المالديف.. أفقر بلد وأغنى سياح

بلاد الـ1200 جزيرة

TT

كودا هورا

* كيف يمكننا وصف المالديف؟ هل تذكر تلك الصورة التي تستعملها وكالات السفر للترويج للسياحة في تلك الجزر القابعة على المحيط الهندي؟ صورة شجر النخيل طويل القامة الذي يتكئ على رمال البحر بيضاء اللون وكأنه يغازلها أو يبوح لها بسر، وتدرج اللون الأزرق في السماء التي تخلو من الغيوم، وبقع من الزمرد الأخضر التي تلفها المياه الفيروزية الرائعة التي تبدو كأنها حبات من الخرز المبعثر في المحيط، وهل تذكر ذلك الكوخ الذي يكسو سقفه القش وينتصب في وسط زرقة الماء؟ إذا كنت تذكر هذا المشهد، فيمكنني أن أجزم لك بأن وكالات السفر لم تبالغ ولم تفبرك الصور، فهذه هي الحقيقة وهذه هي الطبيعة الرائعة في جزر المالديف الـ1200.

* يتصاعد من اللون الأزرق الداكن من الرقعة الشاسعة من المحيط الهندي، 1200 جزيرة وآلاف الشعب المرجانية التي تشكل جزر المالديف التي تعتبر المكان الأمثل للاسترخاء والتمتع بالكثبان الرملية الرومانسية التي تزينها، جزر تلتقي فيها الجنة مع الواقع، 90 منتجعا سياحيا مصمما بدرجة عالية من الترف والذوق الرفيع والراحة، وهذا ما يفسر سبب قدوم نصف مليون سائح سنويا لاكتشاف تلك البلاد الفقيرة التي تجذب أغنى أغنياء العالم.

بدءا من لندن، وهربا من صقيعها، ومرورا بدفء دبي، انطلقت رحلة «طيران الإمارات» في الصباح الباكر باتجاه مطار ماليه عاصمة المالديف. مطار صغير ومتواضع جدا، بمجرد عبور نقطة ختم الجوازات تجد نفسك تستلم حقيبتك، وبعد ثانية من الوقت تجد نفسك واقفا تتنشق نسمات البحر.

المالديف هي عبارة عن مجموعة من الجزر، نسبة 4% منها مأهولة، على كل جزيرة منتجع سياحي واحد، فهناك خيار أمام السائح، إلا أن خيارنا وقع على منتجعي فورسيزونز في جزيرة كودا هورا، وفورسيزونز لاندا جيرافارا، وهما من أهم المنتجعات السياحية في المالديف وأشهرها.

لن تشبع عيناك في المالديف من رؤية زرقة الماء التي لا يمكن وصفها بكلمات، وأول كلمة تنطقها وأنت في طريقك إلى جزيرة كودا هورا التي تبعد 25 دقيقة عبر قارب تابع للفورسيزونز هي «سبحان الله» أو «غير معقول»، وللاختصار سوف تجد لسانك يكرر كلمة «واو» كلما فتحت عينيك على مشهد طبيعي رائع، لا يضاهيه إلا روعة المشهد الذي يليه.

الرحلة إلى المالديف هي فعلا رحلة دلال، فعند وصولك إلى جزيرة كودا هورا سيكون فريق العمل في منتجع الفورسيزونز باستقبالك برفقة 4 طبالين يؤدون عرض «بدو بيرو» ويعني «الطبلة الكبيرة» - أفضل عرض معروف عن الموسيقى والرقص التقليدي المالديفي، وبعد الاستقبال الرائع ترتاح على إحدى أرائك البهو الرئيسي لتتذوق شراب المنتجع المميز الذي يدخل الزنجبيل في مكوناته، وبعدها يتم اصطحابك عبر عربة كهربائية إلى إحدى الفيللات الـ95 الموزعة على مساحة 5 هكتارات، تنتشر فيها أشجار النخيل وجوز الهند، الفيللات تتمتع كلها بخصوصية عالية؛ بركة سباحة خاصة، بعضها يقبع في الماء وبعضها الآخر بجوار الشاطئ الرملي.

ورغم أنك في جزيرة، فإنك ستشعر كأنك في إحدى القرى التراثية، تصميم الفيللات يحتفل بالحرفيين المالديفيين: أسقف من القش، أثاث من الخشب يذكرك بالطراز الكولونيالي، دش في الخارج، واجهة زجاجية تعانق زرقة البحر، ورائحة الزهور والعطر تنتشر في كل ثنايا المكان، في طريق يشق الأشجار، ولخصوصية أكثر تصل في نهاية الجزيرة إلى فيللات تبلل أطرافها بالكامل في الماء، تعانق مياه المحيط، ولا يمكن وصفها إلا بالجمال الصارخ عند وقت الغروب.

بركة سباحة بلا حدود تخدع النظر، لتظن أنها تمتد إلى المحيط، إلا أنه في الواقع هناك شاطئ رملي خلفها، مطاعم على شكل أكواخ من القش ترمي بظلها في مياه البركة العملاقة.

* سبا الليل

* في كودا هورا، ستنتظر سكون الليل بفارغ الصبر، فبعد أن تغرق الشمس في الأفق البعيد، تجد في غرفتك «روبا» منقوشا بالورود ومعه عقد من الزهور الاستوائية الطبيعية تفوح منه رائحة جميلة، وستكون العربة الكهربائية بانتظارك في الخارج لتأخذك إلى المرفأ، ومن هناك تستقل قاربا صغيرا تضيئه الفوانيس، ويتسع لشخصين فقط، ينضح رومانسية، يأخذك إلى المركز الصحي «السبا» في وسط المياه، وتستغرق الرحلة 5 دقائق. العلاجات كثيرة، ولكن أجملها هو علاج التقشير والتدليك، والأجمل والأهم هو أن الجلسة التي تستمر على مدى ساعتين ونصف الساعة في الهواء الطلق وتحت النجوم التي تشع في السماء بخجل، أكتب هذه الكلمات ولا أزال أستنشق رائحة جوز الهند وأسمع هدير الماء الهادئ من محيط هندي، وأشعر بسكون الليل الذي لا يمكن وصفه إلا بـ«غير معقول».

* الطعام

* ساهم موقع المالديف على مفترق طرق في المحيط الهندي في ترك التجار والزوار بصماتهم على المطبخ المالديفي، وبحكم أن المالديف تتكون من مناطق بحرية أكثر منها برية فإن من الطبيعي أن تصبح الأسماك، وخاصة التونة، هي المكون الرئيس في المطبخ المالديفي، وذلك بنكهات عربية وهندية وسريلانكية.

ويمثل السمك والأرز الغذاء الرئيس للسكان، أما اللحم والدجاج فيظهران فقط في المناسبات الخاصة والأعياد، حيث تتضمن الأطباق الشعبية السمك المقلي والكاري وحساء السمك.

ويوجد في المنتجع ثلاثة مطاعم، كلها مطلة على البحر، وفي أيام محددة من الأسبوع يقام بوفيه غني جدا للمأكولات الهندية في «بارابارو» المقابل لبركة السباحة الرئيسية، وباقي أيام الأسبوع يقدم المأكولات الهندية وأفضل أنواع البرياني (كل المأكولات حلال).

ولمحبي المأكولات الإيطالية، يقدم «ريف كلوب» جلسة قابعة في الناحية الجنوبية للجزيرة الصغيرة، حيث يمكنك مشاهدة الحيتان الصغيرة في البحيرات الضحلة وأنت جالس على كرسيك تتلذذ بالأطايب الإيطالية.

و«كافيه هورا» يقدم المأكولات المالديفية التقليدية والأطباق الغربية، ويكون باستقبال الزوار في الصباح الباكر لتقديم الفطور.

* نشاطات

* يضم المنتجع مدرسة لتعليم الغطس وركوب الأمواج، وهناك نشاطات رياضية مائية كثيرة أخرى مجانية مثل التجديف والسباحة مع الأسماك، ويوجد مركز رياضي وناد للأطفال يعنى برعايتهم طيلة النهار، إضافة إلى المركز البحري الذي يقدم لمحة عن عالم البحر وعن الثروة المرجانية والبرنامج المشترك الذي يقوم به «الفورسيزونز» مع الاستشارات البيئية (سيمارك) لتحسين الشعب المرجانية المحيطة بالمنتجع.

* المالديف في سطور

* الموقع: تقع على خط الاستواء جنوب غربي سريلانكا.

العاصمة: ماليه اللغة: الديفي، والإنجليزية العملة: الروفية المالديفية (الدولار الأميركي يساوي 15 روفية مالديفية تقريبا) العاصمة: ماليه، تكثر فيها المساجد والأسواق،، يبلغ طولها كيلومترين وعرضها كيلومترا واحدا، وعدد سكانها نحو 65 ألف نسمة.

المناخ: يتميز مناخ المالديف بأنه دافئ ورطب على مدار العام، وتتراوح الحرارة بين 19 و32 درجة مئوية. لذلك، فإن الملابس البسيطة المعتادة مثل القمصان الخفيفة هي المناسبة. وفي العاصمة ماليه والجزر المأهولة الأخرى، ينصح بأن ترتدي النساء ملابس متواضعة وألا يكشفن عن أجزاء من أجسادهن احتراما للثقافة المحلية.

* لاندا جيرافارو

* لا يكتمل مشوارك إلى «كودا هورا» إلا بزيارة شقيقتها الكبرى «لاندا جيرافارو» - الجزيرة التي تبعد نحو 30 دقيقة بواسطة الطائرة المائية ويقع عليها منتجع رائع آخر لـ«الفورسيزونز»، فخلال الرحلة الجوية القصيرة، سوف ترى الكثير من الجزر غير المأهولة، إضافة إلى البحيرات الضحلة وتبدو كأنها فقاقيع زرقاء في وسط المحيط، وبعدها تصل إلى المنتجع ليعيد التاريخ نفسه ويعيد الترحاب ذاته، وبنفس الأسلوب المهني الراقي يكون فريق من العاملين بانتظارك بزي تقليدي جميل يعكس روح البلاد الرشيقة.

لا يمكن مقارنة «كودا هورا» بـ«لاندا جيرافارو»، فالأخيرة جزيرة أكبر حجما (18 هكتارا)، كثيفة الأشجار، وتم بناء الفيللات بطريقة لا تتدخل في ما خطته الطبيعة، فكانت النتيجة فيللات رائعة، تختبئ كل منها وراء باب من الخشب الأزرق، وتقف أمام كل باب دراجة هوائية تحمل الأحرف الأولى من اسم الضيف، وخلف الباب تجد فيللا ضخمة بتصميم مالديفي تقليدي، بركة سباحة خاصة وفسحة خارجية للتأمل، وعلية صغيرة فيها أرجوحة تحاكي الشاطئ المقابل، يوجد في المنتجع مائة وفيللتان، ويتم العمل حاليا على بناء فيللا ضخمة تتسع للعائلات العربية التي تأتي إلى المنتجع باستمرار بأعداد كبيرة،

* الفيلل معظم الفيللا مطلة على البحر والبعض الآخر يطل على الماء من جميع الجوانب.

البهو الرئيسي في المنتجع غير عادي، يستلهم ألوان ديكوراته من زرقة الماء، وفيه ترتشف عصير جوز الهند مباشرة من الثمرة الصفراء، واللافت في المنتجع هو ذاكرة العاملين فيه من صغيرهم إلى كبيرهم، فالكل يناديك باسمك، والكل يعرف رقم الفيللا التي تسكن بها، ففي بعض الأحيان تظن كأن أحدهم يتتبع خطاك، ولكن في الحقيقة وكل ما في الأمر هو أن تدريب الموظفين عالي المستوى، وهذا ما تجده في جميع فروع فنادق «فورسيزونز» أينما حللت.

* سبا لا يشبه ما سواه

* لا بد أنك رأيت صورة ذلك الممر الخشبي فوق الماء وخلفه أكواخ من القش، فهذا المنظر تجده عندما تقصد «السبا»، فالتجربة فريدة من نوعها، تتم العلاجات في غرف بثلاثة جدران فقط، تفتح صدرها للمحيط، والأرضية تحت الكرسي الذي تتمدد عليه أثناء الجلسة من الزجاج ترى من خلاله الأسماك وقاع المحيط، تقوم إحدى الإخصائيات بالتدليك، في حين تلامسك لدغات النسيم الآتي من المحيط، وبعد هذه التجربة، تجلس مع طبيب مختص بعلم «الإيورفيدا» (إيو تعني الحياة وفيدا تعني معرفة) يقوم بملء استمارة خاصة بك، تعرف من نتيجتها طبيعة جسمك، إن كانت «فاتا» أو «بيتا» أو «كافا» (الدوشاس الثلاث) وعلى أساسها يشرح لك الطبيب ما يتناسب وما يتعارض مع صحتك من طعام.

نشاطات مائية لا تنتهي قد يظن البعض أن جزر المالديف هي ملاذ للأزواج ولشهر العسل، إنما في الواقع يقدم منتجع «لاندا» الكثير للصغار والعائلات، فهناك ناد للصغار وآخر للمراهقين، ونشاطات كثيرة مثل ركوب الأمواج والـ«جيت سكي» والغطس والسباحة مع الأسماك والسلاحف.

* رحلات لا تنسى

* ينظم المنتجع رحلات بحرية يومية مخصصة للغطس والسباحة مع السلاحف، وخلال الرحلة تشاهد الدلافين وهي تتراقص في الهواء وتقوم بألعاب بهلوانية وتتسابق مع القارب، وبعدها تتوقف في نقطة يكثر فيها وجود السلاحف المائية، ويقوم الدليل بتوجيه الفريق إلى أماكن وجودها، ننصح هنا بشراء كاميرا تعمل تحت الماء، وينظم المنتجع أيضا غداء على جزيرة خاصة ويمكن للزوار البقاء فيها من دون أي عزول لمدة أربع ساعات، ويقوم العاملون بإعطائهم هاتفا وإسعافات طبية أولية.

* صالون روسانو فيريتي

* وبعد يوم حافل بالسباحة والغطس، يحين وقت التألق، فيوجد في المنتجع صالون المبدع روسانو فيريتي صاحب أغلى قصة شعر في العالم، يقوم فريقه بتطبيق ما يعرف بأسلوب «الميتودو» في طريقة قص وتصفيف الشعر.

* الطعام

* عند وصولك إلى «لاندا جيرافارا»، سيطالعك مبنى يذكرك بهندسة الشرق وشمال أفريقيا، يقع في قلب الماء، ويقدم المأكولات اللبنانية والشمال أفريقية على يد شيف مصري الجنسية، في أجواء شرقية جميلة على أنغام فيروز، ولا تغيب عن المشهد الشيشة أو «النارغيلة» التي تتربع على شرفة تبلل طرفها في الماء.

مطعم «بلو» يقع إلى الجهة الغربية من الجزيرة ويطل على الفيللات المائية، يتخصص بتقديم المأكولات الإيطالية في قالب عصري، يتميز المطعم بديكوره الأزرق الذي يتناسب مع الألوان الطبيعية، وفترة المساء يمكنك تناول الطعام على الشاطئ مباشرة داخل الخيمة (لعشاء رومانسي) أو تحت النجوم برفقة الأحباب.

«كافيه لاندا» يفتح أبوابه طيلة اليوم والمساء، يتميز بتقديم الإفطار المتنوع من آسيا وأوروبا، فلا تفوت فرصة الإفطار فهو بالفعل مميز.

لمحبي حفلات الشواء، يقوم «فويغو غريل» فترة المساء بشي اللحوم على الشاطئ على نور المصابيح والشموع.

«سي بار» من أجمل الأماكن لتناول العصير والكوكتيلات، فهو يعانق الماء، وفيه جلسات رومانسية جميلة، وتنتشر فيه مقاعد من الحبل المحبوك تخولك رؤية مياه البحر من تحتك، وأثناء الليل تسبح الحيتان بمحاذاة الشاطئ وتكون فرصة لرؤيتها وهي تسبح تحتك، الموسيقى جميلة تتناغم مع أجواء الجزيرة الحالمة.

للمزيد من المعلومات: www.fourseasons.com

* لا تفوت عليك الزيارة

* الأقمار الاصطناعية تبين، وللأسف، أن البحر يتسلل إلى الجزر بشكل واضح، ومن المؤكد زوالها في القرن المقبل بحسب ما تؤكده الدراسات البيئية، لذا لا تفوتوا فرصة الزيارة، فتلك البلاد حباها الله بطبيعة أكثر من رائعة وتستحق الزيارة.

* تسير «طيران الإمارات» رحلتين يوميا مباشرة بين دبي وجزر المالديف بطائرات «البوينغ 777» الحديثة، وفق الترتيب التالي:

* تقلع الرحلة الأولى من مطار دبي الدولي عند الساعة 3:15 فجرا وتصل إلى ماليه الساعة 8:20 صباحا بتوقيت المالديف، في حين تقلع رحلة العودة من مطار ماليه 9:55 صباحا وتصل دبي عند الساعة 1:00 ظهرا.

أما الرحلة اليومية الثانية، فتقلع من مطار دبي الدولي 9:35 صباحا وتصل إلى العاصمة ماليه 2:50 بعد الظهر، وتقلع رحلة العودة من مطار ماليه الساعة 11:55 ليلا وتصل إلى دبي الساعة 2 من صباح اليوم التالي، للمزيد من المعلومات: www.emirates - holidays.com