«الشرق الأوسط» تأخذكم في رحلة خلف كواليس أفلام «هاري بوتر» بلندن وأورلاندو

«وارنر براذرز» تكشف الحيل.. واستوديوهاتها في لندن تنفرد بديكورات الأفلام الأصلية

القاعة الكبرى هي أول الأماكن التي تم بناؤها للفيلم واستخدمت في تصوير الأفلام الثمانية (أ.ف.ب)
TT

ربما لم تحظ رواية خيالية بكم الاهتمام والإعجاب مثل سلسلة «هاري بوتر» للكاتبة البريطانية جي كي رولينغ. فمنذ صدور جزئها الأول «هاري بوتر وحجر الفيلسوف» في عام 1997 تحولت الرواية إلى ظاهرة، فالأطفال وجدوا فيها شيئا يعيدهم إلى القراءة ويحببهم فيها ويفتح أمامهم عالما خياليا غريبا، ومع توالي أجزاء الرواية شدت إليها جمهورا أوسع من الكبار هذه المرة، مما جعل دار النشر تصدر طبعة خاصة بالكبار وأخرى للأطفال.

غني عن القول إن النجاح الساحق للكتاب الأول أغرى المنتجين السينمائيين بتحويلها إلى فيلم روائي حقق نجاحا كبيرا، وبهذا انطلقت سلسلة الأفلام الثمانية التي أصبحت أشهر وأضخم سلسلة أفلام في تاريخ السينما.

نجحت الأفلام في نقل تفاصيل العالم الخيالي الذي أبدعته رولينغ، ومن خلال الأفلام قام المنتجون بتحويل ذلك العالم إلى حقيقة، على الأقل على الشاشة، حيث اعتمدوا في ذلك على جيش من الفنيين واستخدام المؤثرات الخاصة التي نجحت في تحويل الكائنات الأسطورية والعربات الطائرة وقلعة هوغوارتس للسحر إلى واقع سينمائي مقنع للمتفرج.

ولكل من شاهد الأفلام، فبالتأكيد هناك كثير من التساؤلات والتصورات حول المكان السحري الذي جرت فيه الأحداث، وحول تصوير تلك الأفلام والحيل والتكنولوجيا التي استخدمت فيها.

كل ذلك يمكن لزائر استوديوهات «وارنر براذرز» في ليفيسدون بشمال لندن الاطلاع عليه، والانغماس لساعات في كل تفاصيل الأفلام الشهيرة. التحذير هنا واجب فجولة الاستوديو ستمحو كثيرا من إبهار المشاهد المهمة في الأفلام، فهنا نطالع الكواليس ونتبع طريقة العمل التي استخدمها الفنيون في تصوير تلك الأفلام. فعلى سبيل المثال فإن رياضة «كويديتش» التي يمارسها هاري وأصدقاؤه على متن المكانس وهم طائرون في الهواء، نرى في الاستوديو أنها اعتمدت على رافعات ارتقاها الممثلون وخلفهم ساتر أخضر اللون والتقطت الكاميرات فقط تعبيرات الممثلين وأداءهم بينما المباراة الفعلية وما تضم من كرات طائرة في الهواء ومهاجمين ومدافعين من الفريقين على متن المكانس فكل ذلك اعتمد بشكل كبير جدا على المؤثرات والخدع البصرية.

فلنبدأ جولتنا إذن في الاستوديوهات التي تبادرنا بإذاعة الموسيقى التصويرية المميزة للفيلم، قبل بداية الجولة يدخل الزوار إلى غرفة كبيرة بها باب خشبي كبير يشبه إلى حد كبير باب القاعة الكبرى في قلقة هوغوارتس لتعليم السحر، حيث دار كثير من أحداث الفيلم. وبعد مقدمة قصيرة من دليل الجولة تفتح الأبواب لنجد أنفسنا داخل القاعة وعلى جانبيها اصطفت طاولات الطعام الخشبية التي كان يأكل فيها أبطال الفيلم، القاعة أمامنا لا تختلف كثيرا عن تلك التي تظهر في الأفلام، فأمامنا المدافئ الحجرية الضخمة في أنحائها والأرضية الحجرية التي وضعت منذ 11 عاما عند تصوير الجزء الأول من السلسلة، لا نكاد نلحظ تغييرا إلا في السقف فقط، فهو عبارة عن مجموعة متقاطعة من الألواح الخشبية. المشهد السينمائي للسقف يؤكد على أن السقف مسحور، فهو يعكس السماء والنجوم ويتبع التقلبات الجوية، فيغيم أحيانا وينثر رقائق الثلج على الطلبة في أحيان أخرى، ولكن ذلك مكانه خيال القارئ أما في تنفيذ الأفلام فالوضع كان مختلفا. يشير دليل الاستوديو إلى أن التقنيين في الجزء الأول من الأفلام أرادوا استخدام شموع بيضاء متدلية في الهواء بوسط القاعة، ولجأوا من أجل ذلك لاستخدام أنابيب بيضاء ملئت بالزيت لتضيء بدلا من الشموع ولكن الحرارة المنبعثة منها تسببت في إذابة الأسلاك التي تحملها ووقعت على الطاولات، لذا اضطر الفنيون للجوء إلى استخدام الحيل التكنولوجية للإيحاء بوجود الشموع المضيئة. وقد بدأ تصوير أول أفلام السلسلة «هاري بوتر وحجر الفيلسوف» في استوديوهات ليفزدون يوم 29 سبتمبر (أيلول) عام 2000، وكانت القاعة الكبرى هي أول الأماكن التي تم بناؤها للفيلم واستخدمت في تصوير الأفلام الـ8.

الجولة تنطلق بنا من القاعة الكبرى إلى غرفة الجلوس داخل برج غريفندور حيث يقيم بطل الفيلم وأصدقاؤه. هنا نلحظ أن الحجم الذي صورته الشاشة السينمائية مختلف تماما فالحجرة هنا صغيرة جدا، قوامها أريكة ومقعدان ومدفأة حجرية، ولكن يبدو فيها أيضا الاهتمام الشديد بالتفاصيل الدقيقة، من القماش الذي استخدم للستائر والمقاعد التي تم شراؤها من أحد المحال العربية بشمال لندن والصور التي علقت على الحائط وهي لوحات قام بتنفيذها رسامون محترفون خصيصا لاستخدامها في الفيلم. المدهش أن تلك اللوحات، التي نرى منها الكثير خلال الجولة لم تظهر على الشاشة إلا لثوان معدودة ولكن كل منها نفذ ببراعة فائقة. ويذكر لنا الدليل معلومة طريفة، هي أن الشخصيات المرسومة هنا ليست خيالية كلها فبعض منها كان للعاملين في الفيلم من منتجين وفنيين.

ومن غرفة الجلوس في برج غريفندور نتحول إلى غرفة نوم الأولاد ونرى الأسرة التي صنعت خصيصا في بداية إنتاج الأفلام، وتحرى المنفذون الدقة وروح الروايات في تنفيذ كل صغيرة وكبيرة فيها ولم يغب عن المنفذين سوى أن الأسرة صنعت في البداية على مقاس الممثلين وهم أطفال وأصبحت ضيقة عليهم بمرور الأعوام والأفلام، ولهذا كانوا يضطرون إلى ثني أرجلهم إذا ما كان هناك مشهد لهم في عنبر النوم.

من عنبر النوم إلى غرف الدراسة، فنعبر إلى القبو الذي تعلم فيها الأبطال فن صناعة المحاليل السحرية (الوصفات) على يد المعلم الذي يخشاه الجميع (بروفسور سنايب). وعلى الرغم من وجود حاجز أمام الجمهور يمنعهم من دخول القبو، فإننا نلاحظ محتوياته من الحاويات والقوارير التي استخدمت في الأفلام لتحضير الوصفات السحرية. الأواني هنا كلها تحتوي على أعشاب جافة ومسحوق عظام حيوانات حسب الدليل.

خلال الجولة نرى على الجوانب كثير من القطع التي استخدمت خلال التصوير مثل المكانس والخزانات والساعة الضخمة التي توسطت قلعة هوغوارتس وأيضا بعض الملابس التي ارتدتها الشخصيات في الأفلام.

السلم المخفي الذي يتصدره طائر ضخم يعد هو المقدمة لحجرة ناظر مدرسة هوغوارتس، وتم بناؤها في عام 2001 خلال تصوير الجزء الثاني من الأفلام «هاري بوتر وحجرة الأسرار» وصورت في كل الأجزاء الثمانية وتحمل داخلها كما هائلا من الأدوات التي استخدمها دمبلدور وأيضا خزانات كتبه والتليسكوب الضخم الذي كان يستخدمه وخزانة تضم المئات من الأنابيب الزجاجية التي استخدمها الساحر لحفظ ذكرياته، حسب ما ورد في الرواية. الديكور القائم أمامنا هنا مبهر بكل معنى الكلمة فهو دقيق جدا وكل قطعة به استغرقت أشهرا في التنفيذ فعلى سبيل المثال التليسكوب الضخم وهو على شكل نصف دائرة مزخرفة من الخارج برسومات الكواكب والنجوم يضم في داخله مقعدا وثيرا. المثير أن التليسكوب لم يظهر في الأفلام بشكل واضح فهو ظهر في الخلفية في بعض اللقطات ولكنه لم يستخدم قط. أيضا الجهد الذي بذل لإعداد خزانة قوارير الذكريات أيضا جدير بالإعجاب فالقوارير الطويلة صنعت باليد وكتب على كل منها بخط اليد. أما خزانة الكتب الحافلة بالمجلدات هنا فيطلعنا الدليل على أنها مجموعة ضخمة من دليل التليفون تم تغليفها بالجلد لتبدو وكأنها كتب قديمة.

الجولة تدور فيما يشبه المستودع الضخم، وهو واحد من خمسة مستودعات استخدمتها شركة «وارنر براذرز» لتخزين قطع الديكور.

نخرج إذن من هذا الجانب إلى خارج المستودع حيث نجد الديكورات التي استخدمت لتصوير المشاهد الخارجية، فنرى منزلا صغيرا بني ليكون البيت الذي عاش فيه بطل الفيلم وإلى جانبه الحافلة العملاقة التي تجوب شوارع لندن في الأفلام لنجدة السحرة التائهين، الحافلة تم صنعها بتركيب أجزاء من ثلاثة حافلات حمراء تشتهر بها لندن، وبعد ذلك نرى جسرا صغيرا ذا أقواس على جانبيه، وبالتقريب نكتشف أنه استخدم في الأفلام على أنه الجسر الذي يربط قلعة هوغوارتس مع قرية هوغميدز التي يذهب إليها أبطال الفيلم في نهاية الأسبوع. المدهش هنا هو أن الجسر الصغير جدا، الذي يكفي بالكاد لوقوف شخصين فقط في مقدمته، تم تصويره على أن جسر عملاق دارت عليه معارك هامة وانطلق أبطال الفيلم يجرون عليه فرارا من أعدائهم، السر هنا كما هو مع باقي أجزاء الديكور الحيل السينمائية التي تعتمد على المؤثرات البصرية والحيل الإلكترونية لرسم الخلفيات وتدعيم الديكور الموجود على الواقع بديكور خيالي مبهر.

الجولة حسب ما ذكر لنا الدليل تستغرق ثلاث ساعات وإن كان أضاف بابتسامة: «هذا ما تعتقده على كل حال، وإن كان الكثيرون يمضون ساعات أطول في الداخل ليتفحصوا كل التفاصيل».

للمزيد من المعلومات: www.wbstudiotour.co.uk سعر التذكرة للكبار (28 جنيها إسترلينيا) والصغار أقل من 15 سنة (21 جنيها إسترلينيا) وهناك أسعار خاصة للعائلات والمجموعات.

* عالم هاري بوتر في «يونيفرسال ستوديوز» بأورلاندو

* لمن زار استوديوهات «وارنر براذرز» في لندن ورأى كواليس تصوير أفلام بوتر لا بد أن تخرجه تلك التجربة من الجو الخيالي البحت الذي عاشه في الأفلام. هذا الجو يمكن الانغماس فيه بشكل كبير إذا ما فكر في زيارة «العالم السحري لهاري بوتر» في «يونيفرسال ستوديوز» في أورلاندو. الجانب المخصص لعالم بوتر هناك يحظى بحجم زيارة مرتفع جدا، والحديقة الترفيهية هنا على الرغم من اعتمادها على الألعاب المستوحاة من الأفلام، فإنها أيضا حولت جانبا كبيرا من عالم بوتر إلى واقع. فقاعة هوغوارتس هنا حقيقية يمكن الدخول إليها والمشي بين طرقاتها محاطا باللوحات التي يتحدث سكانها للزائرين. الطوابير تمتد من أمام القلعة وتستمر إلى داخلها للوصول إلى لعبة «هاري بوتر والرحلة المحرمة» وخلال الفترة التي يمضيها الزائر في المشي خلال القلعة هناك ما يشد نظره فيرى أبطال الفيلم عبر عرض سينمائي متقن يبدو من بعيد وكأن الأبطال يقفون أمامه بالفعل يتحدثون إليه بل وأيضا يقومون بحيلة سحرية تجعل السقف يمطر ثلجا عليهم.

أما حجرة الناظر دمبلدور فيرونها أمامهم كما صورت في الأفلام بالضبط، حتى يصلوا إلى داخل القلعة ويركبوا في العربات التي ستحملهم داخل قاعة مظلمة ليبدأوا في لعبة الكرة الطائرة (كويدينش)، يصاحبهم فيها أبطال الفيلم من خلال شاشات تلفزيونية ضخمة.

وخارج اللعبة يمر الزائرون بطرقات قرية هوغميدز بمحلاتها الصغيرة بأسقف بيوتها التي علاها الثلج، يمكن ابتياع الحلويات التي رأوا أبطال الفيلم يبتاعونها في سلسلة الأفلام من محل «هاني ديوكس»، وهنا لا يمكننا إلا الإعجاب بالإتقان التام في تحويل كل تلك الحلويات الخيالية التي ألفتها رولينغ في كتبها إلى حلوى حقيقية، من الشوكولاته التي تتفجر في الفم إلى شراب القرع المحلى إلى الشوكولاته بشكل الضفادع. ومن محل الحلوى نلحظ الطوابير الطويلة تزداد أمام محل آخر، وهو محل أوليفاندر لبيع العصي السحرية، وهو نسخة من المحل الذي يظهر في الفيلم الأول من هاري بوتر ويمكن فيه شراء العصي السحرية التي تحمل كل منها اسم بطل من أبطال الفيلم. الجولة في «عالم السحري لهاري بوتر» في «يونيفرسال ستوديوز» لا بد وأن تختتم في المطعم الضخم الذي صمم على الطريقة الإنجليزية بصفوف المقاعد الخشبية المتراصة وبقائمة طعام تحمل بعض الأكلات الشهيرة من الفيلم، مثل شراب «الباتربير» وهو عبارة عن شراب الكراميل محلى وأيضا أطباق بريطانية شهيرة مثل «شيباردز باي» وفطائر «كورنيش باستيز».

للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع التالي: www.universalorlando.co.uk سعر التذكرة للكبار 123 دولارا أميركيا و117 للصغار، وهذا السعر يشمل زيارة معلم آخر، لزيارة «هاري بوتر» فقط، سعر التذكرة 88 دولارا للكبار و82 دولارا للصغار.