بلفاست تحتفل بمئوية التايتانيك

عاصمة آيرلندا الشمالية تزاحم لندن سياحيا

بلفاست موطن التايتانيك ومدينة السياحات الفريدة
TT

قبل أزمة الائتمان الدولية التي عصفت باقتصادات العالم ودفعت بالاقتصاد العالمي إلى الركود والتراجع بشكل لم يسبق له مثيل، كانت مدينة بلفاست عاصمة آيرلندا الشمالية ثاني أهم المحطات السياحية في بريطانيا بعد العاصمة لندن، إذ وصل إليها ما لا يقل عن 7 ملايين سائح عام 2008. وكانت المدينة ضمن اللوائح التي وضعتها الشركات الأميركية آنذاك لأفضل المحطات السياحية لعام 2009 أيضا، وشملت كلا من إسطنبول وبرلين وكيب تاون وواشنطن دي سي وجزر الواهيكي وغيرها. ولا عجب إذن أن الحكومة المحلية في المدينة شرعت في الكثير من المشاريع الخاصة بالبنى السياحية التحتية والمواصلات الحديثة بتكلفة لا تقل عن نصف مليار دولار. وفي إطار تلك المشاريع وبمناسبة 100 عام على كارثة الباخرة تايتانيك (1912)، تم قبل أسبوعين افتتاح ما يعرف بمركز «تايتانيك بلفاست» في منطقة كوينز لاند البحرية والساحلية. ويفترض أن يتوزع هذا المركز السياحي الخاص بتاريخ الباخرة تايتانيك على مساحة 100 هكتار وبتكلفة 50 مليون دولار. ويضم المركز 9 صالات ضخمة للعرض أو العروض التفاعلية. وهناك عروض خاصة بتاريخ المدينة، وأخرى خاصة بتاريخ بناء الباخرة بين عامي 1909 و1911، ومجسم حقيقي لحوض بناء الباخرة، ومعرض آخر لعملية تأثيث الباخرة، ومعارض أخرى عن رحلتها والأحداث التي مرت بها، والنهاية الحزينة التي آلت إليها كما يعرف الجميع. فإلى المهتمين بكارثة التايتانيك بدايات القرن الماضي، بعد أفلام هوليوود الضخمة والأخيرة، يقدم هذا المركز كل ما يتعلق بقصة الباخرة منذ بدايتها إلى نهايتها في عروض حديثة. وقد أصبح هذا النوع من الكوارث والتواريخ جزءا من الصناعة السياحية حول العالم في السنوات الأخيرة.

بأي حال فإن مدينة بلفاست ليست فقط موطن الباخرة الشهيرة، أو المكان الذي كان مسرحا للصراع السياسي والعنف الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت في الإقليم فحسب، بل هي مدينة ثقافية هامة على الساحة الأوروبية وتستقطب نشاطاتها الثقافية المختلفة، أكانت مهرجانات شعرية أم عروضا للأحصنة، ما لا يقل عن مليون ونصف شخص في السنة تقريبا. فالصراع القديم بين الطائفتين لم يتمكن من كبح جماح الاختلاط بين الثقافتين، بل على العكس تعزز هذا الاختلاط خلال العقدين الماضيين ليمنح المدينة الأطلسية الشمالية شخصيتها وهويتها.

وهي أيضا ولأنها عاصمة إقليم آيرلندا الشمالي تعد مركزا إعلاميا هاما يضم الكثير من المؤسسات الإعلامية الدولية، وتتمتع «أوركسترا الستر» في المدينة المتخصصة بالسمفونيات بسمعة طيبة في بريطانيا وأوروبا بشكل عام. وهناك الكثير من المدارس التي تعنى بالتعليم الرياضي والموسيقي، أكان موسيقى تقليدية أم حديثة. ولذا أغنى اسم المدينة الكثير من مشاهير الغناء أمثال التون جون وفان موريسون وبوني إم وسنو بيترول وفرقة اليوتو والبوليس وسمبل مايندز. وهناك مركز خاص (أوه ياه - Oh Yeah ) في المدينة أيضا للعناية بالموسيقيين الشباب ومساعدتهم على تحصيلهم الأكاديمي وتعزيز حظوظهم بالعمل والنجاح. وقد شهدت في السنوات الأخيرة من أكبر الجنازات التي شهدتها البلاد لابنها لاعب كرة القدم الشهير جورج بست. فكان بست البلفستي أشهر من لعب كرة القدم في تاريخ الدوري الإنجليزي وفي صفوف فريق مانشستر يونايتد بشكل خاص. ولا يزال يعتبر من أعظم وأهم من لعب الكرة إلى جانب بيليه ومارادونا، وفضلا عن المشاهير فإن المدينة أيضا مهمة من الناحية العمرانية، وتضم الكثير من المباني التي تتدرج من الطراز الادواردي إلى الطرازات الحديثة، إضافة إلى بعض المعالم الفيكتورية في الوسط القديم مثل مبنى لانيون ومكتبة لينينهول. وتحتل البنوك والمؤسسات الحكومية والخاصة الهامة بالإضافة إلى المحاكم والكاتدرائيات الكثير من هذه المباني الهامة على الصعيد العمراني. ويعتبر مبنى البلدية الضخم بقببه الخضراء العالية، مثالا صارخا على هذه المباني التي جاءت نهاية القرن التاسع عشر لتعكس المكانة العالية للمدينة ماليا وتجاريا وأهميتها الاقتصادية ورمزا لازدهارها.

ويمكن النظر أيضا إلى مبنى جامعة كوينز الرائع بأبراجه الأرجوانية، ومبنى قلعة بلفاست القديم الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، للتعرف على الطبيعة العمرانية للمدينة. لكن هناك ما هو أهم أيضا للسائح من المباني التاريخية، وهي الطبيعة، وهنا تأتي ميزة بلفاست المحصورة بين الجبال من الناحيتين الشمالية والشمالية الغربية، التي تضم جبال ديفيز والجبال السوداء وكيفهيل التي ألهمت جوناثان أوليفر تويستت في كتاب «أسفار غاليفار»، وعلى الجانب الغربي من بحيرة بلفاست، وهو ما منحها سمعتها في بناء السفن في القرن التاسع عشر. وقد كان حوض هارلاند وولف من أكبر أحواض بناء السفن في العالم ويتصل نهر لاغان في وسط المدينة بالبحر الآيرلندي، فهي إذن ذات تاريخ بحري ومائي لا يستهان به. لكن المدينة أيضا مكان مثالي للزراعة والنباتات، وكما سبق وذكرنا من الناحية الطبيعية، تعتبر تجمعا هائلا للحدائق العامة وخصوصا الحدائق الكبرى العامة مثل حديقتي كيفهيل كنتري باركك ولاغان فالي ريجانيال بارك، والكثير من الغابات والأحراش التي لا تبعد كثيرا عن وسط المدينة، مما يعني أن هناك الكثير من الأماكن الخاصة بالتنزه والسير على الأقدام والركض والصيد ولعب الغولف وغيره. ولا بد من الذكر هنا أن حديقة بلفاست النباتية التي تضم قسما خاصا بالنخيل كما هو الحال في حدائق كيو غاردينز، في المدينة تجذب ما لا يقل عن 600 ألف زائر في السنة. وفي الحديقة جزء خاص بالبيئة الاستوائية وغاباتها وجزء آخر يعنى بالزهور وعالمها تشمل أقساما خاصة بالأميرة ديانا والنباتات اليابانية.

وللاستثمار في هذه البيئة الطبيعية، شرعت الحكومة المحلية منذ سنوات في نشر التماثيل والمنحوتات الفنية في الحدائق العام أسوة بالدول الاسكندنافية ولتحسين مكانتها واستقطاب المزيد من الزوار أو السياح. كما تم الاستثمار ماليا وخلال عدة سنوات لتطوير وتحسين حديقة الحيوان التي تستقطب بدورها ما لا يقل عن ربع مليون سائح في السنة. وتضم الحديقة الجميلة التي على موقع كيفهيل المطل على شارع إنتريم في شمال المدينة أكثر من 1200 حيوان يتوزع معظمها على 140 نوعا. ومن هذه الأنواع الفيل الآسيوي وعدة أنواع من البطاركة والأسد النوبي الذي تعود أصوله إلى شمال أفريقيا والمغرب ومصر بشكل خاص، بالإضافة إلى النمر الأبيض والغوريلا والشامبانزي والباندا الأحمر وعدد لا يستهان به من القرود المختلفة.

ولم تتمتع المدينة بصفتها الحضرية كمدينة إلا أيام الملكة فيكتوريا في عام 1888، لكن المنطقة التي يعني اسمها القديم «فم النهر» فكانت مستخدمة ومسكونة منذ أكثر من 5000 آلاف سنة، أي منذ أيام العصر البرونزي، ولا تزال المنطقة تضم بعض الآثار القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي والقرن الثاني عشر والقرن الرابع عشر، مثل القلاع وأماكن العبادة. لكن رحلة المدينة الحديثة بدأت فعلا في القرن السابع عشر عندما أصبحت بلدة مهمة في شمال البلاد تحتضن البروتستانت الإنجليز والمهاجرين الاسكوتلنديين. وبعد الازدهار الذي عرفته في القرنين الثامن والتاسع عشر، أعلنتها الملكة فيكتوريا مدينة كغيرها من مدن بريطانيا الكبيرة رغم عدد سكانها القليل (نصف مليون نسمة).

من فنادق مدينة بلفاست: - فندق يوروبا (Europa Hotel) - العنوان: Great Victoria Street, Belfast BT2 7AP - من فئة 4 نجوم - عدد الغرف: 272 غرفة - ابتداء من 53 يورو لليلة الواحدة - جزء من سلسلة فنادق «هاستينغز». يصعب على السائح ألا يرى الفندق الجديد في وسط المدينة، فهو إلى جانب دار الأوبرا الكبير ومحطة فيكتوريا لسكك الحديد، مقابل حانة كراون المعروفة. وتطل حانة الفندق الممتازة أيضا على شارع غريت فيكتوريا المعروف. ولا يبعد مركز فيكتوريا سكوير للتبضع سوى 15 دقيقة سيرا على الأقدام. بأي حال فإن الفندق من الفنادق الحديثة والجميلة، التي تقدم مختلف أنواع الخدمات والغرف الفاخرة والمطاعم المعاصرة. وتضم الغرف حمامات حديثة وتلفزيونات رقمية مسطحة وغير ذلك مثل خدمات الإنترنت والاتصالات الإلكترونية.

- فندق بارك إن (Park Inn by Radisson Belfast) - العنوان: 4 Clarence Street West, Belfast BT2 7GP - من فئة 3 نجوم - عدد الغرف: 145 غرفة - ابتداء من 47 يورو لليلة الواحدة - جزء من سلسلة «راديسون» ساس الفندقية.

هذا الفندق من فنادق المدينة الكبيرة والحديثة أيضا التي تتخذ من وسط بلفاست موقعا لها بالقرب من الحانات والمطاعم ومحلات التسوق في وسط العاصمة وما يعرف بـ«غولدن مايل» أو «الميل الذهبي» الذي يفصل مبنى البلدية والمنطقة الجامعية ويضم شوارع فيكتوريا والجامعة وقصر برادبوري. وتعتبر غرف الفندق الحديثة غرفا واسعة جدا ومجهزة بأحدث التقنيات كما هو الحال مع الحمامات. ويضم الفندق غرفة للساونا وقاعة أخرى للتمارين الرياضية بالإضافة إلى 7 قاعات للاجتماعات ومطعما خاصا بالمشاوي. وكما هو الحال مع جميع فنادق وسط المدينة، فإن الفندق قريب جدا من جميع أنواع المواصلات العامة والخاصة، وخصوصا محطة القطارات المركزية.

- فندق ذا فيتزويليام بلفاست (The Fitzwilliam Hotel Belfast) - العنوان: Great Victoria Street, Belfast BT2 7BQ - عدد الغرف: 131 غرفة - ابتداء من 60 يورو لليلة الواحدة - جزء من سلسلة «بريفيرد هوتيلز اند ريزورتس» للفنادق.

وهذا الفندق أيضا من الفنادق المتاحة في وسط عاصمة آيرلندا الشمالية القريبة من دار الأوبرا في شارع فيكتوريا والتي لا تبعد أيضا أكثر من 15 دقيقة سيرا على الأقدام عن محطة بلفاست الرئيسية. ويركز هذا الفندق على الزبون الحديث الباحث عن التبضع ومحلات البوتيك والحانات التي تقدم مختلف أنواع المشروبات بحلة أنيقة وجميلة. وتعتبر غرف الفندق الجميلة غرفا واسعة أيضا وحماماتها أنيقة ونظيفة ذات طرازات جذابة. ويضم الفندق القاعات الفسيحة والمصمصة بأجمل الأساليب الفنية الملونة والخلاقة.

- فندق هوليداي إن إكسبريس بلفاست (Holiday Inn Express Belfast City Queens Quarter) - العنوان: 106A University Street, Belfast BT7 1HP - من فئة 3 نجوم - عدد الغرف: 114 غرفة - ابتداء من 51 يورو لليلة الواحدة - جزء ممن سلسلة «هوليداي إن إكسبريس» للفنادق.

هذا الفندق أيضا من فنادق المدينة الحديثة والمطلوبة والأنيقة والتي لا تبعد أكثر من 20 دقيقة عن وسط المدينة التجاري والمائي وأكثر من 10 دقائق عن المطار. وفضلا عن تقديم شتى أنواع الخدمات الحديثة، فإن الفندق يركز أيضا على خدمات رجال الأعمال لذا هناك عدد لا بأس به من القاعات والمطاعم والحانات والمتنزهات العامة.