.. وفي جدة الفيلة «بحرة» تخشى أن تموت في «مقبرة» الحيوانات بالحديقة!

TT

منذ سنوات طويلة وتحت درجة حرارة عالية تصل الى 45 درجة مئوية تقضي الفيلة «بحرة» ـ كما يسميها العامل المكلف باطعامها ـ وزوجته مدة عقوبتها في عراء حديقة الحيوان العامة في جدة، دون وجود «بركة ماء» تساعدها على التخفيف من الحرارة العالية أو حتى مظلات طبيعية أو صناعية تحميها من سياط لهيب الشمس الحارقة.

يقول الدكتور سيد محمد احمد وهو طبيب بيطري, بأن الفيلة تحب أن تغمر جسمها بالماء في درجات الحرارة العالية وأن عدم استحمامها سيصيبها بامراض جلدية خطرة كمرض «الغرغرينا»، كما أن الفيلة تحديدا حساسة تجاه المعاملة السيئة وهو ماقد ينعكس على مزاجها العام واصابتها بامراض اكتئابية تسبب لها حالات من الهيجان والضرر. وفي الوقت الذي تجد «بحرة» نفسها عاجزة عن الهرب من وضعها المتردي بسبب حفر خندق يحيط بالمكان من جميع الجهات، يبدو الأسد في قفصه الصغير أشبه بمجرم خطير انتهى به الحال في زنزانة انفرادية لا يزيد قطر ضلعها عن خمسة امتار فقط. وتعكس حالة الاسد الذي يقضي عامه الثالث رابضا في سجنه صورة الوضع المتردي لكافة الحيوانات في حديقة الحيوان بجدة.

«السجن العام لحيوانات جدة» هكذا وصف يحى ابراهيم وهو زائر جاء وعائلته ليري أطفاله الصغار تلك النمور التي طالما شاهدها بعينيه في تهامة عسير حيث عاش طفولته. وقال «هذا المكان لا يمثل أية علاقة بحدائق الحيوان المعروفة. كما أنه يسيء الى مفهومنا الإسلامي الداعي الى الرأفة بالحيوان». ويخشى إبراهيم أن يلتقط الأطفال رسالة خاطئة، في ظل الوضع المزري لحيوانات الحديقة، تعلمهم أن الرأفة بالحيوان عبارة تحمل معنى «القسوة» طالما أنهم يرون التعامل معها بهذا الشكل. ويلتقط صالح الساعدي طرف الحديث ليشير الى أن القرأن الكريم يضم مجموعة من السور سميت بأسماء حيوانات كـ«النمل» و «الفيل» و«البقرة» و«الانعام» كدليل على قيمتها واهمية معاملتها معاملة حسنة بدلا من المعاملة السيئة التي يراها الساعدي مسيئة لصورة الفرد المسلم. وتساءل يحي إبراهيم عن سر غياب توفير المناخ البيئي المناسب للحيوان في الحديقة بحسب المنطقة التي جاء منها. ويقول «هذا الأمر يشوه مفهومنا ومعلوماتنا عن طبيعة جفرافية الأماكن الأصلية لهذه الحيوانات. وليس من المقبول أن يرى الزوار حيوانات جلبت من اماكن مختلفة من افريقيا واستراليا وغيرها دون مراعاة تصميم مناخ بديل يمكنها من العيش فيه والتكيف معه لفترات طويلة». وفي ركن قصي داخل سور الحديقة تظهر قطعة أرض مخصصة لردم جثامين الحيوانات النافقة. ويقول أحد موظفي الحديقة الذي تحفظ على ذكر اسمه «خصص هذا المكان ليكون مقبرة للحيوانات النافقة اما بسبب سوء التغذية أو سوء الوضع البيطري واحيانا لسوء الوضع النفسي لتلك الحيوانات التي تقرر انهاء حياتها بطريقة او بأخرى». ويضيف موظف الحديقة أن عدد زوار الحديقة لا يتعدى 30 فردا في اليوم معزيا ذلك للواقع المتردي لتلك الحيوانات التي تعزف عن مشاركة الاطفال بهجتهم مكتفية بالنوم طوال فترة زيارة الحديقة وهي الفترة التي لاتزيد عن ثلاث ساعات فقط يوميا. ويعزو الدكتور سيد احمد حالة الخمول العامة لحيوانات الحديقة الى سوء الوضع البيطري لها، وهو ما يعطي اشارة سلبية الى امكانية انتقال بعض الامراض للزوار. وطالب بضرورة فصل مكان تناول الطعام عن مبيت الحيوان حتى يمكن تنظيفها من قبل العاملين بشكل دوري, حفاظا على صحتها. وبالرغم من كل هذه الأوضاع لا تتناول الحيوانات الا وجبة غذائية واحدة في اليوم، وصفها مسؤول الحديقة بأنها «كافية»، بينما تعتمد طريقة ري الحديقة وحيواناتها على حمولة شاحنة «صهريج ماء» تفرغ حمولتها «15 طنا» كل يومين او ثلاثة في الحديقة. وقال الطفل رائد يحي، 12 عاما، إنه لن يزور الحديقة مرة اخرى لرائحتها الكريهة ولأن وضع معظم الحيوانات اشعره بالحزن عليها.