إفران.. «سويسرا» المغرب الصغيرة

بحيرات وغابات وثلوج وخضرة وحيوانات نادرة

الأسد الذي يتوسط مدينة إفران («الشرق الأوسط»)
TT

شيدت مدينة إفران المغربية (وسط البلاد) على الطراز الأوروبي، وظلت تحافظ على هذا الطابع المتميز، لذلك يطلق عليها «سويسرا الصغيرة» بسبب طابعها الأوروبي وجبالها الشاهقة، و«إفران» كلمة أمازيغية تعني الكهوف، والتسمية مستوحاة من المغارات المنتشرة حول المدينة، وقديما كان يطلق عليها «تورتي» باللهجة المحلية أي البستان أو الحديقة، وهي أفضل مكان في المغرب لمزاولة رياضة التزلج، وفي المدينة وحول بحيراتها عدد لا يحصى من الطيور والحيوانات النادرة.

وهي مدينة ذات طابع خاص، لا يشبه معمارها المدن المغربية الأخرى، إذ بنيت منازلها طبقا للأساليب الأوروبية التقليدية التي تشبه ما هو موجود في ضواحي بعض المدن الفرنسية والسويسرية، تتميز منازلها بسطح مائل من القرميد الأحمر، ويمنع فيها تشييد البنايات المرتفعة (العمارات)، وحافظت «إفرن» كما ينطق اسمها سكانها الأصليون من أمازيغ الأطلس (بربر) على الطابع المعماري الخاص الذي تركه المستعمر الفرنسي واستمرت المدينة في المحافظة على هذا الطراز. شوارعها شاسعة وساحاتها فسيحة، وهي خضراء صيفا وشتاء، يقبل عليها السياح في كل الفصول، في الصيف هي المنطقة الأكثر برودة في المغرب، وفي الشتاء عندما تكسوها الثلوج تصبح أجمل مناطق التزلج.

عندما تدخل إفران تحس برعشة برد ليست عادية، وهي رعشة لها علاقة بالتميز الطبيعي والجوي للمنطقة. وتعتبر المنطقة من الوجهات السياحية القليلة في المغرب التي تعرف إقبالا طول العام، إذ يتوافد عليها سياح أجانب في الشتاء والخريف لمزاولة رياضة التزلج على الجليد، وتوجد لهذا الغرض محطات شتوية خاصة لممارسة التزلج على الجليد مثل محطة «ميشليفن» في أطراف المدينة. وتوفر هذه المحطة كل مستلزمات مزاولة الرياضات المرتبطة بالثلج إلى جانب إمكانية تقديم دروس للمبتدئين في هذا النوع من الرياضات.

وطقس إفران عبارة عن برد قارس في الشتاء وثلوج تغطي قمم وسفوح جبالها في الخريف والشتاء مع طقس معتدل في الصيف والربيع، وتتدفق شلالاتها المائية خلال هذا الفصل مع انتشار الساحات المخضرة.

خلال الصيف، يقصدها الناس بسبب مناخها المعتدل، خاصة سكان المناطق الحارة المجاورة مثل سكان مدينتي فاس ومكناس الذين يفضلون تمضية جزء من عطلة الصيف في إفران. وهي أيضا منطقة يقصدها عشاق رياضة القنص البري خلال فصل الخريف وتعرف مشاركة كثيفة من المغاربة أو الأجانب.

وإفران من المدن المغربية الأكثر انفتاحا نظرا لوجودها على واجهة الطرق المؤدية إلى فاس ومكناس من جهة وإلى مدينة إرفود ومراكش (جنوب المغرب) من جهة أخرى، وتعد مدينة «أزرو» التي لا تبعد كثيرا عن إفران أهم الأسواق التجارية بالمنطقة، حيث كانت القبائل الأمازيغية المجاورة تعرض أهم منتوجاتها التقليدية.

وفي ضواحي إفران أماكن خلابة، مثل «ضاية عوا» و«ضاية إيفراح»، من بين الأشجار التي تنمو طبيعيا بالمنطقة هناك الأرز الأطلسي والبلوط فضلا عن بعض الأشجار التي تم استيرادها من أوروبا مثل «الأرجوان» و«الزيزفون» وأشجار «السيكامور» و«الكستناء». ومما ساعد على جعل إفران منطقة سياحية، جبال الأطلس المتوسط وسلسلة هضاب من الحجر الجيري التي تحيط بها، وتعتبر المنطقة خزانا للمياه الطبيعية حيث توجد غابات الأرز وأشجار البلوط بوفرة.

ويشكل الأطلس المتوسط منبعا لأكبر الوديان والأنهار المهمة بالمغرب مثل أنهر «ملوية» و«سبو» و«أبو رقراق» و«أم الربيع»، وتعتبر المنطقة من أقل المناطق المأهولة بالسكان بالمغرب مقارنة مع غيرها من المناطق الجبلية مثل الأطلس الأعلى والريف.

ومعظم المغاربة يعرفون مدينة إفران بأسدها الرابض في وسط المدينة، وهو أسد نحت من الحجر ويوجد في معظم ألبومات زوارها، يتصدر دائما بطاقاتها البريدية والمطبوعات السياحية التي تتحدث عن المدينة، وأصبح رمزا وعلامة لها، ولا تكتمل طقوس زيارة المدينة إلا بأخذ صورة تذكارية بجانبه، ولا تعرف على وجه الدقة حكاية هذا التمثال، لكن يشاع أن أسيرا ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية هو الذي تكفل بنحته مقابل إطلاق سراحه.

في الشتاء تكتظ المدينة بهواة الرياضات الثلجية التي توفرها منطقة ميشليفن، وتعج في الصيف بهواة التخييم والباحثين عن الأجواء الطبيعية في الغابات المتناثرة مثل فضاء «راس الماء» و«تيغبولة»، و«تيوميلين»، كما يمكن للزوار الاستمتاع بجاذبية بحيرة وشلالات «عين فيتيل» والتقاط صورة على صهوات خيولها، وتأمل الطبيعة خلال زيارة «راس الماء» و«وادي إفران»، وهي مواقع تغري هواة صيد الأسماك بالصنارة. وفي إفران واحدة من أهم الجامعات المغربية، وهي «جامعة الأخوين» التي تتمتع بسمعة أكاديمية كبيرة وتتبع مناهج الجامعات الأميركية، ووجود طلاب هذه الجامعة في المدينة، جعلها من أكثر المدن المغربية التي تنتشر فيها الإنجليزية.