السياحة التجميلية في لبنان: قطاع تجند له مستشفيات ومراكز تجميل و«فنادق استشفائية»

حرفية الأطباء وانخفاض التكلفة ساهمت في ازدهارها

اقبال عربي وعالمي على السياحة التجميلية والطبية
TT

دخل التجميل على اختلاف مستوياته الجراحية منها وغير الجراحية، على خط السياحة اللبنانية من بابها العريض وصار هدفا أساسيا يلجأ إليه عدد كبير من السياح الذين يقصدون لبنان بهدف التجمل واللحاق بالموضة وتحسين المظهر الخارجي. وإذا كان «صيت لبنان الجمالي» وحرفية أطبائه يساهمان إلى حد كبير في زيادة هذه النسبة يوما بعد يوم، فإن الدور الكبير الذي تلعبه مراكز التجميل الكبرى المتخصصة و«الفنادق الاستشفائية» ذات الـ5 نجوم التي تجمع بين الخدمات الطبية التجميلية والرفاهية، واهتمام المستشفيات اللبنانية بهذا النوع من العمليات الجراحية والتي تفرد لها أقساما خاصة كاملة التجهيزات، كان لها الوقع الأبرز في إثبات موقع لبنان على صعيد التجميل واحتلاله مركزا متقدما في خريطة السياحة التجميلية العالمية. وخير دليل على هذا الواقع زيادة عدد مراكز التجميل بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إضافة إلى ظهور وكالات خاصة تتولى تنظيم الرحلات التجميلية إلى لبنان وتأمين كل متطلبات الرحلة. كذلك وفي المقابل يلعب الإعلام العربي والأجنبي دورا بارزا في هذا الإطار في إلقائه الضوء على هذه الظاهرة والتركيز على أهم «الابتكارات» والنجاحات قد ساهمت إلى حد كبير في توسيع دائرة السياحة التجميلية في لبنان.

«Image Concept» هي أولى الوكالات اللبنانية التي تديرها زينة الحاج من دبي، ومهمتها تأمين الرحلات التجميلية من كل أنحاء العالم إلى لبنان. وعن هذا المشروع التجميلي تقول الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «بعد دراسات دقيقة في السوق اللبناني وجدت أن لبنان يأخذ حيزا كبيرا واهتماما من الطامحين إلى الجمال من كل الدول العربية، وهناك نسبة كبيرة من هؤلاء يبحثون دائما عمن يرشدهم إلى الطريق الصحيح للوصول إلى أهم الأطباء ومراكز التجميل، فاتخذت قرار افتتاح هذه الوكالة في عام 2009 تحت رعاية وموافقة وزارتي الصحة والسياحة في لبنان».

وتؤكد الحاج أن إطلاق الوكالة لقي صدى إيجابيا، مشيرة إلى أن هناك عددا كبيرا من الطلبات التي تقدم إلى «Image Concept» من كل الدول العربية، ولا سيما من دول الخليج العربي والأردن ومصر، إضافة إلى بعض الدول الأوروبية والأميركية، خصوصا بعد تطرق الإعلام الغربي إلى نشاط الحركة التجميلية اللبنانية ومدى تطور هذا القطاع.

وعن سبب هذا الازدهار تقول الحاج: «إن صورة المرأة اللبنانية وتألقها واهتمامها بمظهرها والحرفية التي يتمتع بها الأطباء اللبنانيون في هذا المجال، والتي لا تقل أهمية عن تلك التي تقدمها أكثر البلدان تطورا، إضافة إلى انخفاض تكلفة إجراء هذه العمليات التجميلية مقارنة مع الدول المتقدمة، كلها عوامل ساهمت في اكتمال هذه (الصورة الجمالية) وزيادة الطلب على لبنان».

وتلفت الحاج إلى أن خدمات الوكالة التي توسعت مؤخرا لتشمل خدمات طبية شاملة، ترتكز على التعامل مع مراكز تجميل وأطباء محترفين أثبتوا قدرتهم في هذا المجال. وعن الخطوات التي على الزبون القيام بها للوصول إلى لبنان، تلفت إلى أن الخطوة الأولى والأهم هي تقديم الطلب عبر الموقع الإلكتروني الخاص وتحديد نوع الجراحة التجميلية المطلوبة ليقوم بعدها فريق العمل بالاستفسار لدى الجهات المتخصصة وإرسال الإجابة إلى صاحب العلاقة الذي تقع عليه مهمة اتخاذ القرار النهائي.

وفي حين تشير الحاج إلى أن عملية تجميل الأنف تبقى الأكثر رواجا بين طالبي الجمال ويليها العمليات الأخرى ومنها غير الجراحية، كالتنحيف وشد الجلد والبوتوكس وغيرها، تلفت إلى أن الطلب على هذه العمليات في أوساط الرجال زاد بدرجة كبيرة تصل إلى حد 40 في المائة.

ومن جهة أخرى يعكس مثلا «مركز نادر صعب» للتجميل الواقع في منطقة النقاش في جبل لبنان، نموذجا واضحا ومتطورا على ظاهرة السياحة التجميلية اللبنانية، فهو يتمتع بكل المعايير اللازمة التي تعكس «فندقا استشفائيا» سعى إلى تحقيقه صاحب المركز الدكتور المتخصص في التجميل نادر صعب. وما ساهم في تميز هذا «الفندق الاستشفائي» هو موقعه الجبلي على تلة مشرفة على البحر وفي بلدة تتميز بفخامة المباني الموجودة فيها ومناخها الصحي. وفي هذا الإطار يقول صعب: «تلعب السرية التامة التي علينا توفيرها للمرضى دورا مهما في نجاح عملنا، واستطاع هذا المركز أن يوفر للمرضى هذه الناحية النفسية من خلال الطابع العام الذي تميز به، إن لناحية التقسيم أو لناحية الهندسة العامة، إضافة إلى سبعة مداخل خاصة تسهل على المريض الدخول والخروج سرا إذا أراد ذلك».

ومن الناحية الطبية فكل عمليات التجميل متوفرة في المركز، ويتولى صعب بنفسه إجراء معظم عمليات التجميل، ويساعده في ذلك فريق عمل مؤلف من أطباء مساعدين، إضافة إلى عدد من الممرضات.

وجاء تصميم المركز ليكمل هدف السياحة التجميلية من كل النواحي، فهو يتألف من أربع طبقات صممت بطريقة هندسية جمعت بين جمال الفندق ورقي المستشفى، حيث بإمكان المريض قضاء ليلته براحة ورفاهية، وضمت ثماني غرف متنوعة بين العادية والفخمة، إضافة إلى حديقة خاصة تسمح للمريض بالتنزه. والاهتمام بالمريض لا يقتصر في «مركز نادر صعب» على العمليات التجميلية، بل ينسحب على كل ما تتطلبه زيارة لبنان. ويقول صعب: «نعمل في هذا المجال على تشجيع السياحة التجميلية كي نسهل الأمر على المريض ونبعد عنه أي مشكلات قد يواجهها، فنرسل إليه سائقا خاصا لإحضاره من المطار إلى المركز بعدما نكون قد حجزنا له غرفة وحددنا له موعدا لإجراء العملية في غرفة العمليات الموجودة داخل المركز والمجهزة بأحدث المعدات الطبية وأهمها». ويشير صعب إلى ارتفاع عدد المواطنين العرب والخليجيين الذين يقصدون هذا المركز.

وكمستشفى نادر صعب، كذلك تنتشر مستشفيات الجراحات التجميلية التي تقدم خدمات تجميلية جراحية في كل المناطق اللبنانية مثل «مركز الحازمية الطبي» الذي يقول مديره الدكتور إلياس شماس لـ«الشرق الأوسط» إن 40 في المائة من زبائن المركز هم من الدول العربية وأوروبا مقابل 60 في المائة من اللبنانيين، وإن 30% منهم من الرجال مقابل 70% من النساء.

لكن وفي المقابل تبرز وبشكل كبير ظاهرة المراكز التي تعنى بتقديم خدمات تجميلية غير جراحية، وتتنافس في ما بينها على تقديم أفضل الخدمات، ويتم الترويج لها عبر وسائل إعلامية عدة، ولا سيما منها المحطات الفضائية اللبنانية، حيث أصبح على شاشتها برامج خاصة للتعريف بالخدمات التي يقدمونها. وأبرز ما تقدمه هذه المراكز يرتكز، إضافة إلى الخدمات التجميلية العادية، على تلك التي تعتمد على آلات متخصصة ومتطورة كتلك المستعملة لإزالة الشعر وشد الوجه والبوتوكس والفيلير.

وتقول رلى الجمل، التي تعمل في مركز للتجميل في منطقة الحمرا في بيروت: «يقصدنا عدد كبير من السياسيين والفنانين اللبنانيين والعرب بهدف الخضوع لعمليات تجميلية جراحية أو غير جراحية، لكن أكثر ما يشددون عليه هو عدم تلازم موعدهم مع مواعيد أشخاص آخرين، كي لا يلتقوا بأحد، بينما لم يعد يولي الناس العاديون أهمية كبيرة لهذا الأمر وصاروا على العكس، يفاخرون به، حتى إن بعض المواطنين العرب يلتقون صدفة بأصدقاء وأقرباء خلال وجودهم هنا».