«بيوت الشباب» عنوان الإقامة الرخيصة في المغرب

تجربة انطلقت في الثلاثينات وينعشها السياح الأجانب اليوم

TT

على الرغم من «حالة النسيان» التي طالتها في العقود الأخيرة فإن «بيوت الشباب» التي يطلق عليها في المغرب أيضا «مآوي الشباب» راحت تنتعش مجددا لأسباب متباينة، أهمها الأسعار المتدنية. هذه البيوت تستقطب الشباب الذين يعشقون السفر والسياحة، ويبحثون عن أماكن للمبيت بأسعار بخسة حتى تسعفهم ميزانياتهم المحدودة في التجول والاكتشاف، لكن الأمر لا يقتصر على الشباب فقط، على الرغم من التسمية، إذ إن الكبار كذلك يمكنهم الحجز والمبيت في هذه البيوت.

توجد حاليا 20 بيتا من بيوت الشباب في عدة مدن مغربية، من بينها الدار البيضاء والرباط وفاس ومكناس ومراكش وشفشاون وورزازات والعيون ووجدة ومراكش ومكناس وطنجة وأزرو. ومعظم زبائن هذه البيوت شبان من أستراليا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا ومصر وتونس.

يقول محمد المودني مدير أحد بيوت الشباب في الرباط، إن هذه البيوت مستقلة عن وزارة الشباب وأي جهة حكومية، حيث توجد في كل مدينة جمعية تسمى «جمعية مآوي الشباب» هي التي تشرف وتنظم عمل هذه البيوت، وهي التي تعين المسؤولين عنها عن طريق الانتخاب، هذه الجمعيات تابعة بدورها «للفيدرالية الملكية لمآوي الشباب» وهي فرع من «الفيدرالية الدولية لبيوت الشباب». وانضم المغرب لهذه الفيدرالية عام 1936 عندما افتتح أول بيت من بيوت الشباب في الدار البيضاء ثم أصبح بعدها بسنوات أول بلد أفريقي وعربي تأسست فيه فيدرالية لبيوت الشباب. ويشرح المودني لـ«الشرق الأوسط» قائلا «أهداف بيوت الشباب مساعدة الشباب في إيجاد مكان لائق للمبيت وبسعر مناسب.. هكذا باختصار» لكنه أشار إلى أن بيوت الشباب تقبل جميع الأعمار، ولا تقتصر على سن محددة كما يعتقد البعض، لأن توصيات الاتحاد الدولي لبيوت الشباب تلح في هذا السياق على استقبال الجميع، على الرغم من أن أغلب هذه البيوت يقبل عليها الشباب بالدرجة الأولى.

يبلغ سعر ليلة في بيت الشباب بالرباط 65 درهما (نحو ثمانية دولارات) ويشتمل هذا السعر على وجبة فطور، في حين تتراوح أسعار المبيت في بيوت الشباب ما بين 30 درهما (نحو أربعة دولارات) و60 درهما (7 دولارات ونصف دولار)، وفي حالة الحجز عبر الإنترنت من الموقع الدولي لبيوت الشباب، يحصل الزبون على خصم خمسة في المائة من سعر المبيت بالنسبة للزبائن من داخل المغرب، في حين يحصل السياح من الخارج على خصم بنسبة عشرة في المائة للقادمين من خارج المغرب.

وطبقا لقانون بيوت الشباب فإن الحد الأقصى للمبيت هو ثلاث ليال فقط، لكن في بعض الأحيان تقبل إدارة بيوت الشباب إضافة بضعة أيام للسياح الذين يأتون من دول بعيدة.

وبشأن الأنشطة الموازية التي تقوم بها «مآوى الشباب في الرباط»، قال المودني إن أغلبها ذات طابع سياحي، تبادر بها جمعيات، تتمثل في الإرشاد السياحي للقادمين من دول بعيدة والذين يزورون المغرب لأول مرة، كما تنظم أنشطة مسرحية وثقافية مختلفة إضافة إلى المشاركة في ملتقيات دولية مثل «الملتقى الدولي للشباب» الذي تأسس عام 2005 من طرف ثلاث دول هي ألمانيا وفرنسا والمغرب تحت شعار «أكن لك الاحترام»، ثم التحقت به أميركا وتونس وبعد ذلك مصر.

ونظمت دورة العام الماضي في المغرب تحت شعار «تقارب الثقافات» تماشيا مع شعار الأمم المتحدة لعام 2010 حيث يعتبر أي مشارك رسول السلام، وتم خلاله إجراء لقاءات بين شباب من مختلف دول العالم مع جهات رسمية مختلفة مثل القضاة وعلماء ورجال دين وكذا مع السلطات المحلية، وهي لقاءات تهدف إلى التعرف على المغرب، ومدى استعداد السلطات في التعامل مع الأجانب وتقبلهم لأفكار وثقافات مختلفة سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى المجتمع المدني.

تضم «شبكة مآوي الشباب في المغرب» 13 بيتا توجد في أهم المدن الساحلية، ومعدل المبيت يصل إلى 30 ألف ليلة سنويا، وبشأن بيت الشباب في الرباط، أشار المودني إلى أن طاقته الاستيعابية تصل إلى 58 سريرا وهي عبارة عن غرف جماعية.

وحول تمويل هذه البيوت أوضح المودني أن الأمر يعتمد على مداخيل الزبائن، مضيفا أن برنامج «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، وهي جهة رسمية، اقترح شراكة مع هذه البيوت لكن لم يبت فيها، مشيرا إلى أنهم بصدد عقد اتفاق شراكة مع وزارة الشباب للاستفادة من مراكز الشباب في المدن التي لا توجد فيها بيوت للشباب، وكذا في حالة إقبال عدد كبير من الزبائن لكن الأمر لا يزال محل بحث.

ويقول المودني إن «جمعيات مآوي الشباب» متشبثة باستقلاليتها عن الدولة، وهي الوحيدة في العالم العربي المستقلة عن الدولة لذا فإن الاتفاق مع وزارة الشباب ما زال متعثرا، ومرد ذلك إلى تخوفات أن تندمج مآوي الشباب في الوزارة وتصبح ذات طابع حكومي.

ويأتي السياح الفرنسيون في طليعة زبائن بيوت الشباب بالرباط، بنسبة 2017 ليلة مبيت عام 2010، يليهم المغاربة بنحو 1200 ليلة مبيت ثم البلجيكيون بنسبة 833 ليلة، أما فيما يخص الدول العربية فتحتل الجزائر المرتبة الأولى بنسبة 57 ليلة مبيت. ويعتقد أنه في حالة فتح الحدود المغربية الجزائرية فإن هذا العدد سيتضاعف عشرات المرات، وتأتي ليبيا في المرتبة الثانية في الدول العربية تليها تونس ومصر، ويعرف شهرا يوليو (تموز) وأغسطس (آب) توافد أكبر عدد من السياح على بيوت الشباب، ويعرف عدد السياح ارتفاعا ملحوظا حيث ارتفع من 2111 زائر عام 2006 إلى 7068 زائر في السنة الماضية.