شرق لندن يسحب البساط السياحي من تحت غربها

«الشرق الأوسط» في جولة على الاماكن المشاركة في الألعاب الأولمبية

مدينة ماتش وينلوك الريفية.. فرصة للتعرف إلى موطن الألعاب الأولمبية وتنفس هواء إنجلترا النقي
TT

منذ نحو سنتين ولندن تتنفس رياضة، ننام على أخبار الألعاب الأولمبية ونستفيق على مشاهد المدينة الأولمبية، نقرأ أخبار الاستاد الأولمبي ونتنفس الصعداء عندما نسمع عن الأرقام الهائلة التي ستجلها الألعاب الأولمبية التي ستنطلق في يوليو (تموز) المقبل ونفقد الأمل ونحزن عندما يفشل التوصل إلى بيع الاستاد الأولمبي بعد الانتهاء من الألعاب لنادي وستهام البريطاني لنعود ونستيقظ من الحلم الأولمبي ونبدأ التفكير في من سيتولى تكلفة صيانة الاستاد بعد الألعاب التي ستصل إلى أكثر من 50 مليون جنيه إسترليني؟

إنجلترا عامة، ولندن خاصة، ترقصان في هذه الأيام من الفرح والسعادة باستضافة الألعاب الأولمبية وعودة الشعلة إلى مهدها وبالتحديد إلى بلدة «ماتش وينلوك» الصغيرة في شوربشر القريبة من وولفرهامتون التي تراها تحتفل اليوم بروابط تاريخها الحافل مع الأولمبياد الدولي الحديث.

فعلى عكس ما يظنه كثيرون بأن الألعاب الأولمبية تعود بتاريخها إلى أثينا، ففي الواقع إنها تعود إلى تلك البلدة الساحرة في الريف الإنجليزي، ويعود الفضل في ذلك إلى الطبيب ويليام بيني بروكز الذي أسس ألعاب وينلوك الأولمبية عام 1850 وهي الألعاب الرائدة التي مهدت للأولمبياد التي نعرفها اليوم. وبدأت فكرة الألعاب الأولمبية عندما صرح بروكز عن رغبته في القيام بمهرجان أولمبي دولي للبارون الفرنسي بيير دي كوبيرتان الذي كان يتمتع بنفوذ واسع واستوحى الفكرة وحققها بعدها في أثينا في عام 1896. ولسوء الحظ توفي بروكز في ديسمبر (كانون الأول) عام 1895 قبل أن يشهد أول ألعاب أولمبية عالمية أقيمت في أثينا في أبريل (نيسان) 1896 لكنه بقي على اتصال مع كوبيرتان وعلم أن حلمه سيبصر النور ويصبح حقيقة.

فبعد أن أثبت الزواج الملكي الذي شد العالم بأسره في أبريل الماضي ومساهمته في مضاعفة أعداد السياح وجدت بريطانيا لنفسها سببا آخر لتسرق السياح والسياحة من البلدان الأوروبية المجاورة، فبعد انتهاء التحضيرات التي سبقت الزفاف الأسطوري، ها هي لندن تتجمل وتتبرج اليوم وتقوم بتنظيف ساحاتها، ولم يسلم تمثال في ثناياه من أن تطاله أعمال الترميم والصيانة والتجميل ابتهاجا بالعد العكسي لانطلاق الألعاب الأولمبية وأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة 2012، ولم ينتظر السياح الصيف المقبل للمجيء إلى لندن وباقي المدن الإنجليزية للمشاركة في الألعاب بل بدأوا يتوافدون إلى العاصمة التي بدلت لقبها وحولت ضبابها إلى دفء تاريخي لم يشهده شهر أكتوبر (تشرين الأول) من قبل، ونظمت «بلو بادج توريست غايد» التي تعمل جنبا إلى جنب مع «فيزيت بريتان» ومنظمي الألعاب الأولمبية برامج سياحية خاصة تعرف الزوار على مواقع الألعاب الأولمبية بجميع فئاتها في لندن وخارجها، وتقوم نخبة من المرشدين السياحيين البريطانيين بالتعريف بكل تفاصيل الألعاب الأولمبية والمباني والمشاريع التي خصصت لها إضافة إلى تاريخها، ولمحبي المشي تنظم «بلو بادج» رحلات مشيا على الأقدام تنطلق من منطقة بيكاديللي سيركس يوميا في تمام الساعة العاشرة صباحا وتستمر على مدى ساعتين مقابل مبلغ 5 جنيهات للراشدين والأطفال دون سن الـ12 مجانا. وخلال الرحلة يتعرف المشاركون على ساحة البرلمان وبيغ بين ووستمينستر ابي ومقر رئيس الحكومة وقصر باكنغهام ومنطقة مال وعين لندن وجميع تلك الأماكن سيكون لها النصيب في الألعاب الأولمبية بشتى أشكالها.

منذ نحو الـ3 أسابيع احتفل شرق لندن بافتتاح مركز ويستفيلد التجاري الأكبر في أوروبا وشاءت الصدفة فقط بأن يكون موقع المركز مقابل المدينة الأولمبية بالتحديد والرابح الأكبر في المركز محلات «جون لويس» الشهيرة التي تتميز بإطلالة مميزة على مبنى الألعاب الأولمبية المائية من تصميم المعمارية العراقية زها حديد، والاستاد الرئيسي وباقي المباني التي تختلف بأشكالها وتصميماتها، والقاسم المشترك في ما بينها هو الحفاظ على البيئة وإمكانية بيع الحديد المستعمل في بنائها إلى شركات مثل شركة الغاز البريطاني وغيرها، أو حتى نقلها إلى البلد المستضيف للألعاب المقبل. «بلو بادج» تضم أكثر من 20 ألف مرشد سياحي ينتشرون في شتى أنحاء المناطق المشاركة في الألعاب الأولمبية، ويمكن حجز رحلة مع أحدهم للتعرف على جميع التطورات الحاصلة التي تتغير بتغير أسعار البورصة الدولية، فإذا اخترت زيارة منطقة ستراتفورد في شرق لندن حيث توجد المدينة الأولمبية وسكن اللاعبين الأولمبيين، فلا بد من تأجير الدراجة الهوائية والتنزه على كورنيش محاذ للاستاد الضخم وسوف تقف مبهورا بعظمة البناء، فمن يعرف هذا القسم من لندن يدرك بأنه كان القسم الأكثر فقرا وتهميشا من قبل السلطات، فقبل البدء بعملية البناء كان لا بد من تنظيف وتطهير القناة المائية التي تصب في نهر لي الأكثر تلوثا، وتقول روبينا براون، المرشدة السياحية، إن هذه العملية كانت شاقة للغاية، فقد تم استخراج إطارات سيارات قديمة وحتى سيارات من قعر القناة، وكان لا بد من تحسين صورة المنطقة وتحسين وضع الصرف الصحي في المنطقة التي كانت تعاني بالفعل من الإهمال التام، لكن اليوم وبفضل الأولمبياد ومركز ويستفيلد فهي قادرة على سحب البساط السياحي من تحت غرب لندن أو ما يعرف بـ«ويست إند» المنطقة التي تضم المحلات التجارية والمسارح، كما أن أسعار العقارات آخذة في الارتفاع حاليا في المنطقة الشرقية من لندن وسيتم بيع مساكن اللاعبين بعد الأولمبياد بأسعار مدروسة تشجيعا لذوي الدخل المحدود. وفي حال كانت ستراتفورد نقطة انطلاقك للتعرف على مسيرة الألعاب ومواقعها، فلا بد أن تجرب مقهى «فينيش» الذي يقدم المأكولات البريطانية التقليدية ويتميز مبنى المطعم بمنصة مراقبة مطلة على المدينة الرياضية.

إذا لم يحالفك الحظ في الحصول على تذكرة لمشاهدة إحدى الألعاب الأولمبية فننصحك بزيارة ستراتفورد حاليا لأنه سيمنع استعمال السيارات طوال فترة الأولمبياد، ولن يسمح إلا بنقل الشخصيات المهمة واللاعبين عبر سيارات «بي إم دبليو» الشركة الراعية للأولمبياد أو التنقل بواسطة قطارات «دي إل آر» أو قطارات النقل العام البريطاني، وأيضا ستكون شركة الطيران البريطانية «بريتش إيرويز» الراعي الجوي الوحيد للأولمبياد.

ومن الأماكن المشاركة في الألعاب الأولمبية في لندن منطقة «ذا مال» القريبة من قصر باكنغهام المعروف بالـ«هورس غاردس بارايد»، حيث يتم تبديل الحرس الملكي ومن هناك سينطلق الماراثون ومن الأماكن المشاركة أيضا معرض إكسيل وايرلز كورت، وغرينيتش بارك، وهايد بارك، وسانت جايمس بارك، وأولد ترافورد، وملعب لورد للكريكيت في سانت جونز، وود ولي فالي، وهامبتون كورت، وهادلي فارم، وميلانيوم ستاديوم، وويمبلي ستاديوم، وويمبلدون، وأخيرا إيتون مانور، وإيتون دورني، التي ستستضيف التجدف في بحيرة من صنع الإنسان قامت مدرسة «إيتون كوليدج» الشهيرة التي علمت كل أفراد العائلة المالكة وثاني أقدم مدرسة خاصة في بريطانيا بإنشائها، ويشار إلى أنه تم رفض طلب المدرسة أكثر من مرة إلى أن وافقت هذه الأخيرة على إعطاء فرصة استعمال البحيرة الشاسعة للمدارس غير الخاصة وإنشائها بمعايير وقياسات دولية قبل العلم بأن لندن ستفوز بالأولمبياد. وتشارك أيضا منطقة ويندسور حيث يقع قصر ويندسور وهناك ستنطلق الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة الذين سيسلكون الطريق المعروف باسم «ذا لونغ ووك». وتجدر الإشارة إلى أن شعار الأولمبياد هو 2012 من دون الإشارة إلى لندن وذلك لأنه تم تحاشي استخدام لندن لأنها ليست المضيف الوحيد للألعاب الأولمبية، لكن هناك أماكن أخرى من بريطانيا خارج نطاق العاصمة مشاركة بالأولمبياد.

وإذا توجهت إلى منطقة ويندسور، فلا بد من زيارة القصر الرائع الذي شهد ألعابا أولمبية في السابق، ولا بد من زيارة مطعم «بولتيرز» الذي يشرف عليه الطاهي البريطاني دانيال وودهاوس، ويقع المطعم على النهر مباشرة وعلى مقربة من «إيتون دورني» في مقاطعة باركشير.

وإذا كنت من محبي التاريخ فننصح بزيارة منطقة «ماتش وينلوك» الريفية للتعرف على تاريخ الألعاب الأولمبية، وزيارة منزل الطبيب ويليام بيني بروكز مسقط رأس مؤسس اللجنة الأولمبية.

للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة المواقع التالية: www.visitbritain.com www.driverguidetours.com www.london2012.com www.boultersrestaurant.co.uk www.muchwenlock2012.com www.ba.com www.visitbritainshop.com www.windsor.gov.uk www.shropshiretourism.co.uk