شباب سعودي: نحن أولى من غيرنا بمهنة «الجرسونات» لأننا شعب مضياف

TT

بقناعة ثابتة .. يرى خليل بخيت أن الشباب السعودي هم أفضل بكثير من جنسيات أخرى للقيام بوظيفة «جرسون» في المطاعم. ويبرر رأيه قائلاً «اننا شعب مضياف.. متعودون على القيام بواجب الضيافة في المناسبات». وأضاف «لا أخجل من عملي، وليس فيه ما يسيء لوضعي اجتماعيا، كوني أحمل دبلوماً في علوم السياحة والفندقة». ويتساءل «كيف يمكن أن أخجل من عمل أحبه وتعلمت أصوله؟».

ظاهرة الشباب الذين يعملون كجرسونات (مباشري طلبات) في المطاعم وصالات تقديم الشاي والقهوة، ظاهرة جديدة بدأت تنتشر بين السعوديين ويلاحظها رواد العديد من المطاعم ذات الخدمة العالية وحتى المتوسطة في السعودية.

بخيت، 28 عاما، يخدم بابتسامة ويتقبل البخشيش (الإكرامية) كأي عامل من جنسية أخرى. وبحسب ما يقول ان معظم الزبائن يقدمون له بخشيشاً إضافياً بعد معرفة أنه سعودي. ويضيف «يشعرني ذلك بشيء من الارتياح ويعطيني دفعة لمزيد من العمل رغم أني لا أنكر شعوري بالخجل في بداية الأمر». وأشار الى أن هناك قاعدة معروفة في إدارة المطاعم وهي أن «البخشيش لا يرفض ولا يطلب». وقال «لاحظت انتشار فهم خاطئ بين المترددين على المطاعم. فالبعض يرى أن البخشيش يذهب مباشرة للجرسون، بينما هو في الأساس يذهب لصندوق خاص للعاملين في المطعم، ثم يقسم فيما بعد بين الموظفين بالتساوي كشيء من الحافز حسب قرار إدارة المطعم». ويضيف ضاحكاً «تخيل أنه أصبحت لدي القدرة أن أعرف ما إذا كان الزبون سيدفع بخشيشا أم لا من أول نظرة.. لكن ذلك لا يؤثر في مستوى الخدمة المقدمة له».

وعن حجم مبالغ البخشيش المحصلة في كل يوم عمل يقول «النسبة تختلف فهناك من يترك لنا الكثير وهناك من يترك جزءا بسيطا وهناك من يترك مبلغا معينا خارج خدمة السيرفيس».

أما أكثر ما يزعج بخيت هو ما وصفه بـ «تناقض اجتماعي» تعيشه بعض العائلات السعودية. ويوضح أنه «في أحيان كثيرة يرفض بعض الرجال أن نقدم الطلبات عندما يكون مع عائلته، لا لشيء الا لكوننا سعوديين فقط، مما يشعرنا بأننا موظفين غير مرغوب بنا»، وهو ما يتفق مع معارضي سعودة المهن، على الرغم من أن هؤلاء قد لا يمانعون أن يخدمهم آسيوي أو عربي من جنسية أخرى.

ويضيف أن المشكلة الأخرى التي تواجه الجرسونات السعوديين هي انخفاض رواتبهم التي لاتزيد مع البخشيش عن (3000 ريال) في أحسن الأحوال، وهو عائد لا يوازي ما نواجهه من متاعب في المهنة، كما وأنه لا يكفي لبناء مستقبل مريح. خالد وهيب، 22 عاماً، شاب آخر يعمل في مطعم بأحد الأسواق التجارية بجدة يقول ان كثيرا من الناس يسألونه عما إذا كان سعودي الجنسية فيجيبهم بابتسامة «نعم... وهذا المطعم لوالدي». حكايته مع هذه المهنة بدأت مع عمله في مطعم والده المسن قبل سنوات. بعد أن اكتشف والده تلاعب العمالة الأجنبية بدخل المطعم، وطلب منه، كونه أكبر أولاده الذكور، الاشراف على المطعم، وهو ما وافق رغبتي في العمل.

يقول خالد «لا أشعر بالخجل من عمل أحببته وتعلمت صنعته حتى أتقنته. بدليل أن معظم الزبائن يتركون المطاعم المجاورة»، وهي مطاعم عالمية «لتطلب وجبتها من بين قائمة طلبات (menu)مطعمنا.

والأغرب من ذلك أنهم يتركون مبلغا إضافيا على الحساب كبخشيش عند معرفتهم أني سعودي الجنسية».

ويضيف «كنت أحرج من أخذه في بداية الأمر، ولكن عندما اكتسبت الخبرة في هذا المجال أصبح الموضوع في نظري عاديا، وهو مؤشر على حسن معاملتي للزبائن وكفاءتي في العمل». ياسر الرشيدي، أحد مرتادي المطاعم، يرى أن العائلات الراقية هي التي تجود على الجرسون السعودي وأرجع سبب ندرة البخشيش وانعدامه إلى أوضاع الدخل المتفاوتة والاحتياجات اليومية وكثرة المصاريف الشخصية، كما يرى أن المرأة أكثر كرماً في مبلغ البخشيش من الرجل.

أما فهد عامر، وهو شاب أعزب يتردد يوميا على المطاعم، يعتبر أن المانع من دفع البخشيش للجرسون السعودي هو «شعور نفسي وشخصي في المقام الأول»، ويفسر بقوله «أحيانا يشعر الشخص بشيء من الخوف والتحرز من إحراج الجرسون السعودي. ويخشى من ردة فعله عندما يقدم له بعض الريالات كبخشيش، كأن يبادره بقوله «عيب أنا سعودي!». يضيف عامر أن الكثير من السعوديين لا يزالون يعتبرون العمل في المطاعم مهنة غير مناسبة للشاب السعودي، وبالتالي لا يتم تشجيعهم لمواجهة التقاليد الاجتماعية. ويضيف بكلمات تقطر أسفا «عندما يسافر بعض السعوديين الى خارج المملكة يدفعون بخشيشا يقارب الـ (100 دولار) رغبة منهم في الاستعراض أمام الآخرين، أو لمجرد الحصول على خدمة أفضل من أي زبون آخر، بينما يتحول الشخص نفسه إلى النقيض لدى عودته إلى المملكة».