لهيب حرارة الصيف يطلق زمام الغضب ويرجح كفة «المزاج السلبي»

TT

يوما بعد اخر تتصاعد درجة حرارة الاجواء في السعودية وتتصاعد معها وتيرة امزجة الناس وتشهد الانفس تقلبات مزاجية، ويشير كثيرون باصابع الاتهام لحرارة الطقس كسبب رئيسي يقف خلف عوامل وبواعث الضيق. ونظرة فاحصه للاجواء المحيطة وتحركات البشر اللاهثة خلف كدحها اليومي، كفيلة برصد العديد من مشاهد التبرم والضجر وضيق البال، بداية من ابواق المركبات المتصاعدة في الطرقات وخلف اشارات المرور الضوئية والايادي الغاضبة التي تلوح في الافق عند ادنى اختناق مروري أو اختلاف في وجهات النظر، مرورا بضجيج الاصوات المتذمرة في صفوف انتظار المرافق الحكومية والخدمية وحتى الخاصة التي تعنى بتقديم خدمات الجمهور.

يقول عبد الله محمد المري، وهو شاب لم يتجاوز العقد الثالث من العمر، وهو يمسح قطرات العرق المتساقطه من جبينه: «شخصيا اعتقد أن فصل الصيف يلعب دورا كبيرا في الانقلاب السلبي لأمزجة الكثيرين، ولكن لا اتفق مع وجهة النظر التي تحمل الصيف كافة الاختلافات، فمآسي الحياة تحدث في كل الفصول، حتى وان كانت حرارة الصيف إحدى الاسباب، وتبقى طريقة تعامل الناس مع الحياة السبب الرئيسي للاختلاف والغضب، فكثيرون يكون تعاملهم اليومي عبارة عن حالة طوارئ ملحة يجب على الجميع افساح الطريق امامها وعدم الجدال، حتى لو كان مرتكبها على خطأ، رغم انه من الافضل ان نختار الطريقة التي نستجيب بها لمجريات الامور وكذلك الظروف المحيطة بنا».

(م. ن) ، كبير مأموري خدمات العملاء في احدى البنوك المحلية، قال: «تعاملي اليومي والمباشر مع الجمهور يجعلني شاهد عيان وخبيرا في فحص وتحديد الامزجة، وبالفعل فالغالبية تكون في اقصى انفلات الغضب وعلى حافة الانفجار خلال فصل الصيف والكثير يقضي يومه وهو عصبي وثائر ومتعجل وهذه نتيجة واضحة لم اتوصل لها لتفسير محدد رغم ان ضبط النفس والحلم وتجاوز الهفوات وسيلة مفيدة لانجاز العمل براحة ويسر ودون تعقيد أو هموم ناجمة عن الغضب وانفلات الاعصاب».

من جهته، يؤكد نايف الطيار أن طبيعة الطقس تلعب دورا كبيرا في ممارسته لهواية كتابة الشعر من عدمه، وقال «على سبيل المثال عندما اشعر بالتوتر والاختناق من حرارة الاجواء، لا احاول ان اكتب اطلاقا، عكس الاوقات التي اكون خلالها وسط اجواء منعشة ولطيفة حيث تـنساب الكتابة من قلمي بسرعة ويسر. من المؤكد أن الاسترخاء والإبداع متلازمان». ولارتفاع درجات الحرارة وطقس المنطقة الشرقية الرطب مع إبراهيم آل سليمان قصة، حيث يقول وهو حديث الانتقال للمنطقة بعد قدومه من ابها: «رغم أن الصيف الحقيقي للمنطقة لم يحن بعد فالاجواء الراهنه احدثت بي الكثير وجعلتني اشعر بالحنين لاجواء ابها الخلابة ، ولا اعرف كيف سيكون عليه حالي بعد أن تصل الحرارة لأقصي درجاتها وتحاصر الرطوبة الاجواء إلى حد الاختناق، وحينذاك اعتقد اننى سأكون بحاجة ماسة لانبوبة اوكسجين متنقلة تتناسب وحالتي الصحية، حيث اعاني من الربو، وبالتأكيد أن المزاج لن يكون حينها على ما يرام».

واعترف محمد العريعر، وهو صحافي متخصص في الشعر الشعبي، بأن حرارة الطقس ترفع درجة الضيق في نفسه وقال: «وقعت مؤخرا في مواقف محرجة عديدة وكانت حرارة الطقس دائما سببا لذلك. وعموما ارى أن طبيعة الاجواء المحيطة بالانسان تؤثر بشكل كبير على الاداء والتصرفات، واعتقد انه من غير المنطقي مطالبة الموظف بالانتاجية إذا كانت الاجواء المحيطة به غير صحية، ويأتي في مقدمتها بالطبع الوسائل المعنية بتلطيف درجة حرارة الطقس».

ويفسر الدكتور بسام شاكر علاقة المزاج السلبي بالطقس وارتفاع حرارة الاجواء، بقوله «التقلبات المزاجية هي إحدى الحقائق والعوامل الباعثة على الضيق والتي يجب على كل منا أن يتعامل معها، وارتفاع درجة حرارة الاجواء غالبا ما يجلب للكثيرين الضيق وتعكر في مزاج الناس، وفهم التقلبات المزاجية يمكن أن يساعد على تجنبها». وشدد على أن «المزاج هو بمثابة المناخ داخل المرء لا يثبت على حال وتتغير نظرتنا للحياة مع تغير حالاتنا المزاجية، واتمنى من الجميع ألا يتركوا ارتفاع درجة حرارة الاجواء ذريعة لافلات الغضب والتصرفات غير المحسوبة».

وينصح الدكتور شاكر بأن «من المهم بمكان أن نضع الأمور في ميزانها الصحيح، وأن نتجنب الأسباب التي تؤدي إلى تعكر مزاجنا، ومن أبرزها حرارة الطقس والتحلي بالصبر وتجاوز عثرات الاخرين والتعامل مع الحوارات السلبية التي قد يطلقها البعض في تعاملاتنا اليومية بتعقل، ومن الأهمية بمكان طرد الأفكار والكلمات السلبية من العقل دائماً، حتى يستطيع الانسان حقيقةً أن يحذف السلبية من حياته، ويشعر بالهدوء والاسترخاء ، ومن ثم القيام بالأداء المطلوب بفاعلية كبيرة». وترى اختصاصية الارشاد النفسي الدكتورة حنان محمد أن الصبر والسيطرة على الانفعالات، هي الحل الامثل لتجاوز تقلبات الاجواء، وخصوصا ارتفاع درجات الحرارة حيث تقول: «يمكن أن يكون الصيف بمثابة القنبلة الموقوتة التي تمهد الطريق للخلافات بين الناس ولكن من المهم أن لا نعلق كافة التصرفات السلبية على شماعة الصيف وارتفاع درجات الحرارة فليس بالطقس الجميل وحده يعم الانسجام كافة الناس ، والتوازن والتسامح مطلوب في كل الأحوال حتى في فصل الصيف». وتشير دراسات علمية الى أن السلوك السلبي يكون في قمة عنفوانه خلال فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة. وأن الطقس مسؤول عن ثلاثة من بين كل أربعة خلافات بين الاشخاص، وأن معدل ارتفاع درجة الحرارة وراء اختلاف وجهات نظر 70 إلى 75 في المائة من الناس في حين ارتفعت النسبة في دراسة أخرى إلى 90 في المائة.