كيف تستمتع بجبال الألب الفرنسية من دون تزلج؟

استمتع بمنظر الثلوج من بعيد

قفز وتزلج ومرح
TT

قفز أمامي متزلج من مروحية وانزلق على المنحدر الخطر بشكل متعرج للغاية وتفادى بمهارة وأخذ يتزحلق أعلى وأسفل أراض متعرجة. وفجأة وقعت الواقعة عندما لم يتمكن من رؤية تل يقترب منه وارتطم بحافته وسقط.

وقلت لنفسي بينما أرتشف مشروبا ساخنا، وأشيح بوجهي عن المقاطع المصورة التي تعرض على شاشة التلفزيون «لهذا السبب لا أتزلج على الجليد». كانت الحدود المريحة لمقهى «لي كويب» الخشبي في قرية كورشفيل للتزلج التي تقع أعلى سلسلة جبال الألب الفرنسية أكثر المناطق التي تظهر تقديرا لشكل جبال الألب مقارنة بدرجات الحرارة المنخفضة على المنحدرات الثلجية بالخارج.

كان الغسق البادي في الأفق يلّف المدينة الخشبية وتموج الحانات بالحركة مع بدء تشغيل الموسيقى وأداء الفرق الموسيقية الحية والنار المتقدة والشوكولاته الساخنة. وأثارت أعمال ميرو وموديغلياني في المعارض إعجاب المارة المتشحين بأردية بغطاء رأس والذين في طريقهم إلى أرقى المطاعم لتناول العشاء. من ذا الذي يحتاج إلى زلاجات أو جليد عندما يكون أمام أفضل مشاهد ما بعد التزلج في فرنسا؟

ترتبط جبال الألب الفرنسية بالنسبة إلى الكثير من الفرنسيين بألعاب الشتاء الأوليمبية بحيث يصبح من الصعب تخيل زيارتها دون شراء تذكرة مصعد. إن شيموني ومون بلان أسطورتان. واستضافت غرينوبل ألعاب الشتاء الأوليمبية عام 1968 ثم استضافتها ألبرتفيل عام 1992. وتستضيف أنيسي النهائيات عام 2018. وعندما يبدأ تساقط الثلوج، ستعجّ المنطقة بعشاق التزلج مع خروج المتحمسين لهذا النشاط من الجحور وتأجيرهم لشاليهات مكسو نصفها بالخشب.

لكن كذلك تجذب جبال الألب عددا كبيرا من الذين لا يشعرون برغبة في التزلج على صفحات الجليد البيضاء وارتداء زي التزلج. تخفي هذه المدن والقرى شوارع عتيقة وتاريخا أدبيا ثريا ومجموعات فنية عالمية وتجارب طعام رائعة وحياة ليلية مبهرجة. ويعد موسم الثلوج الوقت الأمثل للانغماس في هذه الحياة. وبدءا بكرنفال فينيتيان في أنيسي الذي أقيم في الفترة بين 18 إلى 20 مارس (آذار) الحالي وصولا إلى موسم الحفلات الدولي في كورشفيل، يظهر الشتاء جمال الطبيعة في المنطقة وهويتها المخادعة. لكن بفضل خطوط السكك الحديد والحافلات الجيدة، لا يمثل التزلج المتعرج بين الوجهات وعبر بعض مناظر جبال الألب التي تخطف الأنفاس أي خطورة على الأرجل.

وبعد رحلة تستغرق نحو أربع ساعات من باريس، تجولت في شوارع أنيسي التي بدت وكأنها تطل من كتاب تاريخ من العصور الوسطى. انتشرت الممرات الضيقة في جميع الاتجاهات وعلى جانبيها كنائس من الحجر ومنازل بعضها رمادي اللون والبعض الآخر على الطراز القوطي؛ البعض بدرجات الحلويات المثلجة. وتشق القنوات والممرات المائية ذات المياه الجبلية الباردة المدينة التي يُطلق عليها أحيانا «فيينا جبال الألب». من أعلى قمة تل في الوسط، يتصدر حصن ذو فتحات يعرف باسم «شاتوه موزي» المشهد وفي الخلفية قمم تعلوها الثلوج.

وشهد صباح يوم الثلاثاء من شهر يناير (كانون الثاني) أمرا يستحق أن يصوره الرسّام نورمان روكويل، فقد كانت البجعات تسبح في القنوات بينما تجلس امرأة عجوز معها حقائب تسوق وتعبر حشود جسورا صغيرة يلقون تحية الصباح المختلطة ببخار الماء على بعضهم البعض قبل التوجه إلى المخابز التي تفوح منها رائحة الخبز «الباغيت» الطازج. ويقود ساعي بريد عجلة صفراء على الطرق المرصوفة بالحجارة مارا بأشهر شوارع المدينة وهو شارع جان جاك روسو.

رغم أنه ولد في جنيف، نشأ الفيلسوف وكاتب السيرة الذاتية في أنيسي حيث وجد مادة وفيرة لـ«اعترافاته» سواء فيما يخص الأمور الرومانسية أو الفضائح. وفي عام 1728 وصل روسو الذي كان في السادسة عشرة من عمره آنذاك إلى الشارع الضيق الذي يحمل اسمه وأصبح تحت رعاية مدام دي وارين الأرستقراطية التي تكبره باثني عشر عاما.

وكتب في مذكراته: «لقد تخيلتها امرأة تقية ذات ملامح جامدة، لكنني رأيت وجها منحوتا على نحو رائع وعينين زرقاوين تملؤهما العذوبة وبشرة لامعة وهيئة أخّاذة». وأطلق عليها «ماما» وساعدته هي في العثور على وظائف بسيطة في أنيسي وشجعته على تعلم الموسيقى ثم أصبحت عشيقته عندما كان على أعتاب الرجولة. ودامت هذه العلاقة بضع سنوات انتهت برحيل روسو، الذي انتابته الغيرة من إقامتها علاقة غرامية قصيرة مع رجل آخر، إلى باريس وبدأ الكتابة وكتب أكثر رواياته مبيعا والتي ضمت إيحاءات جنسية وأوبرا رعوية وكتاب «العقد الاجتماعي» الذي يتناول أطروحته عن الفردية والعلاقة بين المواطنين والحكومات. في النهاية أصبحت دي وارنيه فقيرة وتوفيت مفلسة.

يظل شارع جان جاك روسو حاليا أحد أقرب شوارع المدينة إلى النفس. وأثناء مروري بالقصور المبنية من الحجر، كان الهواء البارد الصافي يحمل أنغام الكلارينت من نوافذ مدرسة موسيقى وفي واجهة المتجر يقف صانع كمان شاب على كومة من نشارة الخشب يرمم بصبر ودأب آلة كمان يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر. يقول الحرفي غريغوري كارمإنتراند: «كان روسو معلم أطفال أسر النبلاء في هذه البناية».

ما زال المنزل الملكي الذي كان يتلقى فيه روسو دروس الموسيقى عندما كان أصغر سنا شامخا في مكانه على الجانب المقابل من كاتدرائية القديس بطرس البيضاء حيث كان يعزف على المزمار. وفي الداخل يتمرن عازف أورغن على عزف ترانيم على الآلة ذات الألفي أنبوب محتميا من برد فترة الظهيرة ليقطع الفراغ بأصوات النغمات.

وكانت سوق سانت كلير المفتوحة التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر تموج بالحركة. ويتصاعد البخار من النقانق وقطع الملفوف المخلل الساخنة في كشك يبيع «سكروت غارنيه» الألزاسي. وعلى مقربة منه هناك طاولة عليها الصوص الجاف الذي يوضع على لحم الثيران والبط والغزال والنعام. وتتكدس أكوام من أنواع الجبن المحلي مثل الأقراص الصغيرة البيضاء من جبن «سانت ماسيلان» وكتل الجبن الذهبية من سفويا، في أكشاك بيع قريبة.

وقالت دومينيك فيلارد وهي تقدم قطعة كبيرة صلبة من جبن «بوفورت»: «نطلق على هذا النوع من الجبن ملك الجبن». وقد وصل تقديس الجبن إلى ذروته تلك الليلة بينما أتبع الحشود الجائعة المتجهة نحو قاعات العشاء ذات الأضواء المتلألئة في مطعم «لي فريتي» لإظهار التقدير لجبن الـ«فروماج» الذي يعد من أشهر أطعمة فصل الشتاء التي تبعث على الراحة في جبال الألب. ومع حركة الشوكات بدا الناس وكأنهم فرقة من شياطين مرحة يشوون ضحاياهم وهم يضعون في الأسياخ قطع الخبز والخيار المخلل واللحم المدخن الذي تم غمره في الجبن الذائب.

وقد طلبت طبق جبن «سفويارد» وهو خليط من جبن «كوتيه» و«بوفورت» و«إمينتال» و«فريبورغ» ذي المذاق المخملي الحامضي الحلو في آن واحد. وبينما كنت أتعثر بسبب امتلاء معدتي تحت ستار الليل البارد، بدا القمر الكامل وكأنه مصنوع من الجبن هو الآخر.

أخذتني رحلة أخرى بالقطار تحت قمم تعلوها الثلوج فوق أنهار متدفقة وعبر غابات من أشجار ذات لحاء أبيض مرورا بقلاع تعلو تلال حتى وصلت أخيرا إلى غرينوبل المدينة التي تضم نحو 160 ألف نسمة. لا توجد في المدينة مناطق للتزحلق على الجليد، لكن تصلح القمم التي تحيط بها أن تكون قاعدة لمتزلجي الجليد.

وبينما أرتشف قهوة الصباح في مقهى «كافيه دي لا تابل روند» ذي الطراز الحديث والذي يقال إنه ثالث أكبر مقهى في فرنسا، أتخيل المدينة كأثر آخر فائق الجمال. وتشبه المدينة أنيسي لكنها أكبر حجما. وفي الخارج، توجد كنيسة «سانت أندريه» المبنية من الطوب الأحمر والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر ومبنى البرلمان السابق المبني على طراز عصر النهضة والغوطي.

لكن كانت غرينوبل، معقل النهضة الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية، تموج بأفكار تقدمية لفترة طويلة. كذلك نشأ جاك دي فوكانسو، رائد علم الروبوت والاتصالات في القرن الثامن عشر في تلك المدينة قبل الانتقال إلى باريس والذي قام بصناعة إنسان آلي شديد الشبه بالإنسان وهو ما أصبح مثار الأحاديث في الصالونات الراقية بأوروبا. وسيتم إقامة معرض مخصص لأعماله في متحف دوفينواه في المدينة خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل.

وترجع جذور الرواية الفرنسية الحديثة إلى مدينة غرينوبل بفضل ابن المدينة هنري بيل. وأعاد هنري ذو البديهة الحاضرة واللهجة الحادة والمشمئز من القيم البرجوازية تقديم نفسه باسم ستندال وكتب رواية «الأحمر والأسود» التي تتناول صعود السلم الاجتماعي والإغواء والتشكك الديني والعنف خلال حقبة ما بعد نابليون في فرنسا. ومن المقرر أن يتم افتتاح متحف ستندال نهاية العام الحالي.

وتعد المدينة حاليا مركزا كبيرا للبحث العلمي الجامعي، فبينما أسير وسط روح العصور الوسطى وعصر الباروك، يدوي صوت عربات الترام المصقولة التي تمر أمام واجهات الكنيسة وتملأ حشود الطلبة حانات سانت كلير. وبفضل الأماكن مثل مسرح «إم سي 2» العام والذي يستضيف الحفلات الموسيقية أيضا وقاعة «لي ماغازو» لعرض الفن المعاصر في مبنى صناعي أنشأته ورشة عمل جوستاف إيفيل عام 1900، تعد مدينة غرينوبل العاصمة الثقافية كذلك.

وقالت هيلين فانساه، أمينة متحف «غرينوبل» وهي تجلس على أريكة «لي كوربوزييه» في قاعة عرض جيدة التهوية مكسوة باللون الأبيض. ويعد متحف غرينوبل أول متحف للفن الحديث في فرنسا وكذلك أول متحف يجمع أعمال فنانين من أوائل القرن العشرين.

لقد كان الدليل يحيط بنا من كل جانب متمثلا في قاعة مليئة بأعمال لماتيس وبيكاسو وبراك وليغير وماغريت وكلي وسيغناك وبونارد وشاغال الذي أصبح نجم معرض شهير يقام خلال الفترة من مارس (آذار) إلى منتصف يونيو (حزيران). ويعود الفضل في عرض الجزء الأكبر من هذه المجموعة وهؤلاء الفنانين، في الوقت الذي لم يفعل فيه ذلك أي متحف فرنسي، إلى بيير أندري فارسي الذي وصل إلى مدينة غرينوبل عام 1919 ليصبح أمين متحف الفن المحلي غير الشهير والذي ليس لديه ميزانية تذكر لشراء أعمال. ونظرا لعدم قدرة أندري فارسي على شراء لوحات، ابتكر طريقة جديدة، حيث طلب من الرسامين التبرع بأعمالهم مقابل وعد بعرضها. إن هذه الطريقة جديرة بالإعجاب حقا. وكذلك قام بتكليف زوجته الطاهية الماهرة التي تكتب وصفات في صحيفة محلية باسم مستعار هو «سندريلا»، بإعداد الولائم للزائرين خلال الأعياد. وعلّق لافتات في محطة قطارات مدينة غرينوبل مكتوب عليها بالإنجليزية والفرنسية عبارات تحثّ البريطانيين والفرنسيين على التوجه إلى المنتجعات الشتوية «للإقامة يوما إضافيا ومشاهدة المتحف». وبذلك ظهر في فرنسا لأول مرة أمين المتحف الجامع للأعمال والمسؤول عن التسويق والترفيه والمدير.

منذ مدة طويلة تبرع بيكاسو بلوحة «فام ليزا» التي تصور امرأة بدينة تائهة بين دفتي كتاب بأسلوب قريب من أسلوب رفائيل الجديد. ولا تزال هذه اللوحة من أهم الأعمال في المجموعة. وتخلى ماتيس عن عمل أخر هو لوحة الكنافا الضخمة «أنتريه أو أوبرجين» التي تضم انعكاسات وانكسارات مفعمة بالحياة.

وسار راؤول دوفي ورينيه ماغريت وآخرون على هذا النهج مما أدى إلى خروج هذا المعرض الدائم الرائع إلى الحياة. لكن في مساء يوم زيارتي، لم يكن هناك كثيرون في المعارض. لكن يبدو أن كنوز المتحف ما زالت كنوزا مخفية. وحلّ المساء واجتذبت مسارح المدينة ودور السينما الشعبية ومتاجر بيع الكتب الجماهير المتعطشة للثقافة. وفي ليلة الخميس في نهاية شهر يناير، كانت صحيفة «غرينيوز» تمتلئ بالخيارات. يعرض مهرجان الأفلام الملعونة أفلام وقحة وأفلام رعب كلاسيكية. وأوبرا «العري الاجتماعية» رجل واحد في مركز «102» الثقافي الذي يعد مساحة عرض بديلة في مبنى صناعي قديم. وفي إشادة بنجمي موسيقى الجاز الأميركيين نات وكانونبول أديرلي في «لا سوب أو شو».

وقد جربت حظي مع دافين المطربة الفرنسية التي يتعدى عمرها ثلاثين عاما والتي كانت تغني في مسرح «سانت ماري دي باه» الذي كان في الماضي كنيسة. وبدت وهي ترتدي فستانا يلمع داكن اللون بينما تحيط بها فرقة من خمسة عازفين رجال وكأنها مغنية أوبرا تقف بين أعمدة كرونثية وأقواس مرتفعة.

وسرعان ما ملأ صوتها الأنثوي الهامس فراغ المكان بشعر سوريالي ونحيب ليلي شجي في مواجهة ألحان تنوعت بين موسيقى الجاز الاسترخائية والمواويل الصوتية والإيقاعات اللاتينية والروك والفالس. وانتقلت إلى الغناء باللغة الإنجليزية فأنشدت «لليتامى مملكتهم» و«إنها مملكتك» بينما جلس الجمهور مفتونا بسحر الأداء.

لكن أخذني قطار آخر في رحلة استغرقت نحو الساعتين إلى بلدة صغيرة جليدية هي موتشي سالين بريد لي بان حيث نقلت حافلة عددا كبيرا من الركاب إلى جبال الألب. وتلاشت بوهيمية مدينة غرينوبل وتصدرت مدينة كورشفيل مركز المليارديرات المشهد. لقد حان وقت الانغماس في الملذات ليلا ونهارا ولا تبدو أي قرية جبلية في فرنسا أقدر على ذلك من تلك المدينة.

وبدت البلدة بشوارعها المكسوة بالثلوج وقصورها الخشبية مثل قرية من خبز الزنجبيل. وتحوم في السماء الزرقاء بين الفينة والأخرى مروحية، بينما تنقل مجموعة كبيرة من القوارب الناس أعلى المنحدرات. وباتجاه الجنوب شوارع تتمازج بها أصوات العربات التي تجرها الخيول مع أصوات احتكاك أرجل السراويل النايلون الشتوية مع دخول جماهير يوم السبت متجر «لا كرو» الأنيق لمعدات التزلج حيث كشف عامل به عن التوجه نحو صناعة ألواح تزلج مطعمة بالألماس. وكذلك يقبل الناس على الاستشفاء في منتجعات صحية مثل «كاريتا» و«نوكس» و«جيفانشي» وغيرها.

وتوقف بعض الناس أمام محل «إيرميس» لإبداء إعجابهم بتمثال لطائر كبير يتودد إلى امرأة سمينة اسمه «ليدا والبجعة» لفرناندو بوتيرو. ويعد هذا التمثال من ضمن عدد كبير من التماثيل التي تنتشر في كورشفيل خلال الموسم الحالي.

وقال سيريل ريكلين، مدير «لي بادوك» وهو من بين الفنادق النجمتين النادرة في البلدة التي تمتلئ بالفنادق الخمس نجوم.

استطاع فندق «لي بادوك» الذي افتتح منذ عامين أن يجمع بين الأناقة والتكلفة المعقولة، حيث يبدأ سعر الغرف به من 85 يورو (113 دولارا إذا كان سعر صرف اليورو 1,32 دولار). ويعد هذا مكانا مثاليا للذين لا يملكون بطاقات ائتمان «أميريكان إكسبريس» أو جناح في فندق باسمهم. وأوضح ريكلين أنه من غير الضروري أن تكون ثريا لتتعلم كيفية التزلج والاستمتاع بالبلدة. وقال: «يأتي الكثيرون إلى البلدة لجمالها. ويأتي الكثيرون بغرض التسوق وارتياد المطاعم وقضاء السهرات وحضور الحفلات».

كانت جولتي السياحية تشمل رحلة بالجندولا إلى «لا سولير»، أعلى مكان في المنتجع وزيارة إلى «غاليري بارتو» الذي له فرع في نيويورك حيث عشقت أعمالا لدالي فوجيتا وبيكاسو وروبرت إنديانا. وعند الغروب كان صخب ما بعد التزلج يخيم على كورشفيل. وفي متجر «مارك جاكوب» وبين مجموعة من الأعمال الفنية المعاصرة داخل منتجع «جيفانشي» وجدت السعادة عندما عثرت على إناء فضة يحتوي على شوكولاته ساخنة سعره 10 يوروات وموسيقى جاز برازيلية وشاهدت مقتطفات من مقطع مصور عن الفن التجريبي من إخراج هاروكي موراكامي وكانيي ويست.

وعندما حان موعد تناول العشاء، تحولت بلدة كورشفيل إلى فندق «شانغري لا». بالإضافة إلى 10 فنادق حاصلة على نجوم ميشلين في البلدة التي يبلغ عدد سكانها الرسمي 2000 نسمة، يوجد أماكن تستحق الزيارة أكثر مما يوجد في مدن مثل مرسيليا التي تعد ثاني أكبر مدينة في فرنسا.

لكن على الباحثين عن العروض الخاصة من المنغمسين في الملذات تذّكر كلمتين فقط هي «إل فينو» المطعم الفرنسي - الإيطالي الذي حاز على أول نجمة العام الماضي وأصبح أحدث المطاعم الحائزة على نجوم ميشلين في المدينة. ويقدم المطعم من خلال القائمة التي تضم طبقين مقابل 39 يورو وجبة سعرها أقل من المشهيات التي تقدمها مطاعم أخرى محلية حائزة على نجوم ميشلين.

وفي ليلة السبت في شهر يناير، كان «لي منجواه» المطعم والحانة الذي يشتهر بأنه أكثر الأماكن ازدحاما في منطقة جبال الألب هو الأكثر حيوية، لذا يجدر بك الحجز مقدما والاستعداد للتبذير. وفي قاعة تناول الطعام الأنيقة تتردد اللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية والإيطالية والروسية من الجالسين على الطاولات التي تتلألأ عليها أضواء هواتف «البلاك بيري». وقال برنارد موريس، طبيب من تولوز: «عليك أن تأتي خلال الأسبوع فالفتيات يرقصن على الطاولات. لقد كنت هنا يوم الخميس وكان الأمر هستيريا».

وفجأة توقفت الأغاني وحلّت محلها الموسيقى التصويرية لفيلم «حرب النجوم».

وصاح غريغوري فيراري بيرثيلوت، سمسار العقارات الفاخرة: «دائما ما يريدون المزيد هنا». وبدا غير مصدق مثلي. وقال: «لقد عرضت على عميل روسي شاليها مكون من خمس حجرات تبلغ مساحته 700 متر مربع وسعره 61 مليون يورو فسألني: لماذا الغرف ضيقة؟». وأضافت زوجته إما: «لا توجد حدود هنا. أكثر الناس في كورشفيل لا يمارسون التزلج أصلا». وعندما اعترفت بأنني لا أمارس التزلج أنا الآخر، تشجعت وقالت لي: «فلتأت إذن إلى الحفل. إذا كنت تعرف سانت تروبي، فهذه المدينة مثلها لكن الفارق الوحيد هو الثلوج».

* خدمة «نيويورك تايمز»