«ليك ديستريكت».. وجهة العائلات في أجمل بقاع الطبيعة

منطقة البحيرات من أكثر العناوين جذبا للسياح في بريطانيا

TT

من بين أجمل بقاع الطبيعة في بريطانيا تأتي منطقة البحيرات أو «ليك ديستريكت» (Lake District) في المقدمة، وهي تقع في شمال غربي إنجلترا ضمن مقاطعة كمبريا وتعد من أهم وجهات السياحة في بريطانيا بعد لندن. وهي لا تشتهر فقط بالبحيرات، بل أيضا بالغابات والجبال والتراث الأدبي الإنجليزي، حيث اشتهر فيها العديد من قدامى الشعراء والأدباء.

وتعد معظم أراضي المنطقة محميات طبيعية وحدائق عامة يمنع البناء فيها أو قيام أي نشاط صناعي أو تجاري، وذلك منذ بداية الخمسينات. وتضم المنطقة أعلى جبال بريطانيا، واسمه «سكافيل بايك»، وبها أيضا أعمق بحيرات في إنجلترا مثل «واستووتر» و«وندرمير».

وضمن المنطقة السياحية تقع بقعة خلابة ومحمية طبيعية اسمها «بيك ديستريكت» يزورها سنويا نحو 16 مليون سائح. وهي أكبر محمية طبيعية في إنجلترا وويلز والثانية على مستوى بريطانيا. وتمتد المحمية لمسافة 32 ميلا من الشرق إلى الغرب و40 ميلا من الشمال إلى الجنوب.

وتضم المنطقة أربع قرى رئيسة أهمها «وندرمير» والعديد من القرى الصغيرة. ويعتمد اقتصاد المنطقة في معظمه على العوائد السياحية من الزوار من داخل وخارج بريطانيا. وتخدم المنطقة شبكة طرق جيدة ترتبط في نهاياتها بالطرق السريعة الواصلة إلى أسكوتلندا شمالا ولندن جنوبا. كما تخدمها شبكة سكك حديدية مخصصة للساحل الغربي، مع شبكة قطارات سياحية على قضبان ضيقة تنتقل بين القرى والمعالم المختلفة للمنطقة.

وتضم المنطقة 19 بحيرة، وهناك أيضا من السفن البخارية وأخرى مرتبطة بكابل بحري تنقل الركاب عبر أكبر البحيرات، وبعضها يعمل موسميا خلال فصل الصيف. ومن ناحية المناخ تتمتع المنطقة بمعدل أعلى من الأمطار، ولذلك تزدهر فيها الخضرة والغابات عن أي موقع آخر. وتعتبر المنطقة مأوى طبيعي للعديد من الحيوانات، مثل السنجاب الأحمر والعديد من الطيور، ومنها النسور الذهبية والصقور التي تهاجر صيفا من شمال أفريقيا إلى منطقة البحيرات سنويا.

* جذور سياحية

* ويعود النشاط السياحي في المنطقة إلى القرن السابع عشر عندما زارت المنطقة الرحالة البريطانية سيليا فاينس في عام 1698 ووصفت رحلتها بين الجبال التي لم تشهد مثلها في إرجاء البلاد حينذاك وقالت إن البحيرات تكونت من سيول المياه المتدفقة من أعلى قمم الجبال إلى أسفل الوديان.

وفي عام 1724 نشر المؤلف دانييل ديفو كتابا عن رحلاته في الجزر البريطانية جاء فيه أن منطقة البحيرات مخيفة بسلسلة جبال يصعب اختراقها. وفي القرن الثامن عشر اشتهرت المنطقة سياحيا، وكانت معظمها سياحة داخلية حيث كان السفر إلى أوروبا محفوفا بالمخاطر بسبب الحروب المتكررة فيها. وفي عام 1778 كتب توماس ويست أول دليل سياحي لمنطقة البحيرات لكي تبدأ حقبة السياحة الحديثة فيها. وذكر ويست أفضل المواقع لمشاهدة الجبال والبحيرات المختلفة.

وتبعه ويليام وردورث بدليل آخر عام 1810 طبع منه خمس طبعات حتى عام 1835. وكان هذا الكتاب وراء شهرة المنطقة سياحيا. ثم فتح امتداد السكك الحديدية للمنطقة آفاق الزيارة إليها بسهولة، كما انتشرت الزوارق البخارية في العديد من بحيرات المنطقة. ثم انتشر النشاط السياحي باستخدام السيارات بدلا من المواصلات العامة، وفي عام 1951 تحولت المنطقة إلى محمية طبيعية.

وفي الستينات صدرت كتب مصورة عن المنطقة زادت من شعبيتها وبعضها ما زال يستخدم من الزوار من كبار السن إلى الآن. ويقبل السياح إلى المنطقة من كل أنحاء العالم، وخصوصا من الصين واليابان وأميركا وألمانيا. ومن أشهر عوامل الجذب السياحي السفن البخارية في بحيرة وندرمير التي يستقلها سنويا نحو مليون ونصف المليون راكب.

تشتهر المنطقة أيضا بأنها الأفضل في تقديم وجبات الطعام في بريطانيا، حيث تنتشر فيها المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان، بالإضافة إلى المقاهي التي تقدم وجبات سريعة طوال اليوم.

وللمنطقة جذور في الأدب الإنجليزي أيضا ربما أهمها أنها ذكرت في رواية جين أوستن «الزهو والتحيز»، كما كانت تسكن في المنطقة مؤلفة كتب الأطفال بياتريس بوتر التي ابتكرت شخصية الأرنب «بيتر رابيت» في روايات عديدة كان موقع أحداثها في المنطقة.

* السائح العربي

* هناك العديد من الوسائل لزيارة المنطقة أثناء قضاء عطلة الصيف في بريطانيا. ويمكن للمغامر أن يستقل سيارته إلى المنطقة مباشرة مع حجز في فندق أو عدة فنادق لاستكشاف المنطقة. ويمكن أيضا الاستعانة بشركات السياحة الداخلية التي يمكنها أن تنظم رحلة سياحية من يوم واحد أو عدة أيام مع دليل محترف يوفر الوقت والجهد في استكشاف أفضل معالم المنطقة.

كما يمكن الاستعانة بشركات السياحة المحلية في المنطقة بعد الوصول إليها بالسيارة الخاصة.

وفي كل أحوال الطقس لا بد من الاستعداد للمطر بمعطف واق ومظلة. وينصح خبراء المنطقة بارتداء ملابس خفيفة في طبقات لأن الطقس متغير، كما تفضل الملابس الفاتحة نظرا لصعوبة الرؤية أحيانا على الطريق أثناء المطر.

التجول في المنطقة يمكن أن يكون سيرا على الأقدام في مسارات معروفة أو على دراجة هوائية مستأجرة. كما يمكن ركوب السفن البخارية في البحيرات أو استخدام القطار السياحي. ويحذر خبراء المنطقة من خطر السقوط من على التلال أثناء التسلق أو السير على ممرات جبلية مرتفعة.

من المخاطر الأخرى، ما تحذر منه الشرطة في مواقف السيارات من عدم ترك أي محتويات ثمينة داخل السيارة. ونظرا لطبيعة المنطقة الجبلية فإن الهواتف الجوالة لا تعمل جيدا في العديد من الأرجاء.

ويمكن من منطقة البحيرات استكشاف مناطق قريبة منها مثل أسكوتلندا شمالا ومدينتي ليفربول ومانشستر جنوبا.

* معالم سياحية

* إلى جانب الطبيعة والبحيرات يمكن أيضا زيارة بعض المعالم السياحية للمنطقة، ومنها:

* معرض «بلاكويل» للفنون والحرف: وهو يقدم مجموعة من الأعمال الفنية ومنتجات الحرف اليدوية التي يمكن شراؤها. ويهتم المعرض بزيارة العائلات ويسمح بدخول الأطفال مجانا ويقدم وجبات خفيفة ومشروبات في كافيتريا ملحقة.

* مركز «بلاكهول» لألعاب الأطفال: وهو مركز ترفيهي للأطفال والكبار ويحتوي على العديد من النشاطات الخارجية والداخلية التي تناسب كل الأعمار. وهو أيضا يحتوي على كافيتريا ومنفذ تجاري بالإضافة إلى حدائق ومعارض وملاعب غولف مصغرة وركوب الخيل للأطفال والعديد من الألعاب المائية.

* مركز «كونيستون» للزوارق: وهو يقع على حافة بحيرة وندرمير ويوفر إمكانية تأجير الزوارق النارية أو الشراعية بالإضافة إلى الدراجات الهوائية والكهربائية. وهو يفتح أبوابه سبعة أيام أسبوعيا خلال فصل الصيف. ويمكن حجز الزوارق من على الإنترنت.

* مسرح على البحيرة: وهو مسرح يقدم مسرحيات كلاسيكية من الأدب الإنجليزي التي يمكن أيضا الحجز المبكر لها على الإنترنت. ويقدم المسرح خدمات أخرى مثل قاعات الاجتماع والمعارض والتدريب المسرحي.

* مركز «ريجيد» للاستكشافات: وهو يتوجه إلى تسلية الأطفال بأفلام وعروض ونشاطات، بالإضافة إلى خدمات أخرى مثل تنظيم المعارض وحفلات الزفاف والمغامرات للزائرين.

* منجم «هونيستر»: وهو من المناجم التقليدية في بريطانيا وعمره 900 سنة ويقدم جولات للسياح داخله ويستعرض الزائر تاريخ المنجم وكيفية العمل فيه واستخراج صخور الإردواز (slate) التي تستخدم في البناء وسقوف المنازل.

* حديقة «ساوث ليك» للحيوانات: وهي حديقة حيوانات بدأت نشاطها في عام 1994 بها مجموعة كبيرة من الحيوانات من جميع أنحاء العالم. وهو توفر فرص لرحلات المدارس وتقوم بنشاطات في المحافظة على البيئة وتقدم فرصا لتبني أحد حيواناتها مقابل عشرة جنيهات (15 دولارا). وهي توفر فرصة قضاء يوم حافل مع وجود مقهى للمشروبات ومطعم للمأكولات السريعة بها.

* دورة تدريب على قيادة قطار بخاري: وهي تشمل إشعال المحرك وتحضيره ثم الانطلاق لمسافة عشرة أميال قبل إطفاء المحرك. ويمكن الالتحاق بيوم ثان يشمل القيادة لمسافات أطول. ولكن التجربة ليست رخيصة، حيث يتكلف اليوم الواحد 380 إسترلينيا (570 دولارا) تتضاعف في حالة الالتحاق لمدة يومين.

ويمكن شراء تذكرة جماعية لمعظم الوجهات السياحية في المنطقة من مكاتب السياحة أو على الإنترنت، وهي تخفض من تكلفة دخول هذه الوجهات السياحية أحيانا إلى النصف. وتستمر التذكرة سارية المفعول لمدة عام كامل.