الحمام من مذكرات العشاق إلى ساحات السباق.. هواية قديمة لطائر مزاجي يألف الإنسان!

TT

اتخذ الحمام على مر العصور رمزا للسلام والمحبة وورد ذكره في مذكرات العشاق التي دونوها شعرا وخرج بعضهم عن هذا النسق مثل الراحل نزار قباني حين شبه الشعر بالحمام «الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا». والمتجول بين مربي الحمام يكتشف الكثير عن هذا العالم المختلف لمحبي هذه الهواية القديمة فهناك تنوع بين المربين فمنهم من يربي الحمام من أجل المتعة مع الطائر الجميل في حين من يجعلها مهنة يتعيش منها إضافة إلى آخرين جمعوا الاثنين وزادوا عليهما البحث عن الشهرة.

مربو الحمام يعرفون بكنى لها علاقة بمهنتهم, فسالم معروف بالهندي نسبة إلى الحمام الهندي الذي يقول عنه أنه اسود اللون أو ابيض في الغالب وبعضها يكون مرقطا إضافة إلى أنها تتميز بالطيران لفترات طويلة ويضيف أن من جمالياتها العينين السودائين.

ويلفت محدثنا إلى أن الحمام يختلف عن كثير من الطيور فلابد له من مكان مناسب حتى يستطيع العيش فالأفنية والأسطح أكثر ملائمة من الأماكن المغلقة كما أن التوسع عند بناء أبراج الحمام يعطي الطائر فسحة في السكن تنعكس بشكل ايجابي على عملية التزاوج, يضاف إلى ذلك ميل الحمام الكبير إلى البعد عن الضوضاء والضجيج. موضحا أن البيض يكون من بيضتين تحضنان لفترة 19 يوما ثم تفقسان ويحتاج الصغير من 5 إلى 6 أسابيع قبل التمكن من الطيران.

أما التغذية فعامل مهم لضمان سلامة المخلوق الحساس الذي يتمتع بمزاجية في الأكل فهو غالبا لا يتناول الصنف ذاته من الطعام في كل يوم ولهذا يعمد أصحابه إلى التنويع بين الحبوب التي يقتات عليها ومنها العدس والقمح والذرة إضافة إلى كسر الخبز الناعمة. والخبراء من مربي الحمام لا يشغل وقتهم في تبديل طعام الحمام ولذلك يخلط الأصناف السابقة مع بعضها ويترك للطيور حرية أكل ما يناسبها.

الحمام مثل سائر الكائنات معرض للعديد من الأمراض الفيروسية والبكتيرية وغالبية هذه الأمراض معروفة العلاج والمسببات بالنسبة لمعايشي الحمام ومنهم خبير علاج الطيور في السوق الشعبي للحمام الذي أشار إلى نفسه بأبي عبد الله والذي لم يدرس البيطرة في حياته لكنه اكتسب خبرة من خلال أعوام مديدة قضاها منذ الطفولة في عشق الطائر الجميل لافتا إلى أن هناك الكثير من مربي الحمام يقدمون عليه إذا استعصى عليهم مرض مبينا أن كلفة علاج الحمام زهيدة جدا إذا ما عولج بالطرق الشعبية التي تعد من موروثات هذه الهواية القديمة.

وبين أبو عبد الله أن هناك أمراضا شائعة تصيب الحمام تعود في غالبها إلى سوء العناية به أو لتقلبات المناخ ومنها مرض يصيب الجهاز التنفسي ويعد الأخطر كون الطائر يصبح غير قادر على التنفس بشكل طبيعي في البداية ثم تبدأ أعراض أخرى تنال الجهاز العصبي مما يؤثر بشكل واضح في الحركة ويصاحب كل ذلك خمول شديد وعطش كبير وعند مشي الحمامة تصاب بحالة من فقدان التركيز حيث تسير على شكل دائرة حول نفسها وتسمى هذه المرحلة من المرض شعبيا بـ«الثول» يليها شلل يؤدي لاحقا إلى الموت. موضحا أن هذا المرض صعب العلاج إضافة إلى أنه معدي ويمكن أن يتعدى إلى الإنسان مما يسبب التهابات في العين.

ويستطرد المعالج أن المرض الآخر الشائع يعرف بـ«جدري الحمام» ويسبب تفتقات في جسم الطائر وظهور تقرحات كما قد يسبب لاحقا الاختناق للحمامة كونه يطال الجهاز التنفسي وسبب هذا المرض الازدحام الشديد في اقفاص الطيور إضافة الى عدم نظافة البيئة التي يعيش فيها كما أنه ينتقل عن طريق الأكل والشرب والتلامس ويمكن الوقاية منه من خلال تطعيم الحمام بمصل مخصص لهذا المرض. أما الأمراض الأخرى التي تصيب العين أو المعدة أو العضلات يمكن علاجها من خلال بعض الأعشاب التي تعطى حسب الحاجة مما يجعلها مأمونة مقارنة إلى العقاقير التي يعطيها البياطرة والتي تحتاج إلى دقة في الجرعات التي إن زادت قد تتسبب في موت الطائر. وللحمام أنواع كثيرة يتميز بعضها عن بعض فهناك الحمام البغدادي والتركي والهندي والباكستاني والهزاز الذي يقسم إلى العادي والجاوي والأميركي وبعض الأنواع يسمى حسب شكله، إضافة إلى أنواع أخرى مثل المودينا والشيرازي والنفاخ والبخاري والريحاني واللماع والبلجيكي وغيرها من الأنواع.

ويعد الحمام الزاجل من اشهر أنواع الحمام على الإطلاق لدوره الكبير عبر التاريخ في نقل رسائل السياسة والعشاق وهذه النوع تخصص له المسابقات والجوائز لما يتمتع به من قدرة عالية على الطيران لفترات طويلة إضافة لألفته الشديدة لمسكنه وذاكرته القوية.