ثقافة الـ«عيب» السعودية تحول الطلاق إلى لعنة.. والزواج إلى نقمة

TT

«لن أستطيع طلب الطلاق أبداً خوفاً من أهلي.. وإن وصلت الأمور إلى زوايا ضيقة ألجأ إلى التلويح بمفردات بعيدة عن كلمة الانفصال لكن قريبة من معناها»، بهذه الكلمات لخصت أسماء معالجتها لخلافاتها مع زوجها طوال 17 عاما. وتوضح أن عائلتها «لا تعترف» بالطلاق، فمن «العيب» أن ترجع البنت إلي أهلها مرة أخرى، خصوصاً إذا كان الزوج لا يعاني من مشاكل كبيرة كالإدمان او العنف الجسدي. وتضيف أسماء أن ثقافة عائلتها تعتبر أنّ على الزوجة أن تصبر مهما كان، لذلك استمر زواجها طول هذه السنوات «ولولا خوفي من الزعل والملامة لكُنت عدت إلى بيت أهلي منذ السنة الأولى». أما منى. س، فتقول إن أحداً لم يفهمها أو يستمع إليها عندما كانت تقول إن الزواج لا يمكن أن ينجح سوى بالتفاهم بين طرفيه. تتذكر أنها ذهبت مرة إلى أمها باكية تشتكي من أنّ زوجها لا يفهمها وأن الحياة أصبحت صعبة بينهما، فما كان من أمها إلا أن سخرت من الأمر، وقالت إنها (الأم) متزوجة منذ 40 عاما وإن زوجها (والد منى) لم يكن على تفاهم معها أبداً، ومع ذلك استمرت على زواجها. منى وصفت حياتها مع زوجها بأنها مستمرة لإرضاء أهلها فقط، وخوفاً من أن تنضم إلى أختها المطلقة التي لا زال والدهما يُسمِعها كلاماً بأنها لو صبرت لما انتهى الحال بها هكذا.

فيما يتحشرج صوت هدى.ح، وهي تصف تجربتها، إذ تقول إنها عانت من كل أساليب القمع والتعسف والحرمان على يد زوجها. وتوضح أنه كان يحرمها حتى من زيارة أهلها، كما كان يستاء من رؤيتها تبتسم فيكون عقابها الحرمان من كل شيء. وعندما لجأت هدى إلى أهلها وقفوا في وجهها بعذر أنها بنت أسرة معروفة اجتماعياً، أما هو (زوجها) فاستغل ضغط أهلها واشترط عليها مقابل الانفصال أن تنسى أولادهما الثلاثة، فاضطرت إلى الخضوع ونسيان الموضوع. الدكتور عبد الله السبيعي أستاذ الطب النفسي والاستشاري يشدّد على ضرورة استنفاذ كل الفرص التي قد تساعد على إصلاح العلاقة الزوجية وترميم ما تهدم كاللجوء إلى الأسرة واستشارة أخصائيين نفسانيين واجتماعيين قبل اتخاذ أي قرار. ويضيف أن الطلاق يجب أن يكون الخيار الأخير وأن يكون نتيجة لاختلافات جوهرية تستحيل الحياة من خلالها أن تستمر.

أما فيما يتردد من الاتهامات التي توجه إلى المرأة المطلقة من قبل المجتمع لتخليها عن أبنائها والتي تتسبب في عزلها اجتماعيا، يقول انه «على المرأة أن تصبر وتحاول بطريقة جدية تغيير طباع زوجها السيئة ولكن إن استحالت الأمور وازدادت سوءا فليس عليها أن تقضي عمرها بأكمله تتحمله و تصبر عليه»، مشيرا إلى أن المشاكل الزوجية المتكررة في المنزل وكثرة النزاعات بين الطرفين تؤثر سلبا على استقرار نفسية الأطفال، وبهذه الحالة يكون الانفصال هو الحل الأنسب للحفاظ على صحة الأبناء النفسية والجسدية.

وفي حالة قررت المرأة الانفصال والحديث للسبيعي عليها أن تتجاهل كل ما قد يتردد عنها إذا أنها هي من سيبكي ويتألم ويعاني كل يوم من مرارة العيش، والمجتمع لن يأبه بآلامها لذلك لا بد أن لا تفكر سوى في نفسها في هذه الحالة. ويضيف أنّ الشريعة الإسلامية قدمت للمرأة خيارات مختلفة فهي إما أن تصبر وتثاب وإما أن تطالب بالانفصال وليس عليها أي إثم وإن أنجبت عدة أطفال.