سكيكدة الجزائرية.. متعة البحر بطعم الفراولة

بها أجمل شواطئ المتوسط و«عيد سنوي للفراولة»

TT

ليس من المبالغة أنها تحتوي على واحد من أجمل الشواطئ ليس في الجزائر فقط، إنما في كامل البحر الأبيض المتوسط، إنها مدينة سكيكدة، التي تقع شرق الجزائر، على بعد نحو 500 كيلومتر من الجزائر العاصمة.

إنها مدينة يتعانق فيها البحر والجبل في صور رائعة أخاذة.

وإلى جانب كونها واحدة من أهم الوجهات السياحية في الجزائر، فإنها تعتبر أيضا من أهم المناطق الاقتصادية في البلاد، حيث يعتبر ميناؤها من الموانئ الرئيسية، والمدينة من أهم المناطق الصناعية، ومن أقطاب صناعة وتصدير النفط والغاز، ليس في أفريقيا، بل والعالم. ويبلغ عدد سكان مدينة سكيكدة أكثر من 200 ألف نسمة، وهي عاصمة ولاية سكيكدة، التي تضم عددا من الدوائر والبلديات. وقد يصل مجموع سكان الولاية نحو مليون نسمة.

وتعتبر سكيكدة من أقدم المدن في منطقة المتوسط، حيث يعود تأسيسها إلى القرن الـ11 قبل الميلاد (أثناء العهد الفينيقي)، وكانت تسمى روسيكادا (يعني رأس المنارة). كما أنها كان من أهم المدن الرومانية فيما بعد.

وأطلق الفينيقيون عليها اسم روسيكادا وذلك لأنهم كانوا يشعلون النار ليلا فوق رأس الجبل ليهدوا السفن إلى ميناء أسطورا نسبة للإلهة عشتروت. وكان أسطورا ميناء روسيكادا الرئيسي، واختار الفينيقيون إقامة الميناء هناك لأن مياهه هادئة دائما ولأنه محمي من الرياح العاصفة، التي تصعب رسو السفن.

وبين فترتي الحكم الفينيقي والروماني كانت روسيكادا تحت حكم مملكة نوميديا الجزائرية، وقد ازدهرت فيها في فترتها، غير أن أوج ازدهارها كان في عهد الأباطرة الرومانيين الأنطونيين (96 - 182م)، حيث توسعت المدينة إلى أن بلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة، بحسب بعض المصادر، وهو عدد ضخم في ذلك العصر. لكن الخراب حل بالمدينة مع قدوم حكم الوندال، الذين دمروها في عام 533 ميلادية.

وأصبح الجزء الأكبر من المدينة الفينيقية والمدينة الرومانية التي بنيت المدينة الجديدة على أطلالها مطمورا. ولم تتبق إلا بعض الآثار من المدينة الفينيقية لقديمة في أعالي ميناء المدينة القديم (سطورا).

أما المدينة الرومانية فأبرز ما تبقى فيها المسرح الروماني القديم، الذي كان يتسع لـ6000 متفرج، مما يدل على مدى أهمية المدينة وتوسعها في العهد الروماني. ويعتبر المسرح من أكبر المسارح الرومانية في أفريقيا.

وفي القرن السابع الميلادي فتح الفاتحون العرب المسلمون المنطقة وسموها رأس سكيكدة.

في 1838 سقطت المدينة تحت الحكم الاستعماري الفرنسي (أي بعد ثماني سنوات من بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر). وقام الفرنسيون ببناء مدينة جديدة وتوسيعها وأطلقوا عليها اسم فيليب فيل (PHILIPPE VILLE)..

ظل اسمهما كذلك لدى الفرنسيين غير أن الجزائريين ظلوا يسمونها سكيكدة. وقد تمت إعادة تسميتها بسكيكدة بعد استقلال الجزائر عام 1962. ولعبت سكيكدة دورا هاما في الثورة التحريرية الجزائرية، وهي معروفة بهجمات 20 أغسطس (آب) 1955 الشهيرة، وهي من أبرز محطات الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي.

وبعد الاستقلال تزايد تطور المدينة بشكل لافت لتصبح واحدة من أهم المدن الاقتصادية في الجزائر. فيما حافظت على مكانتها كمنطقة سياحية، خاصة في فصل الصيف، حيث تستقطب الملايين من السياح، خاصة من المناطق الداخلية في شرق الجزائرية.

وتتوفر ولاية سكيكدة على شريط ساحلي يمتد على مسافة 140 كم، ويعتبر الأطول على المستوى الجزائري. وتعتبر شواطئ ولاية سكيكدة من أروع شواطئ الجزائر والبحر الأبيض المتوسط، ومن أشهرها شاطئ جان دارك وشاطئ تمنار والشاطئ الكبير (لاغروند بلاج)، وقرباز. ومقابل هذه الشواطئ توجد جبال غابية تتميز بجمال ساحر.

وتشتهر سكيكدة بأنها أيضا منطقة زراعية، وتشتهر خاصة بزراعة الفراولة، وتحتضن المدينة بنهاية شهر مايو (أيار) من كل سنة «عيدا للفراولة»، تنظم فيه العديد من النشاطات الفنية، ومسابقات أفضل كعكة بالفراولة. وتشتهر سكيكدة بأنها واحدة من أفضل المناطق الجزائرية من حيث صنع «كعك الفراولة» وأنواع الحلويات الأخرى.

وتعتبر أفضل فترة ربما لزيارة سكيكدة، هي أواخر الربيع، نهاية مايو وبداية الصيف. وإذا كانت سكيكدة تتوفر على ميناء وهي مرتبطة برحلات بحرية خاصة بميناء مرسيليا الفرنسي، فإنها لا تتوفر على مطار، غير أنها ليست بعيدة إلا بنحو 90 كيلومترا عن مطار قسنطينة الدولي، المربوط برحلات خارجية، خاصة للعديد من المدن الفرنسية، أو برحلات داخلية للجزائر العاصمة ووهران (بغرب البلاد). كما أنها غير بعيدة إلا بنحو 100 كيلومتر عن مطار عنابة الدولي.

وتتوفر سكيكدة على بعض الفنادق، وإن كان أشهرها فندق بأربع نجوم.