في «ثمامة» الرياض.. وبينهما أمتار قليلة: شاشة سينما للدعوة فقط.. وأخرى لكل شيء.. حتى الصلاة

TT

«شاشتا سينما في ثمامة الرياض!!.. تفصلهما أمتار قليلة.. الأولى تعرض جميع القنوات الفضائية والثانية لعرض خطب ومواعظ ودروس علمية شرعية.. فقط». هذا المشهد واقع في منطقة الثمامة في الفترة الحالية من صيف الرياض، ولكل شاشة جمهور وبرامج، فالأولى تقع إلى الشمال من طريق الثمامة، وتحديداً في منتزه ومقهى شعبي اسمه الدانة، يقدم المعسلات والمشروبات الساخنة والباردة والمأكولات، وهي عبارة عن شاشة بيضاء كبيرة تعرض عليها جميع القنوات الفضائية ـ بواسطة جهاز عرض ـ سواء كانت دينية مثل «إقرأ» و«المجد» أو غنائية مثل «روتانا» و«كليب»، ولكنها لا تشاهد من خارج سور المقهى أو يسمع صوت ما يعرض عليها، ويقف عند مدخلي المقهى حارسا أمن لمنع دخول الأكل أو المشروبات أو المعسلات أو من هم أقل من 18 عاماً. في الجهة المقابلة من طريق الثمامة، وعلى بعد أمتار بسيطة من المقهى، تتوسط شاشة سينمائية متوسطة الحجم مجلسا دينيا يدعى مخيم الهداية الدعوي، يقدم برامج ترفيهية دينية للرجال والنساء كل على حده، وتبدأ الأمسية الدينية غالباً بعد صلاة العشاء وتستمر حتى ساعات الصباح الأولى، من خلال مجلس مربع الشكل ومكشوف للرجال، ورواق ـ جدار من القماش الذي تصنع منه الخيمة ـ دائري مغلق للنساء، مع وجود أضواء ومكبرات صوت، وتستخدم الشاشة السينمائية لعرض عبارات الترحيب وفقرات الأمسية الترفيهية وبعض الخطب والمواعظ والدروس الدينية، ويقف شباب صغار السن عند مدخل المخيم المكشوف للترحيب بالمقـبلين والمارين وحثهم على زيارة المخيم.

«س.م» شاب سعودي في منتصف العشرينيات، لا يعترض على وجود المخيمات الدعوية في المنتزهات وأماكن جلوس الناس، ويفهم توجه الدعاة للاستفادة من التقنيات العصرية لبث رسائلهم الدعوية، ولكنه يستدرك قائلاً: شريطة ألا تتأذى حريات الآخرين في الاستمتاع بالمكان وهدوئه وجماله، وأن يقبل القائمون على المخيم بمبدأ الحرية في الاختلاف، وعندما يقبل أو يتسامح رواد المكان مع ما يقدمونه من ترفيه ديني وما يمارسونه من نصح وإرشاد، فعليهم ـ أيضاً ـ أن يقبلوا ويتسامحوا مع سلوكيات الآخرين وإقبالهم على الترفيه الذي اختاروه لأنفسهم.

سطام الشهري سعودي مداوم على السمر في المقاهي، يؤكد على أن ما يعرض على شاشة سينما المقهى أو تلفزيوناته ليس ـ بالضرورة ـ شرا كله، «بل إن هناك من يشاهد دروس الشيخ عائض القرني، وهو يعسل أو يدخن في المقهى أو في بيته أو استراحته، فأصل الأمر قبول الآخر وفهمه، وليس المكان أو حالة المتلقي أثناء المشاهدة أو الاستماع، وقد يكون إلى جانب من يستمع للدكتور القرني شخص آخر يستمع إلى أغنية صاخبة! ثم انني أتفق مع أي شخص يرى في المعسل أو الشيشة أو الدخان ضرراً صحياً ومادياً، ولكنني أختلف مع من يحكم على المقهى بأنه رجس كامل من عمل الشيطان»، لا سيما وأنه كان من المنادين بإخراج المقاهي من المدينة، الأمر الذي عزز من العزلة التي يعيشها الشاب غير المتزوج، وفصله الإجباري عن مجتمعه ووضعه الطبيعي في الحياة.