ميونيخ.. عاصمة بافاريا وعاصمة ألمانيا الخفية

المدينة المفضلة للعيش في ألمانيا

ميونخ.. ثالث أكبر مدن المانيا وتعتبر مركزا مهما للموضة («الشرق الأوسط»)
TT

عندما تذكر برلين يخطر على بالك الجدار والتاريخ والحياة الليلية، عندما تذكر شتوتغارت يخطر على بالك صناعة السيارات وعندما تذكر بادن تخطر على بالك السياحة العلاجية الراقية، ولكن عندما تذكر ميونيخ يخطر على بالك كل أنواع الصفات السياحية بدءا من التاريخ مرورا بالمتاحف والهندسة المعمارية والرياضة والاقتصاد انتهاء في التسوق.

ميونيخ أو «مونشن» كما يسميها وينطقها الألمان، تعتبر ثالث أكبر مدن ألمانيا وعاصمة ولاية بافاريا، تقع على نهر إيزار، يسكنها نحو 1.31 مليون نسمة وتتمتع بموقع مميز في وسط أوروبا وهي أغنى مدن ألمانيا وأقواها اقتصاديا، فيها مقر عدد من الشركات والمصانع الألمانية المهمة مثل شركة «بي إم دبليو» وشركة «سيمنز»، وتلقب بالعاصمة الخفية لألمانيا لأنها تتمتع بكل المواصفات التي تجعل منها عاصمة حقيقية.

وإلى جانب ثقلها في المجال الاقتصادي فهي تعتبر مركزا مهما للموضة والثقافة والأدب وتضم نحو 300 دار نشر ويبلغ عدد زوارها سنويا نحو 3 ملايين سائح. وفي إحصائية نشرت نتائجها مؤخرا تبين أن ميونيخ هي المدينة المفضلة للعيش في ألمانيا.

وعندما تزور ميونيخ سوف تفهم نتائج الاستطلاع والإحصائية، لأنها بالفعل مدينة تجمع كل المقومات التي تجعل المعيشة سهلة وراقية، فأسلوب الحياة فيها هادئ وغير معقد، تضم في وسطها عددا لا يحصى من المحلات التجارية تقفل غالبيتها أبوابها عند الساعة السادسة مساء في حين تبقى المراكز التجارية الأكبر حجما مفتوحة لغاية الساعة الثامنة فقط.

ميونيخ مدينة راقية، ينعكس هذا الرقي على الهندسة المعمارية الجذابة التي تكحلها البحيرات والحدائق والقصور التي تعتز بها ولاية بافاريا.

وتعتبر ميونيخ من أكثر المدن الأوروبية خضرة، وتضم واحدة من أكبر الحدائق العامة تعرف باسم الحديقة الإنجليزية التي تضم مطعما ضخما يتسع لأكثر من 2000 شخص، وفيها يمكنك المشي وممارسة الرياضة وركوب الحنطور، وتتميز أيضا بوجود 6 آلاف نبتة استوائية وغيرها وتتميز الحديقة بعدة مناخات تناسب الفراشات والطيور ويعبر الحديقة النهر الذي يعبر المدينة أيضا ليزيدها رونقا وجمالا، وإذا رغبت برحلة في النهر يمكنك ذلك عن طريق تأجير قوارب قديمة مصنعة من جذوع الأشجار.

وتشتهر ميونيخ أيضا بأنها موطن كرة القدم وفريق «بايرن ميونيخ» ومن أشهر معالمها الرياضية استاد «أليانتس» الجديد لكرة القدم.

في عام 1972 سعت إدارة مدينة ميونيخ إلى إنشاء مركز للألعاب الأولمبية ليكون جاذبا للسياح المهتمين بالرياضة وخاصة كرة القدم، وتعتبر زيارة المركز من الأولويات أثناء زيارة ميونيخ، فهو يمتد على مساحة 3 كلم مربعة، هندسته مميزة تضم أعمدة عملاقة وبرجا يصل ارتفاعه إلى 290 مترا. أما بالنسبة للملعب الأولمبي «أليانتس أرينا» الذي افتتح الصيف الماضي فهو مصمم بتقنية عالية وحديثة ويحتوي على 66 ألف مقعد مسقوف وفيه أكبر مرأب للسيارات في أوروبا يتسع لأكثر من 1200 سيارة.

إذا كنت من محبي التاريخ سوف تجد ضالتك في ميونيخ أما إذا كنت من الذين يحبذون الحياة العصرية الحديثة فالمدينة سوف تدهشك بما تقدمه، في وسطها ترى الماضي والحاضر يتغازلان، ففي حين تطل عليك أبراج كنيسة السيدة العذراء التي تعتبر أشهر صرح أثري في المدينة ترى في الخلفية مدينة ملاه ضخمة تضم الألعاب الحديثة والمسلية، وفي نفس الوقت لا يؤثر أحدها على الآخر بل يكملان صورة ميونيخ العصرية وفي نفس المحافظة جدا، وهذا واضح من خلال انتشار الكنائس التي يحافظ السكان على حضور القداديس اليومية فيها بشكل منتظم، واللافت هو أن تلك الكنائس تبدو من الخارج صغيرة جدا ومتواضعة وما إن تطأ قدمك داخلها تنتقل إلى صرح آخر كبير جدا تزينه أجمل اللوحات الزيتية على الأسقف والجدران.

إلى جانب تلقيب ميونيخ بعاصمة ألمانية الخفية، كونها تنافس برلين بما تزخر به من مقومات العاصمة، إلا أنه من الممكن تلقيبها أيضا بالمدينة محطمة الأرقام القياسية أيضا، فمطارها الدولي هو ثاني أكبر مطار في ألمانيا وتم تصنيفه العام الماضي بين أول 10 مطارات في أوروبا من حيث حركة المسافرين التي وصلت إلى 26.8 مليون مسافر سنويا.

وتشتهر ميونيخ بـ«مهرجان أكتوبر» أو ما يعرف بـ Oktoberfestالذي يمتد طيلة أيام شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام وهو عيد يومي تحتفل به المدينة من خلال الموسيقى والزينة والأكل والشراب، وتشتهر أيضا بمهرجان الأفلام السينمائية الذي يقام في فصل الصيف.

استقطاب ميونيخ لأسماء لامعة في عالم الفن والأدب قدم رونقا من نوع آخر للمدينة، فهي مدينة تشبه، إذا صح التعبير، الصور التي تراها في كتب الأطفال التي ترتكز على الألوان المختلفة، وبما أننا ذكرنا الأطفال، فلديهم نصيب كبير من الزيارات هم أيضا، فميونيخ تضم واحدة من أكبر وأجمل حدائق الحيوان في أوروبا وهي أشبه بمحمية طبيعية، تأسست عام 1911 وهي تتميز بتقنية عالية تساعد على تكاثر الحيوانات المهددة بالانقراض، اللافت في الحديقة هو انعدام الحواجز التي تفصل الحيوانات عن ظروف الحياة الطبيعية لديها، ونسبة لكبر مساحة الحديقة سوف يلزمك نحو اليوم بالكامل للتعرف على جميع أجزائها واللعب في أرجائها.

وبما أن السياحة الطبية هي اليوم على رأس قائمة أكثر من نصف نسبة السياح حول العالم، فميونيخ تعتبر من أهم العناوين للعلاج الطبي الحديث والمتقدم، تتميز بسمعة جيدة جدا في مجال الطب نسبة لامتلاك مستشفياتها الخاصة المعدات الطبية الحديثة والفريدة.

من أشهر ساحات المدينة ميدان «مارين بلاتز» الواقع في وسط المدينة وقلبها، ومن أهم معالم الميدان مبنى دار البلدية ذات الطراز المعماري القوطي، واللافت هنا هو رؤية التماثيل في الطابق الثاني من المبنى، ومشهد السياح وهم ينتظرون بفارغ الصبر وهم ينظرون إلى أعلى لحظة بدئها بالحركة والدوران على وقع الموسيقى البافارية عندما تدق الساعة في تمام الساعة 11 أو 12 عند الساعة الخامسة في فصل الصيف.

توجد في الميدان عدة محلات تجارية ومقاه، إضافة إلى أكشاك تقدم المأكولات الساخنة وفطيرة الـ«بريتزل» الأشهر في ألمانيا، وتوجد أيضا في تلك المنطقة عدة كنائس قديمة من أشهرها كنيسة «الته بيتر» التي تقدم للزائر الفرصة للصعود إلى السطح وإلقاء نظرة على ميونيخ من علو شاهق. من دون أن ننسى كنيسة النساء «فراون كيرشه» المميزة بقببها الضخمة.

وبعد يوم حافل بالغوص في مفردات التاريخ وفن العمارة لا بد أن تخصص وقتا للتسوق، فتذكر أنك في واحدة من أهم المدن الأوروبية الشهيرة بانتشار عدد كبير من محلات بيع المنتجات الراقية التي تحمل توقيعات أهم دور الأزياء والمصممين العالميين، فما عليك إلا بالتوجه إلى شارع «ماكسيميليان» فهو الأشهر في المدينة من دون أي منازع، يتميز بلون أبنيته الفخاري، وفيه تجد كل الماركات العالمية مثل «ديور» و«شانيل» و«غوتشي» و«أرماني» و«لوي فيتون».

وبالنسبة للأكل فتحفل ميونيخ بعدد كبير من المطاعم العالمية فتجد في أزقتها المطاعم المحلية التي تقدم الأكل الألماني والبافاري بالتحديد كما تجد مطاعم إيطالية وتركية، وفي ميونيخ عدد كبير من المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلين ومن أشهرها مطعم «سود تيرولر ستاين» ومطعم «تانتريس» وهناك أيضا عدد من المطاعم الشرقية مثل مطعم إخناتون ويختص بتقديم المأكولات المصرية التقليدية ولمحبي المأكولات الأميركية يمكنهم زيارة مطعم «هارد روك كافيه» القريب من شارع «ماكسيميليان»، واللافت في المطعم هو وجود عدد كبير من الندل المصريين، ويقول محمد وهو أحد العاملين هناك، بأن سبب ذلك هو زواج الشباب المصريين بفتيات ألمانيات يلتقون بهن في منتجع شرم الشيخ، وينتهي بهم الأمر بالعيش في ألمانيا. أما بالنسبة للنباتيين فتوجد عدة مطاعم في وسط المدينة تقدم المأكولات الخالية من اللحوم مثل مطعم «برينس ميشكين»، وإذا كنت ترغب في تناول القهوة وأن تشاهد ميونيخ من أعلى، فما عليك إلى التوجه إلى المطعم الواقع في برج الحديقة الأولمبية أو مقهى غلوكن شبيل في ميدان مارين بلاتس.

* الإقامة في ميونيخ، ننصح بأن تكون في وسط المدينة، فهكذا لن تكون بحاجة لاستئجار سيارة، فالتجول داخل المدينة سهل جدا على الأقدام أو بواسطة الترام، ولن تحتاج إلى سيارة إلا في حال كنت تنوي التوسع في الرحلة إلى المناطق البعيدة من ميونيخ أو تنوي التوجه إلى بافاريا الجبلية.

من أكثر الفنادق شهرة في ميونيخ فندق «بايرشيرهوف» الواقع في قلب المدينة، وهذا الفندق يعد من أقدم فنادق المدينة وأكثرها أناقة، تم بناؤه في عام 1841 ويضم 373 غرفة وجناحا، تم تجديدها منذ فترة وجيزة، ولكنها لا تزال تحافظ على عراقة التصميم القديم في قالب عصري حديث. ما إن تدخل إلى بهو الفندق سوف تشعر وكأنك في قصر، الأرضية يكسوها الرخام وستشعر بالدفء في هذا المكان وبحسن الضيافة، فبجانب مكتب الاستقبالات تجد سلة كبيرة تحتوي على كعك «بريتزل» وبجانبها طبق كبير من الحلوى، وضعت من أجل زوار الفندق، وأنا أردد دائما بأن الفندق ليس مجرد مكان للإقامة إنما هو إضافة أساسية للرحلة ومن أجمل التفاصيل التي يقدمها الفندق كذلك، قد تكون أشياء صغيرة مثل علبة بتصميم مميز للوح الصابون أو قطعة من الشوكولاته بلفتة غريبة، فهذا ما يبقى مع الزائر عند عودته إلى المنزل.

وينجح «بايرشيرهوف» بذلك لأنه يعرف كيف يدلل النزلاء، فيكفي أن تزور «البلو سبا» حتى تشعر وكأنك اقتربت من جبال الألب، فالمركز الصحي في الطابق الأخير من الفندق يطل على المدينة المسورة بالجبال، ويتميز ببركة سباحة مدفأة مع تراس جميل، ويقدم الفندق عدة علاجات وجلسات تدليك وكذلك مطعم مخصص لتقديم الأطباق الصحية بما فيها المأكولات العربية والشرقية.

يشتهر «بايرشيرهوف» باستقطابه النجوم والمشاهير أمثال مايكل جاكسون ومادونا وزاك إيفرون، بالإضافة إلى عدد من رجال الأعمال الأشهر في العالم والرؤساء والممثلين، واللافت أيضا هو اهتمام الفندق بالضيوف العرب، وهذا واضح من الكم الهائل للقنوات العربية التي تحتل لائحة القنوات المفتوحة في الغرف والأجنحة. ويتميز الفندق أيضا بموقعه في وسط المدينة، ويعتبر مناسبا جدا للزوار الذين ينوون الإقامة في ميونيخ لفترة قصيرة، فمن بابه الرئيسي تتوجه مباشرة إلى الأسواق بعد أن تلقي نظرة على النصب التذكاري الذي وضع مقابل المدخل للراحل مايكل جاكسون يزوره المعجبون من كل أنحاء العالم لوضع الورود والهدايا.

* عناوين مفيدة http://www.discover - munich.info/ وwww.bayerischerhof.de وhttp://www.tierpark - hellabrunn.de