مصورتان من المنطقة الشرقية تبوحان بـ«همسات ضوئية» في أتيليه جدة

TT

عندما تلتقي عيناك بالصور الفوتوغرافية المعلقة على جدران صالة أتيليه جدة للفنون الجميلة، فإن شيئا ما يحاول الحديث معك والتسرب إلى ذاكرتك، شيء قد مات واندثر في أودية الزمن لكن ما زال يتنفس داخل لوحة ضوئية التقطت بإحساس يخرج من بين الأقواس. هذا ما ستشعر به كزائر عند التقائك بأعمال كل من المصورتين الفوتوغرافيتين مها الحرز ونسرين الدار من المنطقة الشرقية في معرضهما المشترك الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون بمحافظة جدة، وافتتحه فاروق صالح عيد أحد المهتمين بالأعمال الإبداعية التشكيلية والفوتوغرافية يوم الأربعاء الماضي، ويستمر لمدة أسبوع.

الزائر للمعرض يشهد اختلافا في أسلوب كل من الفنانتين في تقديم فلسفتهما الفكرية من خلال همسات الضوء. أعمال نسرين الدار لا تشاهد فيها صورا ضوئية التقطت بأبعادها الزمنية والمكانية بل تجدها تعبر إلى قصص حكائية قدمتها في قالب ثلاثي تنطق بلغة بصرية تنقل الزائر في تسلسل فكري للأشياء التي مضت في حال سبيلها عبر الذاكرة. نسرين قدمت ثماني ثلاثيات; في كل منها تحكي حكاية من عوالم الماضي مثل ثلاثية «كان يا مكان» التي جعلتها الفنانة بلون الأبيض والأسود لتحرضك كثيرا على تأمل معالمها التي غادرتها الألوان. وتقف أمام لقطتها الأولى، وكأنك تعبر داخل باب خشبي قديم، وما أن تشاهد الصورة الثانية حتى تجد أمامك حرفة يدوية قديمة عبارة عن صناعة الفخار ثم تأتي الثالثة لتجد خطوة إنسانية متجهة نحو العلو وكأن نسرين أرادت أن تحيي الذاكرة التراثية بهذه الثلاثية المتناغمة، وكذلك فعلت بلوحة همسات إذ جعلتها من ثلاثة أجزاء تحكي همس الشواطئ وأسرار جمال اللون داخله. فنسرين كما قالت عن هذه اللوحة «أردت أن أخبر المتلقي بأن الحياة داخل البحر هي ذات الحياة على اليابسة». أما الفنانة مها الحرز، فكان اختيارها للقطاتها الضوئية من قائمة المهملات في حياتنا وليس الذاكرة فقط لتعرضها في أسلوب فلسفي فني، وجسدت فكرتها في لقطة لقناع واق من الدخان ملقى كقطعة قديمة اكتسب ألوان الإهمال وتصاريف الزمن. ولقطة أخرى لنخلة جفت عروقها، وثالثة تحمل في ضوئها سلسلة حديدية صدئة ما زالت تنتظر لحظة مصادرتها من ذاكرة الحياة إلى جوف الأرض.

ومها الحرز تتكئ في لقطاتها المعروضة (30 صورة) على فلسفة موت الأشياء، وتجسيد لحظات صراعها للاندثار والفناء.

الفنان الفوتوغرافي عبد العظيم الضامن وصف تجربة الفنانتين بالنضج. وقال إن «وراء كل صورة عالما من الفن والعلم والثقافة». أما الفنان عيسى العنقاوي مدير بيت الفوتوغرافيين والذي أدار حوارا مفتوحا يتحدث عن تجربة الفنانتين على هامش المعرض شاركت فيه نخبة من الفنانين والنقاد قال معلقا عن تجربتهما «إنهما تمتلكان موهبة فوتوغرافية وحسا عاليا يتجاوز حدود تقنية الكاميرا»، وأشار إلى أن كلا من الفنانتين مها الحرز ونسرين الدار شاركتا في معارض محلية وأخرى دولية; منها المعرض الدولي السادس في إيطاليا عام 2004 .