السياحة الداخلية في لبنان تستقطب الأتراك أولا واللبنانيين ثانيا

مناطق بيبلوس وجعيتا وحريصا على رأس جدول الزيارات

TT

تندرج السياحة الداخلية في لبنان ضمن الخيارات الأولى التي يعتمدها زواره الأجانب أولا واللبنانيون المقيمون فيه ثانيا بحيث تعتبر من المواسم الرائجة والمستمرة طيلة أيام السنة.. فكما في فصل الصيف كذلك في فصل الشتاء تلاقي السياحة الداخلية تهافتا كبيرا من قبل الأشخاص الذين يرغبون في التعرف إلى المناطق اللبنانية عن كثب ولا سيما تلك التي فيها معالم أثرية شهيرة كبعلبك وصيدا وصور وبيبلوس.

ويأتي السياح الأتراك في مقدمة الزوار الذين يقصدون لبنان موسميا من أجل تنظيم رحلات سياحية داخلية فيه ويليهم الأردنيون والعراقيون وبعدهم الخليجيون، إلا أن العنصر اللبناني يحتل مكانة لا يستهان بها في هذا المضمار، إذ ترتفع نسبة اللبنانيين الذين يمارسون هذا النوع من السياحة إلى ما فوق الـ40 في المائة والذين يختارون مرات كثيرة أماكن مقدسة يؤمونها إلى جانب المناطق الأثرية الأخرى.

وتعتبر مناطق بيبلوس وجعيتا وحريصا الأكثر طلبا عليها من قبل الشركات المنظمة لهذه الرحلات، إذ تنظم أسبوعيا ثلاث منها أو أكثر لتبدأ عادة في مغارة جعيتا فيقوم زائروها بجولة طويلة فيها تشمل طابقيها العلوي والسفلي لتليها في ما بعد زيارة إلى المزار الديني في بلدة حريصا والمعروف بـ«سيدة لبنان»، حيث ينتصب تمثال للعذراء مريم فيها، على علو 550 مترا والمشرف على مناظر طبيعية خلابة يمكن أن يتمتع بها السائح خلال انتقاله إليها من مدينة جونية بواسطة التلفريك أو بالسيارة. هذا المحج الديني والذي يقع على صخرة عالية تظللها الأشجار وتطل على منظر طبيعي يجمع ما بين الجبل والبحر والذي لا نصادفه في بلدان كثيرة يصل إليه الزائرون عبر تسلقهم سلالم صنعت من الحجر ومسيجة بالحديد من الجهات الأربع حيث في إمكانهم أن يقفوا على كل لفة جديدة منه للاستراحة من ناحية وللتمتع بالمشهد الملون بالعاصمة بيروت مرورا بمنظر البحر على الخط الساحلي الممتد حتى بلدة طبرجا وجوارها ووصولا إلى المناطق الجبلية التي يمكن مشاهدتها من هناك أيضا، من ناحية ثانية.

أما مدينة بيبلوس فتكون المحطة الثالثة والأخيرة في هذه الرحلة التي تستغرق ثماني ساعات فيتجول الزوار في مرفئها وقلعتها وأسواقها القديمة ليستريحوا أخيرا في أحد مطاعمها المعروف بتقديم السمك المشوي والمقلي إلى جانب أطباق المازة اللبنانية المعروفة كالتبولة والفتوش والحمص بالطحينة والبابا غنوج (باذنجان متبل) وغيرها.

ويؤكد خالد العريضي، أحد المسؤولين في شركة «نخال للسياحة»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن السياحة الداخلية والمطلوبة من قبل اللبنانيين طيلة أيام السنة تشكل موردا سياحيا مهما في لبنان، وأنهم كشركة يقدمون عروضا كاملة تتضمن تناول الغداء أو الإقامة في الفندق بأسعار مدروسة، مشيرا إلى أن كلفة هذه الرحلات لا تتعدى الـ65 دولارا للمجموعة يضاف إليها كلفة الإقامة في الفندق في حال كان الزبون سائحا أجنبيا.

ومن المناطق والمدن التي تدخل ضمن إطار رحلات السياحة الداخلية صيدا وصور وطرابلس وبلدات الأرز وبشري ومار قزحيا، إضافة إلى بيت الدين (حيث قصر الأمير فخر الدين)، ويتم خلالها زيارة معالمها الأثرية وخانات الصابون (في صيدا وصور) ومحمية غابة الأرز ومتحف جبران خليل جبران، وفي جميعها يتم اختيار مطاعم قريبة من هذه المدن (كاستراحة صيدا أو صور) أو مطاعم بلدة أرز الباروك لتناول الغداء فيها.

أما الرحلة إلى قلعة بعلبك الأثرية فيتخللها زيارة بلدة كسارة حيث يتم تناول الغداء في معصرة العنب فيها وبعدها يتم زيارة مدينة زحلة مرورا ببلدة شتورا الواقعة في جوارها، إضافة إلى قلعة عنجر.

ولزيارة بيروت والتجول في أسواقها ومرافئها فهناك ملاحق خاصة تنظم للرحلات القصيرة المسافة (كرحلة بيت الدين) بحيث يقوم السياح بجولة فيها في نهاية المطاف ليرتاحوا في مقهى يقع في أحد مراكزها التجارية (كزيتونة باي أو بيروت سوق) لتناول فنجان قهوة أو كوب عصير أو أي من المثلجات.

ويشير خالد العريضي إلى أن الشركات السياحية عادة ما تبقي على نظام رحلاتها هذا لموسمين تمتد فترة كل واحد منهما إلى ستة أشهر في كل مرة، أي مثلا من شهر أكتوبر (تشرين الأول) حتى مارس (آذار)، ومن أبريل (نيسان) حتى سبتمبر (أيلول).

ولا تقتصر هذه الرحلات على هذا النوع من المعالم بل تخصص أحيانا وحسب الطلب إلى مناطق أخرى يرغب الزوار في زيارتها كمنطقة الهرمل أو البقاع (عيون أرغش) أو أهدن وزغرتا أو إلى محجات دينية معروفة كمزارات «مار شربل» و«سيدة رفقا» و«سيدة بشوات» وغيرها، والتي لا تزيد كلفة القيام بها على 50000 ليرة لبنانية، أي ما يوازي 35 دولارا للشخص الواحد والتي تغطي كلفة تناول الطعام في أحد المطاعم الواقعة في منطقة الزيارة.

الرحلات تنظم في أجواء مريحة بحيث تعتمد الباصات الكبيرة والمبردة في الصيف والدافئة في فصل الشتاء. كما يوجد في كل رحلة أدوات الإسعافات الأولية التي قد يحتاج إليها الفريق السياحي المرافق للزوار في رحلاتهم في حال مصادفته أي حادث يذكر مع الركاب.