الانتخابات الأميركية تسيطر على مناقشات المجالس الرمضانية في السعودية

TT

الدالف للمجالس الرمضانية السعودية خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام يلحظ تحولا كبيرا في المناقشات الدائرة فيها، فبعد أن كانت جل مداولات الحاضرين تنحصر في الشأنين المحلي والعربي، تأثرت هذه المجالس بالحدث الأبرز دوليا خلال الفترة الحالية ألا وهو: الانتخابات الأميركية.

وألقى قرب الاستحقاق الانتخابي الأميركي، المقرر في 2 نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، بظله على اهتمامات المواطنين السعوديين الذين بدأ تركيزهم الواضح على الحملة الانتخابية التي من المقرر أن يتنافس عليها كل من جون كيري المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية، والرئيس الحالي جورج دبليو بوش، حيث تتركز المناقشات على أيهما أكثر فائدة للمصالح السعودية خلال الأربع سنوات المقبلة.

وبالرغم من أن الجدل يغلب على كثير من هذه المناقشات، إلا أن المستمع يستطيع أن يستخلص بسهولة أن توجها جديدا بدا يطرأ على اهتمامات ومناقشات السعوديين، وربما هذه هي المرة الأولى التي يتجه المواطنون غربا نحو البحث عن الأصلح لهم كرئيس للبيت الأبيض الأميركي، وهو الأمر الذي يعد فكرا جديدا على طرح المجالس الرمضانية السعودية، بعد أن كان الطرح الغالب والمسيطر هو الشؤون المحلية.

ويقول راشد النعيمي (رجل أعمال من مدينة الجبيل) إن تغير تفكير السعوديين وتوجههم نحو الاهتمام بانتخابات الرئاسة الأميركية أمر طبيعي في ظل تغير السياسة الأميركية بعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول)، فبعد أن كانت المصالح السعودية الأميركية أمرا غير قابل القسمة على اثنين، على حد تعبيره، تغير الوضع 180 درجة، وأصبح الهجوم الإعلامي الأميركي على السعودية شديدا لدرجة غير موضوعية، وهذا يترتب عليه أن يهتم المواطن السعودي بمن سيحمل لواء السياسة الأميركية المقبل. ويشير النعيمي إلى أنه شخصيا يفضل بقاء جورج دبليو بوش في سدة الرئاسة، بالرغم من سلبيات سياسته على الصعيد العربي، ولكنه يبقى أقل سوءا من نظيره جون كيري.

ويتفق حسين ثامر (مصرفي سعودي) مع الرأي القائل بأن من مصلحة السعوديين انتصار بوش بالاستحقاق المقبل، ولكنه يستدرك بأن ذلك لا يعني أنه الأفضل ولكنه أثبت أنه لم يرضخ لكل الضغوط الإعلامية والسياسية أيضا والتي تحثه على استهداف السعودية. ويؤكد حسين ثامر أنه لو كان كيري على سدة الرئاسة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لتغير الحال إلى الأسوأ بالنسبة للسعودية، باعتبار انه يجاهر بالعداء للسعودية، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى على مر تاريخ الرؤساء الأميركيين.

في حين يقول المهندس ناصر الحميدي (طالب دراسات عليا في الولايات المتحدة) إن السياسة الأميركية لا تعتمد كثيرا على من يصل إلى البيت الأبيض بقدر ما تعتمد على خطة استراتيجية طويلة الأمد، لا بوش ولا كيري لهما تأثيرهما الواضح عليها. ويشير المهندس ناصر إلى أن هجوم كيري على السعودية ورغبته بإيجاد بدائل للنفط السعودي ما هو إلا دعاية انتخابية أكثر منها حقيقة سيسعى إليها في حال فوزه بالانتخابات، موضحا أنه على ثقة من أن علاقة البيت الأبيض بالسعودية لن تتغير بصورة واضحة بعد وصوله للرئاسة. وهنا يؤكد الحميدي أنه يرى أن وصول كيري أفضل للسعودية والعرب من بوش، ويضيف أن سجل بوش كان سيئا على كافة المستويات خلال 4 سنوات قضاها رئيسا للولايات المتحدة.

ولكن عبد العزيز الجبرين (مدير مدرسة في مدينة الخبر) يعترض على الأمر برمته، ويقول إن أيا من المرشحين، الديمقراطي والجمهوري، لن يكون له أي تأثير إيجابي على المصالح السعودية وارتباطها بالغرب عموما، ويشير إلى أنه كمواطن سعودي لا يهتم بفوز أي منهما، باعتبار أن التاريخ أثبت أن إسرائيل كان لها النصيب الأكبر من اهتمامات الرؤساء الأميركيين على مر السنوات، وهذا ما يؤكده الجبرين بالقول «إن علاقات الولايات المتحدة مع الدول العربية عموما تأتي في الهامش مقارنة باهتمامها بإسرائيل، الولد المدلل لها».

ومع اتساع دائرة الجدل بين المناقشات الدائرة بين المواطنين السعوديين حول الأصلح لهم من بين كيري وبوش، فإن حرص السعوديين على متابعة الانتخابات المقبلة أثبت أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ألقت بظلالها على اهتماماتهم، مما يعد خطوة إيجابية تسجل لصالحهم في خروجهم من دائرة الشأن المحلي أحيانا، والعربي أحيانا أخرى. وهو الأمر الذي سيبدو بشكل أكثر وضوحا مع انتهاء الانتخابات الأميركية بداية الشهر المقبل، وحتى ذلك الموعد ستظل هذه الانتخابات حديث المجالس الرمضانية السعودية بانتظار نهاية لا يحسبها السعوديين ستكون سعيدة بالنسبة لهم، ولكنهم يأملون ألا تكون على الأقل سيئة خلال 4 سنوات مقبلة.