بحيرة بنشعي.. ماء وشمس وقوارب ومطاعم ومتحف للحيوانات

معلم سياحي يجذب محبي المغامرة والأكل في شمال لبنان

بحيرة بنشعي الاصطناعية من أهم المعالم السياحية في قضاء زغرتا («الشرق الأوسط»)
TT

تعتبر بحيرة بنشعي الواقعة في شمال لبنان وبالتحديد في قضاء زغرتا من أجمل الأماكن السياحية الرائجة حاليا في لبنان، وخصوصا أن من يقصدها في استطاعته أن يمضي نهاره بأكمله فيها دون أن يشعر للحظة واحدة بالملل بفضل النشاطات المنوعة التي بإمكانه أن يمارسها هناك من خلال مراكز التسلية والرياضة والثقافة الموجودة فيها.. فهذه البحيرة الاصطناعية التي تتجاوز مساحتها الـ500 متر وتبعد عن بيروت نحو الساعة ونصف الساعة والتي ساهمت مياهها في ري الأحراج القريبة منها وفي إطفاء الحرائق التي تندلع في المنطقة (بواسطة مروحيات الجيش اللبناني)، تحيط بها الجبال يمينا ويسارا وتلفتك بمنظرها الخلاب الذي يطالعك عن بعد، تسبح فيها طيور البط الملون والتي تم استقدامها من مختلف أنحاء العالم كما تحتوي على مئات الأسماك والتي بإمكان من يركب قارب البيدالو أو المركب العادي (بكلفة لا تتعدى الدولار الواحد للشخص) ويقوم بنزهة بحرية في أرجائها أن يستمتع بأشكالها وهو يرمي لها الطعام الخاص بها، إذ بإمكانك أن تبتاعها من أحد الدكاكين الصغيرة المنتشرة على ضفافها. وتعود فكرة هذه البحيرة إلى النائب سليمان فرنجية الذي يهوى الصيد والمناظر الطبيعية وقد اتخذ من قرية بنشعي حيث تقع البحيرة مسكنا له في فصل الشتاء.

وبعد قيامك بهذه النزهة التي تستغرق نحو الـ20 دقيقة تستطيع أن تتجول حولها على كورنيش عريض (5 أمتار) يحيط بكل جوانبها فتسرح عيناك بمنظر جميل يطال الجبال الخضراء وتشكل خلفية لها ومياهها الزرقاء الصافية التي تغط عليها الطيور من وقت لآخر ويعوم على سطحها البط والإوز وكأنك على ضفاف إحدى بحيرات الصين.

الهرولة.. الركض.. ركوب الدراجات هي من النشاطات الرياضية التي باستطاعتك أن تمارسها أثناء زيارتك للبحيرة وعندما يضرب الجوع جوفك ما عليك سوى التوجه إلى أحد مطاعمها المتراصة والمتلاصقة بعضها ببعض (يصل عددها إلى الـ13) فتستريح على أحد مقاعدها لتتناول أشهى وأطيب الأكلات اللبنانية المعروفة بدءا من المازة والتبولة والبابا غنوج والحمص بالطحينة والشنكليش مرورا بالعصافير والنقانق والسجق المقلي والمتبل بالحامض ودبس الرمان وصولا إلى المشاوي من لحم الماعز والبقر والدجاج والسمك. ومن يفضل تناول الأطباق السريعة أو الغربية فإن مطاعم البحيرة تؤمن له اللقمة الطيبة في هذا المجال والتي يحبها الأولاد بشكل خاص كالهامبرغر والناغتس والهوت دوغ وغيرها من الأطباق التي تزينها السلطات والبطاطس المقلية.

ولا ننسى أصوات الموسيقى العربية الصادحة من هنا وهناك والتي يحاول كل مطعم أن يجذب من خلالها أكبر عدد من الزبائن، سواء من خلال أغان لأم كلثوم ووردة ومحمد عبد الوهاب أو أخرى لنانسي عجرم ونجوى كرم ووائل كفوري وراغب علامة وغيرهم.

أما مدينة الملاهي التي تقع على مقربة من سلسلة المطاعم الموجودة على ضفاف البحيرة، فهي خير مرتع للكبار والصغار الذين يهوون هذا النوع من التسالي والذي عمد القائمون على البحيرة أن تكون كناية عن باقة من الألعاب الإلكترونية الحديثة وبينها قيادة السيارات (auto tamponneuse) وركوب الخيول الكهربائية والمراجيح الهوائية وغيرها من الألعاب الآمنة التي يفضلها الأهل لأولادهم، إذ لا تحمل الخطورة أو المجازفة.

وبعد وصلة من التسلية يمضيها رواد البحيرة قبيل أو بعيد تناولهم الغداء أو العشاء (تستقبل البحيرة روادها حتى العاشرة ليلا)، فإن نزهة من نوع آخر تكون في انتظارهم في متحف للحيوانات المحنطة يضم أكثر من 3000 نوع منها البرية والبحرية والطيور تتوزع على خمسة أجنحة.. فمن الأصداف (نجوم البحر والمرجان) إلى الأسماك (45 نوعا) إلى الطيور المنقرضة والجارحة والأليفة (النسور والصقور والشحرور والعقاب والزرزور وغيرها) إلى الفراشات الملونة وصولا إلى الغزال والأسد الجبلي والضبع والثعلب والحمار المتوحش (المرقط).

يعمل حاليا اتحاد بلديات قضاء زغرتا على ضم البحيرة والمتحف إلى لائحة المعالم السياحية للبنان، وخصوصا أن روادها من السياح الأجانب والمغتربين اللبنانيين باتوا يعرفونها عن كثب فيزورونها في كل مرة تطأ قدمهم لبنان.

يقام على ضفاف البحيرة أيضا وفي مواسم محددة معارض حرفية ومهنية تسمح لزائرها أن يتعرف على الصناعات اللبنانية القديمة المعروفة كالنحاسيات والفخار والأعمال اليدوية (أرتيزانا) مثل العباءات وثياب الأولاد وغيرها.

وتنهي نزهتك في البحيرة في جلسة هادئة تمضيها على أحد مقاعد الكورنيش المطل عليها أو أحد مقاهيها فترتشف فنجان قهوة تفوح منه رائحة حب الهال أو كوب شاي مع الليمون على الطريقة اللبنانية، فتودع البحيرة والمناظر الطبيعية الرائعة المحيطة بها على أمل العودة القريبة إليها في زيارة لها فتقصدها مع حبيب أو صديق أو مع أفراد العائلة لكونها تمثل معلما سياحيا لبنانيا جميلا قلما تصادفه في مناطق أخرى.