محمية «نبق».. تدشن سياحة المحميات الطبيعية بمصر

لوحة فريدة من الجمال رسمتها النباتات والحيوانات والطيور النادرة

محمية «نبق» عنوان السياحة الطبيعية
TT

هل جربت أن تكون مغمورا بمناظر خلابة من الجمال وسحر الطبيعة، وهل اشتقت أن تداعب روحك في مرآة البحر ورقصة الأمواج. بالتأكيد الاختيار الأمثل أمامك سيكون إحدى المحميات الطبيعية التي باتت اليوم إحدى وسائل جذب الزوار والسائحين لما يتوافر فيها من عناصر طبيعة قلما توجد في مكان آخر. وفي غمار هذه اللهفة الترويحية تطالعك «محمية نبق» بطبيعتها البكر وطابعها الخاص وموقعها الجغرافي الفريد حيث تتمتع بمناخ معتدل طوال السنة، إضافة إلى الطبيعة الخلابة والمتمثلة في سلسلة الجبال والشواطئ المترامية والكثير من النباتات النادرة، وسوف يحفزك على هذا حين تعرف أن «محمية نبق» منذ مالا يزيد على 10 سنوات أصبحت أيضا منطقة سياحية تضم الكثير من الفنادق الفخمة ذات الخمس نجوم وأيضا الفنادق التي تعتمد على مواد البيئة.

أشرف حسن المدير الفني لقطاع السياحة الداخلية بهيئة تنشيط السياحة يقول: تقع «محمية نبق» في المنطقة المحصورة بين طابا وشرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء ومساحتها 600 كم وتبعد عن القاهرة 500 كم، وقد صدر قرار من مجلس الوزراء عام 1992 يقر بأنها أصبحت محمية طبيعية لتكون بذلك المحمية رقم 23 على مستوى الجمهورية.

وتتمتع «نبق» ببيئة صحراوية جبلية تتخللها وديان زاخرة بنباتات طبيعية حيث تحتوى على 134 نوعا من النباتات من بينها 86 نوعا معمرا هذا بالإضافة إلى تعدد الأنظمة البيئية بها، فهي تتمتع بطبيعة صحراوية جبلية ذات كثبان رملية عند «وادي كيد» تتخللها وديان غنية بنباتات نادرة بالإضافة إلى شجر «المانجروف» الذي يعيش في تربة مالحة ويمكنه استخلاص المياه العذبة والتخلص من الملح من خلال أوراقة حيث يظهر على أسفل التربة طبقة من الملح وهذه الأشجار تؤدي دورا بالغ الأهمية في الحفاظ على نقاء المياه، بالإضافة إلى أن المحمية بها أكبر تجمع لأشجار «الآراك» في مصر وتتميز الأشجار بنظام جذري التفافي يعمل على تثبيت الكثبان الرملية ويستخدم البدو الأفرع كمسواك لتنظيف الأسنان.

يضيف حسن هذا بالإضافة إلى شواطئ «نبق» التي تحتوي على الكثير من المحاريات والأسماك الملونة النادرة والشعاب المرجانية، لهذا فهي منطقة جذب لهواة الغوص والسباحة وتشتهر مياه «نبق» بمنطقة الغرقانة، وهي منطقة سياحية أمام جزيرة «تيران» الواقعة في مياه «نبق» ويوجد بها أجمل شعاب مرجانية وأسماك نادرة، وقد اصطدمت هناك سفينة تجارية ألمانية «ماريا شرودر» عام 1956 وغرقت في البحر الأحمر وبالأخص أمام غابات نبق لينقسم جسمها إلى جزأين، جزء أعلى البحر وجزء كبير منها تحت البحر على عمق 24 مترا في المياه، والسفينة لا تزال في قاع البحر محتفظة بكل ما فيها من الأدوات التي كان يستعملها البحارة.

وهذا ليس كل ما يمكن أن تتمتع به في «محمية نبقة» لأن الحياة البرية على أرضها غنية جدا، فسوف يجد الزائر بين جبالها ووديانها الكثير من الثعالب، والإبل، والغزلان وأنواعا كثيرة من الزواحف النادرة.

ويضيف أشرف حسن أن سياحة المحميات هي أحدث أنواع السياحة في مصر ويستطيع أي سائح أن يزور تلك المحمية ويتعرف على الكائنات النادرة بها، وقد اهتمت مصر بتلك السياحة نظرا لإقبال السائحين حيث باتت مقصدا سياحيا يهفو السائحون إلى ارتياده لأنها لم تمسسها يد الإنسان بعد أو تعبث بمحتوياتها. ويؤكد أشرف حسن أن قانون البيئة يجرم المساس بالطبيعة أو الإضرار بها، وأن المسموح به في تلك المحميات هو المشاهدة والاستمتاع.

ويلفت أشرف إلى أن قضاء أيام من العطلة في محمية قد يصيب الفرد بالملل بعد عدة أيام خاصة إذا كان ممن يفضلون ممارسة الهوايات ولكن في «محمية نبق» الوضع مختلف فعلى الشواطئ يمكن ممارسة جميع رياضات الماء مثل سباقات الشراع والتزحلق على الماء وصيد الأسماك الذي تنظم له مسابقات كبيرة. هذا بالإضافة إلى تنظيم الرحلات البرية والسفاري وقضاء ليالٍ بدوية لا تنسى على ضوء القمر مليئة بالمرح والسمر.

ويوجه المسؤول السياحي نداء إلى عشاق الصحراء في جميع أنحاء العالم ودعوة لقضاء أجمل الأوقات في صحاري «نبق» قائلا «لن تجد صحراء بهذه الروعة فقط عليك الاختيار ما بين سفاري الجيب أو الموتوسيكل والأجمل سفينة الصحراء» وبمحمية «نبق» تتنوع مفردات الإقامة في الفنادق على حسب ميزانية كل فرد، فعلى طول الشاطئ تنتشر الفنادق التي تتراوح ما بين خمس وثلاث نجوم، حتى تناسب جميع الميزانيات، كما يمكنك أن تسأل على رحلات جميع الفنادق حتى وإن كنت غير نزيل بها لتختار منها ما يتناسب مع ميولك، فمن المعتاد أن تنظم الفنادق رحلات إلى المناطق المجاورة مثل طابا، دهب، ودير وجبل سانت كاترين اللذين يعتبران أحد أكثر الأماكن السياحية شهرة حول العالم، ومصدر جذب لكل زائري المنطقة، فالرسم التخطيطي للدير يقول إنه عبارة عن ثلاثة آلاف درجة وفي وسط الطريق توجد كنيسة صغيرة للقديس «ستيفانو» حيث يقبع الدير في قلب وادي الدير، وهو حصن عالٍ له مدخلان، المدخل الرئيسي في الشمال والآخر يوجد في المدخل الشرقي وهو صغير جدا حتى أن الداخل إليه لا بد وأن ينحني عند الدخول وكأنه شيد لهذا السبب، وبمجرد الدخول تلفت الانتباه صورة وثيقة معلقة على الحائط على يمين الداخل من الباب، وبها توقيع لنابليون بونابرت والذي يقول فيه إنه قام بترميم الدير وأعطى الرهبان وثيقة أمان منه، وهناك وثيقة أخرى اختلفت أقاويل المؤرخين حولها لكن معظمها يصب في أنها من الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل الدير.

ويضيف أشرف حسن «يستطيع السائح أن ينظم رحلة مع أصدقائه إلى إحدى المناطق السياحية التي تتناثر حول (نبق) وهذا بعد اطلاعه على خريطة نبق التي يمكن توفيرها من مكاتب العلاقات العامة في أي فندق والتي توضح أهم المناطق التي يمكن زيارتها ولكن يجب أن يكون مع الزائر مرشد من أبناء سيناء حتى لا يضل الطريق وهذه المهنة يعمل بها معظم بدو سيناء فهم يعرفون جميع مداخل ومخارج نبق ويجيدون أكثر من لغة ليسهل لهم التعامل مع السائح الأجنبي».

ويقول أشرف: على زائر المحمية التقيد ببعض الشروط حتى يستطيع قضاء عطلته بسلام وأهم هذه الشروط: الالتزام بالمسارات المحددة لسير السيارات وهذا لأن الأرض هشة فلا يمكن البعد عن الطرق المحددة لخطورة الوضع، وكذلك عدم الغطس أو السباحة بعد غروب الشمس، وتجنب محاولات نقل قطع من الشعب المرجانية فهذا يهدد الحياة بالمحمية، أيضا عدم التعرض للكائنات الحية في المكان بالصيد أو النقل أو الإزعاج، وعدم دفن أي مخلفات في أرض المحمية فهذا يتسبب في تغيرات في طبيعة المحمية، ثم الحرص على نظافة المحمية وهذا يشمل المياه والهواء والتربة.. وأخيرا دع جسدك لإيقاع الطبيعة وارقص وابتسم، فأنت في محمية «نبق».