«حصن الوزاني».. متنزه يجذب السياح من لبنانيين وأجانب

بدأ منتجعا وسينتهي قرية سياحية فريدة من نوعها

TT

جميع مكونات الطعام فيه طبيعية وخالية من المواد الاصطناعية، أما العلاقة فتصبح فجأة وطيدة مع البيئة، بفعل الطعام الصحي الآتي من الطبيعة، فضلا عن إمكانية التسوق فيه بمنتوجات صحية نظرا لخصوبة الأرض.

إنه «حصن الوزاني»، مشروع سياحي ثقافي بيئي وحضاري، يعتبر من أكبر المنتجعات السياحية في لبنان، هناك في بلدة الوزاني (جنوب لبنان)، حيث حركة الورش الفنية تعمل كخلية النحل، لإنتاج مرفق حيوي عائد لمنطقة لها جمالها وخصوصيتها في كل الفصول.

مشروع هو صديق للبيئة بفضل الحجر البازلتي الرمادي القاسي، الذي بني الحصن منه، كذلك بواباته الأربع وحامل التراث البيزنطي، والشلالان الجبلي والنهري، والمطاحن ومواقف السيارات.

ويقول خليل عبد الله، صاحب الفكرة والمشروع، في حوار مع «الشرق الأوسط»: «الجزيرة تتسع لـ800 شخص، إضافة إلى طاولات تتسع لـ400 شخص، فضلا عن سفينة نوح التي تتسع لـ800 شخص، وهي مصنوعة من الخشب الأفريقي والقصب، وتقع بالقرب من المسبح الأولمبي الكبير».

ويتابع: «يجاور السفينة مسبح ومدينة ملاه للأطفال، وبقربها سوبر ماركت و17 شاليه تحمل التراث الغربي، يحيط بها أشجار الريحان والباولونيا والكينا، وأشجار من أفريقيا».

معطيات تمثل المرحلة الأولى من المشروع التي انتهت منذ أشهر قليلة، في حين أن العمل مستمر بكل جدية لإنجاز المرحلتين الثانية والثالثة. فالثانية تأخذ من كتف الجبل وبشكل متدرج مقرا لها، وتتضمن بناء 9 فيلات و60 شاليه عاديا، وملعب تنس وناد رياضي، وناد للخيول وطرقات داخلية، وتشجير الجبل.

أما الثالثة التي من المقرر أن تقبع على رأس الجبل، بمبناها المؤلف من 3 طبقات، الأولى منها عبارة عن قاعة اجتماعات لتشجيع سياحة رجال الأعمال، والثانية فيها مكاتب ومطبخ، وحمامات ومراكز خدمات، بينما الثالثة تتسع لـ200 شخص، وميزتها أنها تدور 360 درجة ليتمكن الزائر من رؤية المنطقة بأكملها.

كمن ينتظر مولودا، يراقب عبد الله عملية البناء لحظة بلحظة ويشرف على كل شاردة وواردة فيها، إصرار تشاركه فيه شقيقته زهرة، لاعتبار مشروعهم المستقبلي «حصن الوزاني» شكلا جديدا من أشكال التحدي السلمي، لكل المعوقات حتى لو كانت تحرشات إسرائيلية.

على امتداد 40000م يتربع المشروع، أما تصنيفه فهو بدرجة 4 أو 5 نجوم، وجاء ترجمة لحلم لطالما راود خليل في بلاد الاغتراب. وحول ما يحمله هذا المشروع الواقع على بعد 2 كم من النبع الرئيسي لنهر الوزاني، تؤكد زهرة الحرص على التنوع التراثي، حيث بإمكانك رؤية الطابع البيزنطي والمغربي، والأفريقي والتراث اللبناني القديم.

فالمدخل صمم على الطريقة البيزنطية، وفي الداخل تلفتك التصاميم المغربية المطعمة بتصاميم أفريقية، في مشروع بدأ منتجعا وسينتهي قرية سياحية بمطبخ متعدد الجنسيات، بعد سنتين على أبعد تقدير، بحسب زهرة.

في البدايات، وضع عبد الله انطلاقا من خبرته التصميم الكامل للمشروع، متلقيا المساعدة من أبرز مهندسي المشروع يوسف حمزة (ابن بلدة النبطية – جنوب لبنان)، حيث أثبتت الدراسات التي قاما بها صلاحية مياه النهر البركانية للاستعمال الإنساني، نظرا لاحتوائها على المعادن المفيدة للصحة والبشرة، مما دفعهما إلى إنشاء مركز صحي يتضمن الحمامين المغربي والتركي. ولم يغب عن بال عبد الله إنشاء مركز طبي دائم للإسعافات الأولية لبعض الحوادث الطارئة، التي قد تحدث مع المتنزهين على ضفاف النهر، أو مع من يمارس رياضة السباحة في المسبح الأولمبي.

وحفاظا على الخصوصية البيئية للمنطقة المتميزة بتربتها البركانية وغنى مياه نهرها بالمعادن، لجأ عبد الله إلى تزويد المشروع بسخانات مياه تعمل على الطاقة الشمسية، وبأجهزة تكرير مياه الصرف الصحي لتفادي وصولها إلى النهر، فضلا عن توسيع الطرق المؤدية إلى المشروع وتشجيرها، وإنشاء البرك والشلالات الاصطناعية من النهر، لزيادة نسبة ارتفاع المياه فيه، مما جعل المشروع جديرا بلقب «صديق للبيئة».

ونظرا لاهتمام الكثير من السياح بنوعية الطعام المقدم، فإن المطبخ سيكون عربيا، أفريقيا، غربيا وصينيا، يترافق تناوله مع حسن المعاملة وسحر المكان الأخاذ، وجماله والراحة النفسية والجسدية التي ينشدها كل زائر.

وعن تكاليف هذا المشروع ذي الموقع الحساس، بسبب وقوعه عند آخر نقطة حدودية فاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، يشير عبد الله: «لقد بلغت ثلاثة ملايين دولار من دون احتساب قيمة الأرض، نحن نبني سلاما ولا نعتدي على أحد، ومن حقنا زرع شجرة على آخر سنتمتر من أرضنا، لذلك أطلقنا عليه لقب (حصن الوزاني)، بينما هم يزرعون الحقد والحرب والتهويل، وفي المناسبة أشكر قيادة الجيش على تثبيت نقطة دائمة له على مقربة من هنا».

معالم أثرية كثيرة بإمكان السائح رؤيتها من الحصن، منها بوابة فاطمة ومرج الخيام، ونهر الحاصباني وقلعة شقيف، حصن كان في الأصل قرية يملكها جد عبد الله، ومع مرور الزمن لم يبق منها إلا حجارتها المصقولة.

وعلى الرغم من وصف البعض لعبد الله بالمجنون، الذي يرمي أمواله في النار، فإنه يسأل كيف يفسر هؤلاء العروض التي قدمت لنا؟ وكيف ينظرون إلى تفكير بعض رجال الأعمال في إنشاء مشاريع في المنطقة؟

ويؤكد عبد الله أن المشروع بات مقصدا للسياح من مختلف البلدان العربية والأجنبية وللبنانيين أيضا، وأن أعدادهم في تزايد مستمر، داعيا المستثمرين اللبنانيين إلى الاستثمار في الوطن الأم، حتى ولو بمشاريع صغيرة، مكررا دعوته الوزارات المعنية إلى التفاتة فعلية نحو هذا المشروع وكافة المشاريع في المنطقة، ليتعرف السائح على جمالها وروعة جبالها وسهولها وأنهارها.

ويختم ابن بلدة الخيام (جنوب لبنان) بأن مشروعه إنمائي بامتياز، لأنه سيستوعب عددا كبيرا من العمال، وبالتالي خلق المئات من فرص العمل للشباب والشابات اللبنانيات. إشارة إلى أن الوصول إلى متنزه حصن الوزاني يمكن عبر اتجاهين:

الأول: من طريق النبطية - الليطاني - محلة تل نحاس - تلة الحمامص المواجهة لمستعمرة المطلة المحتلة، وصولا إلى الوزاني.

الثاني: من مرجعيون - سهل مرجعيون - منطقة باب التنية، مرورا بسردة والعمرة وصولا إلى الوزاني..