كيف تتفادى السرقات داخل الطائرات؟

اللصوص يخططون لرحلاتهم الجوية ويترصدون الركاب

TT

هل اكتشفت يوما أنك تعرضت للسرقة أثناء رحلة إلى الخارج؟ هل توقعت أن تكون السرقة قد حدثت لك في البلد الأجنبي أو في المطار؟ الأرجح أن تكون السرقة وقعت أثناء الرحلة الجوية ومن داخل الطائرة. فقد ارتفعت معدلات هذا النوع من السرقة الذي لا يتم الإبلاغ عنه لأن الراكب لا يكتشف السرقة أحيانا إلا بعد عودته إلى منزله.

ويعرف اللصوص أن السرقة من داخل الطائرات عملية سهلة، لأن الركاب لا يتوقعون السرقات ويتخيلون أن الطائرة المغلقة مكان آمن لمتعلقاتهم الشخصية وهذا أبعد ما يكون عن الواقع. والسرقات الجوية لا تحدث بالصدفة أو عشوائيا، وإنما يتم التخطيط لها بدقة ويعمل بها لصوص محترفون. وهم يحتاجون إلى بعض التخطيط وقوة الملاحظة من أجل الإيقاع بضحاياهم.

ويختار اللصوص في العادة الرحلات الطويلة التي تمنحهم فرصة تحين اللحظة الحاسمة لتنفيذ الجريمة. وهم يفضلون الرحلات الطويلة بين القارات والتي تطير خلال الليل أو أثناء الصباح الباكر. ففي هذه الرحلات يلجأ الركاب في معظمهم إلى النوم ويتركون المجال مفتوحا أمام اللصوص. وهناك بعض الخطوط التي تشتهر بانتشار السرقات عليها ومن ضمنها خط لندن - نيويورك. والسبب هو وجود نوعية من الركاب لديها سيولة مالية عالية كما تتعدد الرحلات خلال اليوم الواحد بين المدينتين، وتنخفض أسعار السفر وتتنافس الكثير من الشركات في تشغيل خطوط بين هاتين الوجهتين.

ولكن اللصوص يسافرون على كافة الخطوط والوجهات، وهم يختلطون بسهولة مع بقية الركاب ويلجأون إلى بعض الحيل التي تسهل من مهمتهم. وتقع معظم السرقات في الدرجة السياحية على رغم وجود نوعية أكثر ثراء من الركاب في الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال. والسبب الأساسي أن تكاليف السفر على هذه الدرجات باهظ الثمن مما يجعل المعادلة خاسرة للص المسافر. فهو يقارن بين ثمن التذكرة وقيمة المسروقات وهدفه في النهاية تحقيق بعض الربح وليس السفر لمجرد النزهة.

ومع ذلك فهناك أيضا سرقات تقع في الدرجات الأولى والأعمال تكون أحيانا من متسللين من الدرجات السياحية وهي تشمل في هذه الحالة محتويات معاطف الركاب التي سلموها قبل الجلوس للحفظ في مخازن خاصة ولكنها غير مؤمنة. وقد دفع هذا بعض شركات الطيران إلى التأكيد على ركاب الدرجة الأولى ودرجة الأعمال بعدم ترك نقود أو أغراض ثمينة في معاطفهم قبل تسليمها.

ويهدف اللص المسافر إلى الجلوس في الصفوف الأخيرة من الدرجة السياحية وعلى مقاعد تطل على ممر الطائرة الوسطي وليس بجوار النافذة، حتى تسهل له الحركة أثناء الرحلة الجوية. وهو يخطط للصعود أولا إلى الطائرة أحيانا عن طريق افتعال إصابته في قدمه حتى يصعد إلى الطائرة ضمن أول دفعة من الركاب. وما أن يستقر اللص في مقعده حتى يراقب جميع الركاب الذين يجلسون في الصفوف الأمامية وبالتركيز على حقائبهم التي يضعونها في الرفوف العلوية. وبعد ذلك ما عليه إلا الانتظار حتى تحين اللحظة المناسبة.

ويختار اللصوص ضحاياهم من بين هؤلاء الذين يضعون حقائبهم مفتوحة أو بمخارج تواجه فتحة الرف العلوي، فهذه هي الأسهل في السرقة. ويحمل اللص معه عدة حقائب صغيرة الواحدة داخل الأخرى. وقبل الإقلاع يقوم بوضع هذه الحقائب الفارغة بجوار الحقائب المستهدفة ثم يعود للجلوس في مقعده.

وتمر ساعات بعد ذلك يتوجه خلالها الركاب إلى النوم أو الاسترخاء بالقراءة أو مشاهدة الأفلام. وهنا يبدأ اللص بالتجول في الطائرة ثم التوقف عند إحدى حقائبه وفتح الرف العلوي ثم العبث بمحتويات الحقيبة الأخرى بحثا عن أي أغراض ثمينة من الأموال أو الإلكترونيات ثم وضعها في حقيبته الفارغة وتركها في مكانها.

ويعتمد اللص على أن الركاب نادرا ما ينظرون إلى راكب آخر يفتح رف الحقائب العلوي فوقهم حتى لا يوصف عملهم بالتطفل، ويستغل اللص هذه الظاهرة أسوأ استغلال من أجل تحقيق أغراضه.

وقد يكرر اللص هذه الحيلة عدة مرات في عدد من الحقائب قبل أن يكتفي بأنه حقق ما يكفي من رحلة الطيران. ولكنه أيضا يحاول إضافة المزيد من السرقات عبر مراقبة من يتركون مقاعدهم للذهاب إلى دورة المياه، فأثناء المرور في الطائرة يمكنه أن يلتقط أغراضا ثمينة من حقائب متروكة على المقاعد أو على الأرض وتتم العملية بسرعة وفي الظلام ومن دون أن ينتبه إليها أحد.

وفي الغالب يتم اكتشاف هذه السرقات بعد فوات الأوان، وحتى عند اكتشافها لا يخطر على بال الضحية أن السرقة وقعت أثناء السفر بالطائرة.

وتقول راكبة سافرت على خط لندن إلى سيدني بأنها تشك أيضا في أطقم الضيافة، حيث فقدت الراكبة عدة مئات من الدولارات من حقيبتها التي تركتها في الرف العلوي أثناء الرحلة. وهي تقول: إنها تكون حريصة في الأحوال العادية ولكنها في هذه الرحلة كانت أغراضها وحدها في الرف العلوي ولم يكن هناك ركاب آخرون في المقاعد التي أمامها أو خلفها. ولكن ابن الراكبة أخبرها بعد ذلك أن مضيفة فتحت الرف العلوي أثناء الليل وأخذت منه حقيبة صغيرة ثم أعادتها بعد فترة. ولكنه في الظلام لم يتبين شكل الحقيبة جيدا ولا ملامح المضيفة. ولم تكتشف الراكبة السرقة إلا في السوق الحرة في مطار سيدني.

راكبة أخرى كانت أكثر حرصا، ووضعت حقيبتها على الأرض تحت المقعد الأمامي، ولكنها لم تشك في الراكب الجالس بجوارها عندما توجهت إلى دورة المياه أثناء الرحلة. وفي مطار الوصول اكتشفت اختفاء محفظة نقودها من الحقيبة على رغم أنها كانت مغلقة طوال الوقت.

وفي حالة شركة طيران سنغافورة التي تعلن عن حوادث السرقة على طائراتها، تشير إحصاءات الشركة إلى مدى ارتفاع عدد هذه الحوادث في السنوات الأخيرة. ففي عام 2011 تم ضبط حادث سرقة واحد وألقت السلطات القبض على اللص فور هبوط الطائرة. هذه الحوادث ارتفع عددها في العام الماضي إلى 43 حادثا، وتم إلقاء القبض على 36 لصا حاول بعضهم سرقة الحقائب بأكملها وليس فقط الأغراض الثمينة فيها. وتصل عقوبات هذا النوع من السرقات في سنغافورة إلى السجن ثلاث سنوات والغرامة.

ماذا يمكن للمسافر الجوي أن يفعله لكي يحمي نفسه من هذه السرقات؟

هناك الكثير من الخطوات الضرورية ولكن الإطار العام لكل هذه الخطوات هو اعتبار الطائرة مكانا عاما يجب فيه الحرص كما لو كان المسافر يجلس في مطعم أو في قطار. ومن أبرز الخطوات التي ينصح بها الخبراء:

- إغلاق حقائب اليد بالمفتاح، حيث يحتاج اللص أن يكون سريعا في حركته ولن يكون لديه متسع من الوقت للتعامل مع حقيبة مغلقة. وفيما يركز الركاب انتباههم على إغلاق حقائب السفر المشحونة، فإن الأهم هو إحكام إغلاق حقائب اليد أثناء السفر الجوي.

- يجب وضع الحقيبة في الرف العلوي وفتحتها تواجه الجهة الداخلية للرف وإلى أسفل، حتى يحول ذلك دون سهولة فتحها وهي في مكانها.

- ضرورة الاحتفاظ بالأموال وجواز السفر والمحفظة الشخصية في جيب الراكب أثناء السفر، أو في حقيبة مؤّمنة توضع على الأرض بين قدميه تحت المقعد الأمامي. ولا يجب وضع هذه الأغراض في المعطف الذي يتم تسليمه إلى المضيفة من أجل الحفظ أثناء السفر.

- إذا كان الراكب يجلس على مقعد مجاور للممر عليه التأكد من أن مخرج الحقيبة الموضوعة على الأرض أمامه تحت المقعد الأمامي تواجه النوافذ وليس الممر.

- يجب الاحتفاظ بكافة المتعلقات الثمينة وهي النقود والمحفظة وجواز السفر حتى أثناء الذهاب إلى دورة المياه، فلا يمكن حتى الثقة في الأغراب الذين يجلسون في المقاعد الجانبية مهما كانت علامات الدماثة على وجوههم.

- عدم السفر بالكثير من الأغراض الثمينة مثل المجوهرات أو الحلي واختيار بدائل أفضل للنقد الكاش مثل الشيكات السياحية والبطاقات بأنواعها.

- في بعض الرحلات تكون جوازات السفر هي هدف السرقة، ويساء استخدام هذه الجوازات بعد ذلك في عمليات احتيال وسرقة وتزوير وربما تهريب بشر. ويجب النظر إلى جواز السفر كوثيقة في غاية الأهمية ويجب الحفاظ عليه من السرقة أو الضياع في كل الأحوال.

- تعمم هذه الخطوات أيضا على المطارات التي تقع فيها الكثير من السرقات. ويقع بعض السرقات في قلب صالة التفتيش التي تمر فيها الحقائب على أجهزة الكشف بالأشعة. ويجب أن يضع المسافر حقيبته وأغراضه تحت وقع البصر في كل الأحوال سواء كان في قاعة المطار أو حتى في قاعة كبار المسافرين.