دلل نفسك.. أنت في «بافوس»

الإقامة في «قصر أنتارا» القبرصي تجعل أفروديت تغار

قصر ومنتجع أنتارا.. قمة في الرومانسية والبورجوازية
TT

في وقت كانت تقرع فيه أجراس العاصفة التي كانت لندن وبعض من مدن إنجلترا الأخرى بانتظارها، كنت في طريقي إلى أرض الشمس التي لا تغيب إلا نحو 30 يوما في العام، إلى جزيرة تتسكع على شواطئ الجنوب الغربي لقبرص، وعنوان الحب والرومانسية، وموطن آلهة الحب أفروديت، وكان بانتظاري قصر يخفي ما وراء أبوابه الحديدية العملاقة وحدائقه الغناءة وصفة سحرية للراحة والاسترخاء والتخسيس والدلال ودروسا في الخدمة الراقية التي لا تليق إلا بأهالي القصور.

هذا القصر ليس قصرا خياليا. إنه قصر حقيقي اسمه «قصر أنتارا» الذي افتتح أبوابه منذ أقل من شهر أمام عشاق العلاجات الطبيعية والاسترخاء والذواقة التواقين لاختبار ألذ الأطباق الصحية المحلية والعالمية (حسب الطلب)، فهذا القصر هو مركز صحي، يقدم خدمات كثيرة على رأسها برامج خاصة بالتخسيس وشتى العلاجات والسباحة ويضم مركزا صحيا لا يمكن وصفه إلا بالحلم الواقعي الذي يترجمه وجود نخبة من الاختصاصيين العالميين ذوي الخبرة الفريدة.

بدأ المشوار الحقيقي من مطار بافوس، مطار صغيرة ولكنه يفي بالغرض، حجمه من أهم مميزاته، دقائق معدودة فيه تفصلك عن الشمس الساطعة والسماء الزرقاء التي لا تعرف حتى الغيوم البيضاء البريئة طريقا لها، وتسير «إيزي جت» و«الخطوط البريطانية» رحلات مباشرة يومية من لندن إليه.

الطرقات واسعة، ولو أنها جبلية، معبدة ومنظمة، القيادة على جهة اليمين تماما كما هي لدينا في بريطانيا، فلم يختلف الأمر علينا كثيرا، إنما الفارق الأكبر هو المناخ والدفء، وهذا ما دفعني لطرح السؤال الذي كنت أعرف جوابه على سائق السيارة البريطاني تيري، فعندما قلت له: لماذا انتقلت للعيش في قبرص تاركا وراءك صخب وحيوية الحياة في لندن، أشار إلى السماء وزرقتها بإصبعه، مكتفيا بالقول: «هذا ما جعلني أستقر هنا».

تيري على حق؛ زرقة السماء استثنائية، والطبيعة جميلة، الطرقات مريحة، ستجد نفسك خلالها تتغزل بوديانها وهضابها، فيُخيل إليك أنك تصعد إلى جبل عالٍ، ولكن سرعان ما يطالعك البحر بصفائه وزرقته التي تنافس زرقة السماء، وبعد 55 دقيقة من التأمل والتمتع بمناظر الطبيعة العذراء، تصل إلى وسط المدينة الذي تتصدره كنيسة أرثوذوكسية جميلة التصميم وبعض المحلات الصغيرة التي يجلس على أبوابها شياب يونانيون مضيافون لا تغيب البسمة عن وجوههم.

وبعد خمس دقائق، انتهى الطريق عند مبنى وردي اللون، وكان بانتظارنا فريق كامل من العمال في منتجع وقصر أنتارا، وبواسطة عربات كتلك التي تستعمل على ملاعب الغولف وصلنا إلى حديقة القصر، التي تحميها تماثيل يونانية وتمثال أفروديت بالتأكيد، وشجرة زيتون عتيقة وأعشاب منسقة، ونافورة مياه أنيقة يقف وراءها باب عملاق، تدخل منه إلى عالم آخر ملؤه السكينة، وهنا لا أبالغ، إذا قلت إنك ستشعر بالرهبة عند دخولك إلى البهو الكبير الذي يتميز بسقوف عالية، وجدران مزينة بأجمل اللوحات بألوان نارية، وأثاث يدخل فيه اللون الأزرق الملكي والأصفر، ومدفأة من الرخام الجميل، وقطع أثرية فريدة، والأهم من هذا كله هو أنك تشعر بأنك في منزل خاص وليس في مركز صحي، وهذا الشيء ليس وليد الصدفة، إنما هو الفلسفة الحقيقية وراء افتتاح هذا القصر، الذي يملكه رجل أعمال مجريّ معروف.

* سبعة أجنحة أشبه بالحلم

* يتألف القصر من ستة أجنحة وجناح رئاسي واحد، بركة سباحة خارجية وأخرى في الداخل مصممة على النمط الإغريقي، مطلة على شرفة تغازل البحر.

ديكور كل جناح فريد ومختلف عن الآخر، فاختياري وقع على جناح «بودا»، الديكور جميل ودافئ يرتكز على اللون الأحمر والذهبي وتتبعه شرفة خاصة مطلة على أجمل المناظر الطبيعية وتشتم منها رائحة الأعشاب وأشجار الحمضيات المزروعة في حدائق القصر، وكلها تستعمل في الأطباق التي تُحضر في المطبخ.

* قصر للعائلات والمجموعات

* اللافت في قصر ومنتجع أنتارا أنه صمم ليكون مسكنا خاصا، فهو لا يشبه الفنادق ولا حتى المنتجعات والمراكز الصحية الأخرى، وهو مثالي لزيارات العائلات العربية أو الاحتفال بمناسبات خاصة مثل حفلات ما قبل الزواج وتحضيرات الفتيات للزفاف، لأن القصر يقدم خدمات حسب الطلب، إن كان من حيث العلاجات في المركز الصحي، أو المطبخ، أو حتى برامج التخسيس والتخلص من الوزن الزائد، وممارسة شتى أنواع الرياضات ومعالجة مشكلات النوم المتقطع.

* المركز الصحي

* تخيل أن في منزلك هناك مركزا صحيا يقدم لك أهم العلاجات، هذا بالضبط ما تجده في قصر أنتارا، فكما ذكرت آنفا، المشروع يرتكز في فكرته على الخصوصية التامة، لذا من المرجح أن يجري تأجير القصر لمجموعة واحدة أو عائلة واحدة لكي تشعر وكأنك في منزلك، فبمجرد خروجك من جناحك تدخل من باب محاذٍ إلى المركز الصحي لتنقلك رائحة الزيوت المعطرة إلى مرحلة إضافية من السكينة والهدوء، أما بالنسبة للعلاجات فهي كثيرة، جربنا منها، علاج خاص بالوجه (facial).. يمكنني أن أؤكد أنه من أفضل العلاجات التي اختبرتها على مدى سنين طويلة، إضافة إلى جلسات تدليك يقوم بها اختصاصيان في الوقت نفسه، وهذا العلاج يرتكز على خلق توازن في التدليك، ومن أهم العلاجات المتوفرة التي تحمل توقيع القصر «علاج الخريف»، وهو العلاج الأهم الذي يفخر به المركز، ويمتد على مدى ساعتين من الوقت، يتضمن وقتا لتقشير الجسم، وبعدها يجري لفه بالوحل، ومن ثم غسله في مغطس هيدروليكي يعمل بأسلوب ميكانيكي فريد يساعد على ضخ المياه مركزا على أماكن في الجسم بحاجة إلى التدليك للتخلص من السموم والسيلوليت، ومن بعدها يتم تدليك الجسم بالكامل، العلاج أكثر من رائع، إنما ساخن، فمن الأفضل إخطار الاختصاصية في حال شعرت بحرارة زائدة، ولكن النتيجة جيدة جدا تساعد على تنظيم الدورة الدموية، كما تبدو البشرة خالية من النتوءات.

ومن العلاجات الأخرى أيضا، العلاج الهندي الشهير «الأيورفيدا» فهو يرتكز على استعمال الكثير من الزيوت المعطرة، خلال التدليك.

* من الحديقة إلى الطاولة

* خلال زيارتي إلى أنتارا، نشرت صورا على صفحتي الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، للأطباق أكثر منها للبحر والمناظر الطبيعية، والسبب هو أن الأطباق، التي يبدع بتقديمها الطاهي القبرصي اليوناني بوليس باباجورجيو الحائز على نجمة ميشيلن للتميز، تبدو وكأنها لوحة صُنعت للنظر وليس للأكل، فهو يعتني بطريقة التقديم بطريقة غير معقولة، أما بالنسبة للنكهة، فحدّث ولا حرج، والأهم هو أن الطاهي يعتمد على وصفات صحية، فالهدف من النزول في قصر أنتارا الراحة وخسارة الوزن، ولكن الطاهي استطاع أن يجعل الأكل الصحي لذيذا.

في القصر غرفة طعام يطلق عليها اسم «امبروزيا» وشرفة لتقديم المأكولات في خيمة جميلة مطلة على البحر مع شرفة قريبة من بركة السباحة يطلق عليها اسم «بانوما»، وكلاهما يقدم لائحة الطعام نفسها، من دون أن ننسى إمكانية طلب ما تريده، فالإقامة في أنتارا مصممة لكل زائر بحسب طلبه واحتياجاته، فلا قيود ولا عقد، تماما كأنك في المنزل ولديك طاهٍ خاص.

مسلسل الطعام الرائع يبدأ من الصباح، مع لائحة يسيل لها اللعاب مرورا بالغداء وانتهاء بالعشاء، من دون ننسى الأطايب والعصائر والمشروبات والشاي وتبعاتها فترة ما بعد الظهر في أجواء حميمية وصحية (فكل المأكولات والعلاجات من ضمن سعر الإقامة)، وكل الخضراوات والأعشاب المستعملة في الأطباق يؤتى بها من الحدائق الخاصة بالقصر.

* سينما خاصة

* بعد يوم كامل في أحضان المركز الصحي، وجلسة يوغا صباحية، ونشاطات كثيرة أخرى، يأتي المساء لتكون قاعة السينما الخاصة بك بانتظارك، ولا ينتهي مسلسل الدلال هنا، بل يستمر من خلال تأمين الطاهي، أطباقا من الفاكهة والفوشار بنكهات فريدة لترافق الفيلم الذي تختاره مع ضيوفك.

* اختصاصيو العلاج الطبيعي

* يقدم أنتارا لكل زائر جلسة خاصة مع اختصاصية الـ«Naturopath» أو الطب الطبيعي، شيريل، التي تقيم الوضع الصحي للزائر وتتمعن فيما يحتاجه جسمه، وتقوم بتحضير خلطات من الأعشاب، بعضها يساعد على تنظيم النوم، وبعدها الآخر يساعد على الهضم.. كل خلطة هي مخصصة لشخص دون سواه، كما تقوم بوضع برنامج خاص بكل زائر تنصحه بالالتزام به طيلة وقت زيارته، وتقول شيريل لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من الإقامة في أنتارا صحي وسياحي، ولكن هذا لا يعني أنه يتوجب على الزائر حرمان معدته من المأكولات اللذيذة، إنما هنا طرق منظمة تساعد على ذلك من خلال وصفات وأطباق صحية وجلسات تدليك.

الحق يقال، خلطة شيريل السحرية الخاصة بي لمساعدتي على الوقوف للنوم المتقطع بالمرصاد كانت جيدة.

* نشاطات حسب الطلب وعند الطلب

* أثارت انتباهي كلمة ميشال زابو مديرة التسويق في أنتارا، بأنه لا حدود لما يمكن أن يقدمه أنتارا من خدمات مشددة على أنه «إذا أردت قاربا، فنحن بالخدمة. إذا أردت طائرة هليكوبتر فلا مانع. إذا أردت فرقة موسيقية فأهلا وسهلا..»، وأعجبني جوابها كثيرا، لأنها لم تبالغ بأي شيء قالته، فبالفعل يتم تنظيم رحلات على متن يخت خاص من طاه من خلال التعاقد مع شركات خاصة، وهناك مدرج لاستقبال طائرات الهليكوبتر، وآخر ليلة لنا على الجزيرة احتفلنا مع مغن بريطاني وقمنا نحن بطلب لائحة الأغاني، وقام بأدائها بامتنان.

* قصر أنتارا ليس فندقا وليس منتجعا سياحيا، فهو مشروع فريد يبدع العاملون فيه في تقديم ما يريده الضيف، وهو مكان عندما يأتي الوقت لتركه، تشعر بالحزن وتبدأ بالتخطيط لزيارة مستقبلية أخرى. والأصعب هو ترك أشعة الشمس خلفك، ولكن المطار، وعلى الرغم من تواضعه، يقدم جلسة خارجية تتكئ على المدرج مباشرة، تشحذ فيها آخر أشعة دافئة.

* يوم كامل من الراحة

* تبدأ في الصباح الباكر جلسة لليوغا مع الاختصاصية المجرية ايريكا على شاطئ البحر، فلست بحاجة لأن تكون متمرسا باليوغا، لأن الاختصاصية ستقوم بجلسة بحسب المستوى البدني لكل شخص، وبعد ساعة من تقوية واستعمال عضلات في الجسم كنت تجهل أنها موجودة أصلا، ستشعر بنشاط غير عادي، وسيكون الفطور على الشرفة بانتظارك، وأنصحك بالفطور الشرق أوسطي، فهو لذيذ جدا يتضمن اللبنة والحمص والباذنجان بقالب صحي.

وبعدها يكون قد حان وقت العلاجات الصحية وتمضية الوقت في المركز الصحي، وفترة المساء يكون حان وقت العشاء ليتكرر مشهد الأطباق اللذيذة.

وإذا تجرأت على ترك تلك الجنة على الأرض، يمكنك التوجه إلى وسط المدينة الصغير أو زيارة صخرة أفروديت أو دير بافوس الأشهر، والآثار والمدرجات والكنائس التاريخية واستنشاق هواء شواطئ جنوب غربي قبرص.

* أنتارا تعني باللغة السنسكريتية: الجمال من الداخل

* قطع الأثاث صممت خصيصا للمنتجع واستغرق تنفيذها أكثر من ثلاث سنوات.

* مدخل القصر استغرق تنفيذه أكثر من ثمانية أشهر وشارك في التنفيذ 80 فنانا.

* الجداريات والرسومات قام برسمها 14 رساما واستغرق العمل ثمانية أشهر.

* استعمل 30 كيلوغراما من الذهب من عيار 24 قيراطا في الأجنحة.

* الثريا الكبرى في القصر مؤلفة من ثلاثة آلاف قطعة من الزجاج وصنعت خصيصا في جمهورية التشيك.

* خمسة فنانين عملوا على القبة الزجاجية في قاعة الاستقبال وقطرها ستة أمتار.

* قطعة ضخمة من الموزاييك استعمل فيها الذهب موجودة في خلفية الجاكوزي في السبا.

للمزيد من المعلومات:

www.antara - spa.com