فولسبورغ الألمانية.. مدينة «فولكس فاغن» السياحية

ارتبط تاريخها بسيارة «البيتل» التي وضع هتلر حجر أساس مصنعها

للرحلة المائية على متن السفينة في «مدينة فولكس فاغن» متعتها الترفيهية الخاصة
TT

قد لا تكون مدينة فولسبورغ الألمانية اسما مألوفا بالنسبة إلى العرب بشكل خاص، والسياح بشكل عام، لكن الأكيد أن هذه المدينة الصغيرة بمقوماتها السياحية الحديثة، تمتاز بموقع مميز يجعلها تستحق أن تكون قبلة السياح المتوجهين إلى ألمانيا، ولا سيما المناطق الشمالية منها. ولعل أبرز هذه المقومات عالم «فولكس فاغن» للسيارات، مقر الشركة الألمانية الشهيرة التي كان لها الوقع الأكبر في تحويل هذه المدينة الصغيرة إلى مقصد للسياح لا تقل أهمية عن أي مدينة ألمانية أخرى، وهي على الرغم من ذلك لم تفسد صناعتها هواء فولسبورغ النقي في معادلة بيئية لافتة تعكس مدى تطوّر الشركة من جهة وصورة طبق الأصل عن المدن الألمانية الأخرى بنظامها وهوائها النقي وشعبها الهادئ من جهة أخرى.

منذ لحظات الوصول الأولى إلى فولسبورغ إن كنت آتيا إليها بالقطار السريع أو بالسيارة من أحد المطارات الألمانية ستكون سيارات الـ«بيتل» أو «الخنفساء» التي تغزو شوارع المدينة وأحياءها، خير دليل على وصولك إلى مدينة الـ«فولكس فاغن» التي تعني في الألمانية «سيارة الشعب». ويمكن القول إن تاريخ مدينة فولسبورغ التي تقع في ولاية ساكسونيا السفلى في شمال ألمانيا يرتبط إلى حد كبير بتاريخ صناعة سيارة «فولكس فاغن» وذلك عندما وضع أدولف هتلر حجر الأساس للمصنع في عام 1938 بهدف البدء بإنتاج السيارات الشعبية بكميات كبيرة وبتكلفة مناسبة وسطع حينها نجم سيارة الـ«بيتل»، إلى أن أصبحت المدينة اليوم مقرا مركزيا لأكبر منتج للسيارات على المستوى الأوروبي بعدما كانت في فترة الحكم النازي لا تعدو كونها مصنعا لإنتاج السيارات الحربية، والتي تم تدميرها نهائيا في الحرب العالمية الثانية.

وقبل الانطلاق في سبر أغوار هذه المدينة سيكون موظفو مكتب الاستعلامات السياحية جاهزين لمدك بالمعلومات اللازمة لهذه الغاية التي ستبقى مهمة تنفيذها سيرا على الأقدام أكثر متعة، لا سيما أن الأماكن التي سيقصدها السائح ليست بكثيرة وعلى مسافة قريبة. لكن وقبل الوصول إلى مدينة «فولكس فاغن» أو ما تعرف بـ«Autostadt»، سيتسنى للزائرين المرور على مقربة من مركز كبير لافت بتصميمه الحجري يعرف بـ«مركز فانو للعلوم التفاعلية» قبل أن يكون لمحبي التسوق محطة رئيسية تتطلب بدورها ساعات طويلة في المجمع التجاري الكبير المعروف بـ«designeroutlet»، وهو الذي يجمع في طبقاته أفخم وأرقى الماركات العالمية والألمانية من الثياب والأحذية والساعات والنظارات الشمسية وغيرها والتي تباع كلها بأسعار مخفضة بنسبة قد تصل أحيانا إلى 70 في المائة. هذا الواقع يجعل قاصد هذه المنطقة، ولا سيما قاصدتها، غير قادرة على كبح جماح رغبة التسوق في ظل الإغراءات ووجود عدد كبير من أهم الماركات العالمية، ومنها «ليفايز» و«اسكادا» و«كيلفن كلاين» و«ديزل» و«أديداس» و«أوكلي» و«رالف لورين» وغيرها من المتاجر التي باتت مقصد السياح والألمانيين الذين باتوا ينظمون بين فترة وأخرى رحلة تسويقية إلى فولسبورغ، حيث يتسابقون لشراء أحدث الموديلات بأرخص الأسعار. وفي حين قد لا تكون في معظم الأحيان الموديلات التي تزين واجهات المحلات والموزعة في داخلها تنتمي إلى المجموعات الأخيرة، إلا أن الفرصة متوفرة لاصطياد بعض منها، إضافة طبعا إلى الموديلات الكلاسيكية، والتي تجعل الزبون في حيرة من أمره بين شراء هذه أو اختيار تلك والأمر يبقى طبعا مرتبطا بالميزانية الموضوعة لهذا الغرض.

أما وقد تقرر الانتقال إلى مدينة «فولكس فاغن» فهنا عالم سياحي ترفيهي بحد ذاته ويتم الوصول إليها عبر جسر ضخم معلق، وهي التي تم افتتاحها رسميا في عام 2000 بهدف توثيق مراحل صناعة سيارات «فولكس فاغن» وذلك على مقربة من المصنع الرئيسي وعلى مسافة قريبة من وسط المدينة بعدما عمل على تصميمها وتنفيذها نحو 400 مهندس. وليست هندسة المشروع وفخامته إلا دليلا واضحا على الميزانية الضخمة التي وضعت لبنائه، والتي قيل حينها أنها بلغت نحو 850 مليون مارك ألماني أي نحو 435 مليون يورو.

المتنقل في عالم «فولكس فاغن» لا بد له ألا أن ينبهر بسحر تفاصيله الهندسية التي تبدأ بالدرجة الأولى من التمتع بسيارات العصر الماضي الموزعة في أرجاء المكان في بيوت زجاجية على اختلاف أشكالها وتلك السيارة الحديثة التي تعمل بالكهرباء، إلى تقنية توزيع المياه والمساحات الخضراء والزهور التي تطغى على المكان إلى برجي السيارات الزجاجيين، حيث تجمع مئات، بل آلاف السيارات في أكثر من 20 طبقة يتم الوصول إليها عبر السلم الكهربائي، وكلها من صناعة الشركة التي تنضوي تحت لوائها أنواع عدة أهمها «لومبرغيني» و«غولف» و«سكودا» و«أودي».. ولأن الرحلة في عالم «فولكس فاغن» ليست فقط لإشباع العين، فللترفيه عنوانه الأساسي من خلال وسائل عدة بدءا من ألعاب الأطفال مرورا بالمسابح الخاصة وصولا إلى رياضة التجديف، إضافة إلى فندق خاص عائم على ضفاف نهر «اللير» وهو مخصص فقط لزبائن الشركة الذين يحق لهم قضاء ليال عدة فيه بعد أن يشتروا إحدى سيارات الشركة. وفي النهر نفسه سيتمكن زائر المدينة من التنقل على متن سفينة عملاقة في رحلة مائية رائعة.

كذلك فللشركة برامجها الترفيهية السنوية الشتوية منها والصيفية والتي تكون في معظم الأحيان خلال أشهر ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، والتي يتم خلالها تنظيم احتفالات متنوعة حول مواضيع مختلفة وكان آخرها الشهر الماضي تحت عنوان «الليالي البيضاء» والتي توافد إليها الألمانيون من المناطق القريبة ليستمتعوا بعروض مائية مذهلة نجحت في نقل الحاضرين إلى عالم خيالي من الألوان والحكايات حتى منتصف الليل على وقع الموسيقى.