم دمجها لاحقا في متحف العلوم الطبيعية. وتعتبر هذه الحدائق التي تنتشر على مساحة ثلاثة عشر هكتارا من الأراضي، من أجمل وأفضل الحدائق في القارة الأوروبية والعالم، وتقسم الحدائق إلى قسمين؛ الأول على رأس الوادي، وهو مجلل، والثاني في المنطقة الواطئة حيث تكثر نوافير المياه والطرازات الأوروبية.

من فنادق كويمبرا: فندق «استوريا» (Hotel Astoria) - العنوان: Av. Emidio Navarro n 21, 3000 - 150 Coimbra (Coimbra) - عدد الغرف: 62 غرفة - من فئة 3 نجوم - ابتداء من 55 يورو لليلة الواحدة، من أجمل فنادق المدينة عمرانيا بمبناه الفاخر والكلاسيكي وقبته الأمامية وبلكوناته وشرفاته القديمة والرائعة، وهو أيضا من فنادق وسط المدينة الجامعية التي تطل على نهر مونديغو الذي يقسم المدينة إلى قسمين، ويعرف الفندق بأنه أحد الفنادق الأوروبية والدولية المهمة والكلاسيكية في المدينة، ولذا فهو قريب فعلا من كثير من مرافق المدينة المهمة والمواقع السياحية والتجارية الرئيسية، ومنها مكتبة الجامعة الباروكية الطراز، ومتحف متشادو دي كاسترو، ومنطقة بايخا (Baixa) الرائعة والجميلة المعروفة بشوارعها المرصوفة بالحجارة الصغيرة ومقاهيها ومحلاتها التقليدية وكنائسها أيضا.

فندق «كويمبرا كومفورت إن المدينة» (Comfort Inn Almedina Coimbra) - العنوان: Av.Fernao Magalhaes, 199, 3000 - 176 Coimbra - عدد الغرف: 75 غرفة - من فئة 3 نجوم - ابتداء من 50 يورو لليلة الواحدة. جزء من سلسلة من الفنادق التابعة لمجموعة «كومفرت إن». يتمتع هذا الفندق الجيد بموقع ممتاز قريب من النهر، وتحيط به الحدائق من كل حدب وصوب، ويتمتع أيضا بإدارة ممتازة تركز على النوعية في الخدمات، ولهذا يؤمِّن الفندق معظمها في الغرف والقاعات العامة، أكانت ترفيهية أم اتصالاتية أم استرخائية، ويضم الفندق الزجاجي المبنى والحديث، مركزا للأعمال، ورجاله أيضا، ومصبغة للثياب، ومطعما وحانة ومقهى ذات نكهة برتغالية صرفة.

فندق «بست وسترن د. لويس» (Best Western Hotel D. Luis) - العنوان: Rotunda Da Ponte Santa, 3040 - 091 Coimbra - عدد الغرف: 100 غرفة - من فئة 4 نجوم - ابتداء من 45 يورو لليلة الواحدة. جزء من سلسلة «بست وسترن» للفنادق في البرتغال، يحتل الفندق أحد التلال المطلة على المدينة وعبر النهر الرئيسي، وهو عريض أبيض اللون لا تخطئه العين، ومحاط بالأشجار والخضار والحدائق. ولذا يعتبر أيضا من الفنادق البيئية القليلة في المنطقة والبرتغال، ولا يبعد الفندق كثيرا عن وسط المدينة، لذا يتمتع بحسنتي الهدوء والإتاحة على أحياء المدينة الأخرى وخدماتها. وتم تأثيث وتصميم غرف الفندق فقط لراحة الزبائن والمقيمين، الذي عادة ما يكون رجال الأعمال وأساتذة الجامعات جزءا منهم.

فندق «تريب كويمبرا» (Tryp Coimbra) - العنوان: Av Armando Gonçalves Lote 20, 3000 059 Coimbra - عدد الغرف: 133 غرفة - من فئة 4 نجوم - ابتداء من 45 يورو لليلة الواحدة - جزء من سلسلة «تريب» للفنادق في البرتغال. هذا الفندق أيضا ذو واجهة زجاجية ضخمة وكبيرة، فهو من فنادق المدينة الكبيرة والحديثة التي بدأت تركز مؤخرا على الخدمات السياحية والعائلية والتجارية والدولية، وتعنى بنشاط رجال الأعمال والمؤسسات الرسمية والخاصة، لكن مع هذا فإنه من الفنادق المريحة والجميلة من ناحية التصميم الداخلي والغرف الكبيرة والأنيقة، ويقع هذا الفندق الحديث في منطقة سكنية حديثة أيضا من مناطق المدينة الكثيرة، ولا يبعد كثيرا عن جامعة المدينة التاريخية والمستشفى الجامعي نفسه، ولذا فهو مربوط بالطرق الرئيسية والسريعة في المدينة، ويمكن الوصول إلى محطة القطار خلال دقائق.

على أي حال فإن الإقامة في هذا الفندق النظيف مريحة وتستحق التفكير للزائر الراغب في البقاء لفترة طويلة.