رسوم المدارس الخاصة فوق طاقتهم: لافتة «راجعنا بكرة» تعرقل تسجيل أبناء المقيمين للمدارس في السعودية

TT

على الرغم من أن العام الدراسي الجديد يعني للمصري أحمد زيدان، مندوب مبيعات إكسسوارات ومواد تجميل في الرياض، عمولة كبيرة لتحقيق معدل المبيعات الشهري المحدد له، بعد هبوط مبيعاته خلال أشهر الصيف، إلا أنه يتخوف من عدم القدرة على الاستعداد الجيد لهذا الموسم. فابنه زيد وصل إلى السن التي تجيز له الالتحاق بالصف الأول الابتدائي، ومع ما يحمل ذلك له وللأسرة من سعادة تبدو في التجهيزات المدرسية للابن، إلا أن الأب لا يخفي قلقه من مشاوير اضطرارية كثيرة إلى المدارس القريبة وهو يحمل ملف الابن بحثا عن مدرسة حكومية تقبل به.

وهذه المخاوف لها جذورها التي تعود إلى عامين عندما أضاعت هذه الجملة «راجعنا بكرة» الكثير من الفرص التجارية لأنه اضطر لإضاعة الكثير من الوقت في مشاوير لا فائدة منها بحثا عن مدرسة تقبل أوراق ولده الأكبر احمد. ويذكر أن الزبائن تذمروا أكثر من مرة، إلا أن صاحب العمل كان متفهما إلى ابعد الحدود. واضطر لعدم القدرة على تسليم طلبيات العملاء في الوقت المتفق عليه إلى إعطاء الكثير منها لزميل آخر حتى تسير دفة العمل. وفقد زيدان عمولة البيع.

وانطلاقا من هذه الخبرة السابقة فقد بدأ زيدان هذه المشاوير مبكرا هذا العام لعله يحظى قبل زحمة العام الدراسي بموافقة مدير مدرسة أو واسطة تيسر عملية القبول. ويتساءل في حسرة «لماذا يقف الروتين حائلا أمام عملية القبول؟ ولماذا يصر بعض مديري المدارس على عرقلة حق الالتحاق بالمدارس لأبناء المقيم على الرغم من علمهم التام أنني أعمل ولا أملك الوقت لمراجعتهم بهذا الشكل الذي يهدد دخلي وعملي؟».

ويحاول زيدان أن يحسب بالورقة والقلم الخسائر التي قد يتعرض لها هو شخصيا أو المشروع الذي يعمل فيه، ويردد في حسرة «إن الوقت لدينا ليس من ذهب».

وعلى الرغم من اتفاق نجيب بدوي، الموظف في أحد البنوك السعودية، مع زيدان واعتبار أن شكواه قد تمثل شكوى الغالبية، إلا أنه يرجع سبب هذا السلوك إلى غياب التثقيف الإداري والتربوي لدى المسؤولين. ويدلل على ذلك بأنه في العام الماضي وبعد أكثر من زيارة فاشلة لمدارس قريبة منه في حي المنفوحة، توجه إلى مدرسة قريبة من عمله في حي المربع. وفوجئ بأن المدير يطلب منه رقم هاتفه ويطالبه بعدم الحضور إلى المدرسة حفاظا على وقته وانه سوف يقوم بالاتصال به شخصيا أو وكيل المدرسة مع بداية العام الدراسي سواء بالرفض أو القبول. وبالفعل وقبل الدراسة ببعض أيام تلقى اتصالا من المدير شخصيا بأن ولده مقبول. وكما تعرض زيدان لممارسات غير مقبولة فان بدوي يقول إن بعض الزملاء تعرض لمواقف إيجابية ولكنها ليست بالكثيرة.

ويقترح زيدان حلا لمشكلته هو فرض رسوم على المقيم لتسهيل عملية القبول لأبنائه في شكل مصروفات تحصل سنوية أو رسوم تدفع بغرض المساهمة في الأنشطة المدرسية. إلا أن بدوي يرفض مثل هذا الاقتراح ويرى أن المشكلة لن تحل بمثل هذا الاقتراح، لأن ثقافة المدير هي أساس المشكلة وليس ضيق الموارد.

وعلى جانب آخر يعتزم المحاسب محمد المنياوي التقديم لابنه الوحيد سامي في إحدى المدارس الأهلية القريبة من منزله. ولم تكن الرغبة في تحصيل مستوى تعليمي أفضل هي السبب الرئيسي في ذلك. فظروف عمله لا تمكنه من المرور على أكثر من مدرسة. وعلى الرغم من أن هذا القرار يجد تأييدا شديدا من زوجته، الحاصلة على بكالوريوس تربية، لأنها تفضل أن يدرس ابنها لغة إنجليزية مع بداية تعليمه، إلا أن منياوي يتخوف من إرهاق ميزانيته، فالمدرسة الأهلية تطلب 4500 ريال رسوما دراسية بجانب 2000 ريال رسوم مواصلات، في حين أن راتبه الشهري لا يتعدي 1500 ريال، ولا يحصل على أية مزايا إضافية تضاف إلى الراتب. ولا يستبعد المنياوي أن تغادر زوجته السعودية العام المقبل ليلتحق ولده بمدرسه في القاهرة إذا ضاقت ظروفه المادية العام الحالي نتيجة لعبء الدراسة.