ليموج.. مدينة ضاهت الصين في تصنيع البورسلين

صغيرة وتقع وسط فرنسا.. لكنها مشهورة عالميا

مرفأ اللاذقية القديم تأسس قبل ستين عاماً
TT

ليست ليموج مدينة كبيرة تضاهي نيويورك في حجمها وثقلها السياسي والاقتصادي، وهي حتى ليست مدينة مركزية على مستوى فرنسا، ومع ذلك فإن المدينة تعتبر من المدن الشهيرة عالميا، ومن النادر جدا على مستوى العالم أن لا يعرفها أحد. ليموج المدينة الصغيرة الواقعة في وسط فرنسا هي ربما الوحيدة عالميا المعروفة في العصر الحالي بأنها عاصمة صناعة البورسلين الفاخر. تاريخ البورسلين العالمي يصل إلى الصين، فالصينيون كانوا الأوائل في صناعته، ذلك يوم كانت الصين إمبراطورية تعيش في بعد حضاري كامل، أما اليوم لم يعد البورسلين الصيني قادر على مواجهة بورسلين ليموج.

لكن المدينة تقع في وسط فرنسا، وعادة هذا الجانب من فرنسا غير معروف من قبل السياح بشكل كبير، بسب طغيان الجنوب المتوسطي صيفا وباريس معظم أيام السنة. مع ذلك، ليموج من أكثر مدن وسط فرنسا استقبالا للسياح، وهي تتمتع ببنية تسهيلات لزوارها كما لو أنها عاصمة، هذه التسهيلات ليست حكرا على هذه المدينة فقط، قد تكون موجودة في كل قرية أوروبية، وفرنسية تحديدا، بسبب الاهتمام بهذا الجانب في كل مكان، لكن المدينة معروفة ومقصودة، ولذلك فإن التسهيلات ضرورية، وهي أيضا ليس بها الكثير من السكان، حيث يسكن ليموج 140 ألف نسمه فقط، فهي مدينة صغيرة مقارنة بغيرها، لكنها مع ذلك معروفة.

لا تشتهر المدينة فقط بالبورسلين، والبورسلين مادة الشهرة ورمز النبلاء والأرستقراطية الفرنسية والعالمية. ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، تستخدم، بحسب ما يشاع، أفخر أنواع البورسلين في مجموعة أباريق الشاي الخاصة بها، وهي من ليموج. عدا عن ذلك، يستخدم هذا النوع من البورسلين أغنياء العالم، ومن الأشياء المهم ذكرها أن هذا البورسلين لشدة ندرته في كثير من الأحيان له ورثة في العائلات التي تملكه. الأغنياء هم من يستعملونه، ليس لأنه صنع من أجلهم، هذا فقط لأنهم قادرون على دفع ثمنه. هو ليس مادة حصرية بهم، هم فقط يملكون ثمنه. لكن في ليموج يمكن للفقراء، وبخاصة الذين يعملون في هذه المهنة، أن يملكوا أواني، قد لا يتمكن حتى الأغنياء من امتلاك شبيه لها.

لكن هذه الصناعة ليست الوحيدة في المدينة، التي تشتهر بصناعة الأحذية منذ أواسط القرن الثامن عشر، إلى جانب استقطاب جامعتها للطلاب من مختلف أنحاء فرنسا والعالم؛ ففيها واحدة من أهم كليات القانون في فرنسا وأيضا كليات الإدارة والهندسة، مما يعني أنها مدينة لا تكتسب أهميتها فقط من صناعة البورسلين.

لكن الحق أن هذه الصناعة هي على الأرجح التي تؤمن للمدينة الحضور الباهر في العالم، إلى جانب استقطابها العدد الهائل من السياح سنويا، إذ هي إضافة إلى هذه الصناعة الفريدة، حيث تحفل بعدد من الأماكن ذات البعد التاريخي الثقافي، منها ما يعتبر إرثا ثقافيا عالميا بحسب «اليونيسكو». وعلى المستوى المحلي ففي ليموج 242 موقعا تاريخيا من أصل 467 في كل فرنسا، مما يعني أن للمدينة ماضيا تاريخيا لا يمكن الاستهانة به في أي حال، من هذه المعالم نفذه وصممه المهندس غوستاف إيفل الشهير الذي ترك بصمته من خلال البرج الشهير الذي يحمل اسمه في باريس، إلى جانب عدد من الحدائق التاريخية التي يعود أقدمها إلى ما يزيد على 3 قرون خلت، فضلا عن المتاحف التي تمتلئ بها المدينة، كما يوجد فيها أحد أقدم الجسور على مستوى العالم، إذ تم بناء جسر سانت إتيان في القرن الثاني عشر وهو لا يزال حتى اليوم شاهدا على عمق تاريخ المدينة.

لا يمكن اعتبار زيارة هذه المدينة زيارة عادية ورتيبة، وعلى الرغم من أن 3 أيام فقط تعتبر كافية لرؤية كل شيء فيها، فإن ما يمكن رؤيته يفوق الوصف، حيث إلى جانب المتاحف والأماكن التاريخية، يمكن كذلك الاستمتاع بزيارة عدد من القصور المشيدة في قلب المدينة القديمة، وتلك المنتشرة في ضواحيها الفاخرة، وتفيد هذه القصور في معرفة التاريخ الأرستقراطي لهذه المدينة الصغيرة التي لولا صناعة البورسلين الفاخر، لما كان أحد في العالم قد انتبه إلى وجودها.

يكفي التجول في أنحاء هذه المدينة، لرؤية أشياء كثيرة، وفي أحيائها القديمة، لا يزال الكثير من الآثار المهمة إلى جانب جمالية الهندسة التي بنيت على مثالها البيوت، خصوصا في حي وسط المدينة الذي بني على مرتفع صغير ويتوسطه أحد أجمل قصور أوروبا الذي يضم الكثير من المناطق التي تستحق الزيارة إلى حي القصر الذي يضم محطة البندكتيين التي هي اليوم محطة القطار الرئيسية في المدينة، والتي تزنرها المقاهي من معظم الجوانب. إلى جانب كل هذا يضم هذا الحي وفي أحد أهم شوارعه، بوليفار لويس الأبيض، سوق الخزف، وهي من أكثر الأماكن زيارة في المدينة، حيث يمكن للزوار شراء نوعيات فاخرة من البورسلين والخزفيات بأسعار جيدة لا يمكن العثور على مثلها في أماكن أخرى من العالم.

في تلك السوق من الممكن رؤية أفضل أنواع البورسلين في العالم، وبأشكال مختلفة من مثل تلك التصميمات التي تعود إلى حقبة ملوك فرنسا وعدد كبير من ملوك أوروبا، إلى الأشكال التي تحاكي المعاصرة بتصميمها وتلك التي يمكن إدراجها في خانة الفنون الحديثة.

المدينة كانت قد بدأت منذ عام 2009، ولو بشكل متأخر، بإقامة مهرجان عالمي لصناعة البورسلين، يشترك فيه الكثير من الصناع والحرفيين من كافة أنحاء العالم، وهو يتم في شهر مايو (أيار) منذ ذلك الوقت، حيث تكون المدينة في أوج موسمها الصيفي على خلاف الكثير من المدن الأخرى التي يكون فيها هذا الشهر عادة بداية الموسم لا ذروته.

تمتاز ليموج التي هي عاصمة إقليم ليموزان (limousin) بأنها تقع في منطقة تشتهر بأنها من أفضل المراعي الفرنسية، حيث وإلى جانب البورسلين تعتبر ليموج من منتجي أفضل أنواع اللحوم في فرنسا، ولهذا فإن المطاعم فيها تقدم أفضل أنواع اللحوم، وبخاصة لحوم البقر والعجل التي تعتبر مكونا رئيسيا للكثير من الأطباق المحلية، ولبعض الأطباق الفرنسية التقليدية، التي لا يمكن عدها بكل بساطة، هذا جانب يشجع على السياحة وزيارة مدينة معجونة بالتاريخ وفيها مطاعم تعود إلى مائة سنة.

عناوين فنادق:

La Chapelle Saint-Martin Tel.: + 33 (0)5 55 75 80 17 Fax: + 33 (0)5 55 75 89 50 من أجمل الفنادق في فرنسا، ويقع في منطقة ريفية قريبة من ليموج، وهو يعتبر من الأماكن التي تصلح للاستجمام والتأمل داخل طبيعة خلابة.

Au Moulin de la Gorce Tel.: + 33 (0)5 55 00 70 66 Fax: + 33 (0)5 55 00 76 57 يقع هذا الفندق ضمن ناد للغولف، وهو يحتوي على عدد من المطاعم الفخمة التي تقدم الأطباق المحلية وعدد من الأطباق الفرنسية التقليدية.