شرم الشيخ.. «عصفورة الفصول»

تحتضنك بطفولة وتمنحك شمسا وبحرا ورياضات مائية وطبيعة خلابة

الرحلات البحرية في شرم الشيخ تحقق متعة مشاهدة المناظر الخلابة
TT

ما إن تتساقط أوراق الخريف مؤذنة بأن الشتاء يدق الأبواب، حتى تتجه أنظار المصريين، خاصة من محبي الرحلات والترويح، إلى شرم الشيخ، فهي منتجع سياحي خريفي وشتائي بامتياز.

فشرم الشيخ، كما يصفها أحد المولعين بها، «عصفورة الفصول»، تحتضنك ببسمة هادئة، وتفتح ذراعيها لك بحب وطفولة، قلما تجدها في منتجعات أخرى. بل يندر أن تجد مدينة مثلها تعطيك أكثر مما تأخذ منك. حتى إنني على شواطئها الحانية أكاد ألامس سقف السماء.

وعلى عكس المدن والمنتجعات السياحية المصرية التي تخف بها الحركة بمجرد انتهاء فصل الصيف، في هذا التوقيت تبدأ مدينة شرم الشيخ (نحو 600 كلم شرق القاهرة) والمطلة على ساحل البحر الأحمر، طقوس موسمها السياحي المفضل، نظرا لتميزها بالطقس الدافئ والمشمس طوال فصول الخريف والشتاء والربيع، على عكس صيفها الذي يكون شديد الحرارة.

ويستطيع زائر شرم الشيخ أن يقضي أوقات ممتعة لن ينساها على الشواطئ الفيروزية الخلابة ورحلات السفاري والعشاء البدوي، والسهر في مطاعم ومقاهي خليج نعمة الذي يعد المنطقة الرئيسية في شرم الشيخ، إلا أن الرحلات البحرية ستظل هي الأبرز بين كل الأنشطة التي يمكن القيام بها في شرم الشيخ، نظرا لأنها تجمع بين التمتع بالطقس الممتع والطبيعة الخلابة بين أحضان الجبال ومياه البحر الزرقاء الصافية والكثير من الرياضات المائية الممتعة التي يمكن القيام بها.

ولن يجد زائر شرم الشيخ أي صعوبة في حجز مكان في رحلة بحرية، تذهب به إلى رأس محمد أو جزيرة تيران أو دهب أو الغردقة، يكفى أن تسير في خليج نعمة لتجد عشرات من مندوبي شركات السياحة يعرضون عليك الأمر، وبأسعار تنافسية تختلف بحسب مستوى الخدمة في اليخت الذي سيقلك أو المكان الذي ستذهب إليه، كما يمكنك أن تحجز الرحلة ذاتها من الفندق الذي ستقيم به. ويتراوح سعر تلك الرحلة للفرد الواحد بين 300 إلى 500 جنيه. (الدولار يساوي 5.77 جنيه تقريبا) الرحلة البحرية تبدأ في الثامنة صباحا من مرسى اليخوت الواقع في منطقة شرم مارينا، إذ ستفاجأ عند وصولك بمئات اليخوت التي ستقل آلاف الزوار إلى أماكن مختلفة كل منها يقوم طاقمه على إعداد كل ما يتعلق بالرحلة من طعام وشراب يكفى اليوم كله، ومعدات الغطس والرياضات الأخرى مثل «السنوركلنج» (السباحة على سطح الماء مع ارتداء أنبوب التنفس لمشاهدة الأسماك الملونة والشعاب المرجانية) ووسائل الإسعاف الأولية التي تشمل أدوية لدوار البحر أو نزلات البرد.

ويبدأ تحرك اليخت من المرسى فور انتهاء تجهيزه ليشق المياه متجها إلى مقصده الذي يكون إما «رأس محمد» أو «جزيرة تيران» في أغلب الأحيان، وتكون محظوظا إذا شاهدت الدرافيل أو أسماك القرش وهي تسبح حولك في المياه.

ويتوقف اليخت ثلاث مرات لإتاحة الفرصة لركابه لممارسة ما يشاءون من رياضات مائية، وتحل المحطة الأولى لتوقفه بعد ساعة من انطلاقه، إذ ينزل من يشاء لممارسة رياضة «السنوركلنج» مع مدرب محترف، على أن يأخذ اليخت دورة لمدة 15 دقيقة قبل أن يعود لانتشال من تركهم في المياه، لينطلق بعدها من جديد لمدة ساعة أخرى، يتوقف بعدها ثانية لتناول طعام الغذاء، الذي يتم إعداده على سطح اليخت، والمكون في الأغلب من الأسماك والمشويات الشهية والمعكرونة، ثم ينزل من يشاء إلى المياه لممارسة «السنوركلنج» أو الغطس أو السباحة، على الرغم من أن عمق المياه يتجاوز 18 مترا.

وخلال ممارسة تلك الرياضات ستتمتع بمشاهدة الأسماك بأنواعها المختلفة تسبح في أسراب متناسقة بجوارك في هدوء، كما يمكنك الاستمتاع بمشاهدة الشعاب المرجانية التي يحظر مجرد لمسها، ويقوم المدرب المرافق للمجموعة بتعريف أفرادها بأنواع الأسماك والشعاب المرجانية.

ويرافق تلك الرحلات عادة مصور محترف مهمته التقاط الصور الفوتوغرافية والفيديو فوق اليخت وتحت المياه بكاميرا مجهزة لذلك الغرض، وتحصل على صورك وأسطوانة مدمجة (سي دي) عليها تسجيل فيديو في محطة الوصول في نهاية الرحلة.

وبعد تناول طعام الغذاء يعيد اليخت تجميع ركابه ليعاود انطلاقه نحو نقطة التوقف الثالثة التي تبعد نحو نصف ساعة عن مكان التوقف الثاني، ليعاود الركاب الكرة، ولكن الأمر المختلف هذه المرة هو قرب نقطة التوقف من شاطئ منطقة (الفنار) التي تكثر بها القرى السياحية، التي يمكنك السباحة حتى شواطئها والتمتع بالخدمات التي تقدمها، ومن أشهرها «الجلاس بوت»، وهو مركب ذو قاع زجاجي يتيح لك رؤية عالم ما تحت البحار بشكل لطيف، وشراء التذكارات التي ترغب بها.

وفي رحلة العودة، التي تبدأ في نحو الخامسة مساء، يحرص أفراد طاقم اليخت على العودة من طريق أقصر من طريق الذهاب، مراعاة لحالة التعب التي يكون عليها الركاب بعد أن أُنهكوا في الرحلة التي بدأت في الصباح الباكر.

ويقول ماجد عبد الله، وهو مدرب غطس يعمل في الرحلات البحرية بشرم الشيخ منذ 9 أعوام: «بعدما تخرجت في كلية السياحة والفنادق، أديت الخدمة العسكرية وكانت في وحدات الصاعقة في الجيش المصري، وبالتالي تم تدريبي على الغطس، لذلك فكرت في استغلال ما تعلمته في عمل جديد، فأتيت إلى شرم الشيخ».

يضيف: «أغلب من يقوم بتلك الرحلات هم من الأجانب، والكثير منهم يفضل تجربة الغطس حتى ولو لمرة واحدة، لذلك في كل رحلة أقوم بشرح مبادئ الغطس للركاب، وأحرص على تجربة كل المعدات قبل النزول إلى الماء».

ويوضح أن المصريين في تلك الرحلات يكون عددهم قليلا وعادة ما يكونون من المتزوجين حديثا ويقضون شهر العسل في شرم الشيخ.

أما صوفرونا روبرت، وهي آيرلندية جاءت مع زوجها وأبنائها لقضاء إجازة في شرم الشيخ فتقول: «لقد زرت دولا كثيرة من أجل السياحة وقضاء الإجازات، لكنني لم أجد مثل هذه المناظر الخلابة إلا في شرم الشيخ.. إنها قطعة من الجنة».

وتضيف صوفرونا: «استمتعت كثيرا برياضة الغطس، ورأيت عالم ما تحت الماء، كما أن الطقس كان رائعا مقارنة ببلادي التي تركتها وهي غارقة في فصل الشتاء».

أما زوجها أندرو فقد أعجب كثيرا بالطعام المصري الذي قُدم على اليخت، ويقول: «الرياضات المائية التي مارسناها اليوم كانت رائعة، وكذلك التقاط الصور تحت الماء كان شيئا مثيرا».

أما دنيا سلام وزوجها أدهم إبراهيم وهما زوجان مصريان يقضيان عطلة شهر العسل في شرم الشيخ، فقد أعجبا كثيرا بالرحلة التي يقومان بها لأول مرة، وقال أحمد: «لم أتصور أن في بلادي أماكن طبيعية بهذه الروعة، وأشعر بالخجل لأنها المرة الأولى التي أزور فيها شرم الشيخ وأقوم بمثل هذه الرحلة»، أما زوجته دنيا فتقول: «رغم أني لم أمارس الرياضات المائية في الرحلة، فإن مجرد الجلوس على سطح اليخت في هذا الطقس الرائع وتأمل المناظر الطبيعية الخلابة، وخاصة المياه الصافية وهي تعانق الجبال على الشاطئ، حققا لي متعة كبيرة لن تنسى».