أسواق «الكريسماس» في فيينا تقليد يعشقه النمساويون

قبلة السياح وأهالي البلاد

TT

إن كانت العاصمة النمساوية فيينا جميلة صيفا فهي أكثر جمالا في الشتاء، خاصة وهي تحتفل بأعياد الميلاد، حيث تزدان أسواقها الشعبية «كريس كيندل ماركت»، وتنتشر في أجمل الميادين وأضخم الساحات وجادات القصور، بما في ذلك قصر الشونبرون الإمبراطوري.

لكل سوق نكهتها ومعالمها التي تميزها، رغم أن البضائع في مجملها لا تختلف عن كونها زخارف أشجار الميلاد ومختلف أنواع الإضاءة، فيما تقتصر المأكولات التي تعرض للبيع على أنواع معينة من الفطائر المدورة كأقراص كبيرة بنكهة الثوم والذرة الشامية المسلوقة، بجانب فطائر أقرب للقمة القاضي مسكرة ومحشوة بأنواع من الكريمة والمربى وأنواع لذيذة من بسكويتات ومخبوزات الزنجبيل، بالإضافة لمشروبات ساخنة مبهرة بالقرفة والقرنفل والبرتقال. تلك الأسواق مجتمعة رخيصة الأسعار ولا أسقف لها، بل توجد في الهواء الطلق يلفها ويحيط بها برد قارس.

هذا العام، وللمرة الأولى، يقيم فندق «ريتز كارلتون» داخل رياضه الخاص سوقا للأعياد افتتحت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) وتستمر حتى الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

سوق الرات هاوس، أو مجلس بلدية فيينا، هي أكبر الأسواق حجما وفيها أطول شجرة ميلاد، ويبلغ طولها هذا العام 28 مترا، وكان لها من العمر يوم قطعت 140 سنة، وجاءت من إقليم تيرول الجنوبي.

وسوق ريتز كارلتون هي أصغر أسواق المدينة، لكنها تتميز بنمط خاص بها، وتمت إضاءة الشجرة أمام حشود من النمساويين الذين يقدسون هذا النوع من التقليد النمساوي. ورغم صغر حجم سوق ريتز كارلتون فإن شهرتها ذاعت في المدينة التي تحتفي بالتقليدي وترحب بالجديد. وكما توقع المنظمون فقد أصبحت السوق عامل جذب لقطاعات مختلفة من السكان المحليين والسياح.

ومثلنا مثل كثيرين كانت السوق مدخلنا للاستمتاع بأجوائها الشتوية الحميمية، وكانت فرصة أن نلقي نظرة فاحصة على الفندق الذي يعتبر الأصغر عمرا بين فنادق فيينا ذات الخمس نجوم، إذ لا يزيد عمره على سنتين.

* لمحة تاريخية

* يمتد مبنى ريتز كارلتون فيينا في ما مجموعه 4 قصور بنيت في الفترة من 1865 إلى 1871 بالشارع الدائري الذي كان يحد فيينا الإمبراطورية، وأمسى حاليا من أهم شوارعها الرئيسية وقد أصبحت جمهورية.

دمجت إدارة ريتز تلك القصور الأربعة محتفظة بواجهاتها الأثرية، مبقية على كل ما يعتبر إرثا فنيا حضاريا كالسلم الحلزوني الذي يؤدي للطابق السابع حيث تقام السوق. وبالطبع أبقت على أسقف نقشت بصور باهرة الجمال، ليس ذلك فحسب بل يضم الجناح الرئاسي بعض الأثاثات التي كانت مستخدمة في القرن التاسع عشر.

وكما تقوم أهم دعائم النشاط السياحي في فيينا بالجمع والتنسيق بين التراث والمعاصرة، تسير إدارة ريتز كارلتون على النهج ذاته، فاتحة أبوابها للاستفادة من أرستقراطية موقعها وتقنية حديثة، كما يقوم بخدماته فريق يضم خبرات محلية وأخرى أجنبية، ومن بين هؤلاء خبيرة التسويق بالفندق الإيطالية انيكا تراستللو التي رافقت «الشرق الأوسط» في جولتها تعبيرا عما تدين به لفترة عملها بفندق عربي بمدينة دبي.

بعد جولة واسعة شملت الكثير من الغرف التي تتنوع بتنوع موقعها من قصر لآخر، واللوبي الذي كان في الأصل خزانة بنك قديم وحوض السباحة وهو الأطول في فيينا، حرصت تراستللو على أن نتذوق أنواعا فاخرة من الحلويات قوامها حبوب الكاكاو المستورد من غانا وإندونيسيا والبرازيل وبيرو، مشيرة إلى أن التصميم الداخلي لكثير من جوانب الفندق تم استلهامه من دفء الشوكولاته الخالص.

ولم يغفل مهندسو الديكور تزيين الفندق بأكثر من 1000 لوحة لخيول كالتي تجر حناطير فيينا الشهيرة المعروفة باسم «الفييكا» والتي سير سائقوها مظاهرات هادرة احتجاجا ضد قرار كانت بلدية فيينا بصدد تعميمه يلزم أن تلبس الخيول حفاضات كتلك التي يلبسها الرضع للمحافظة على نظافة المدينة.