سكان الرياض يفضلون «حميمية» العيد في مدينة جدة

الهروب من العادات الاجتماعية إلى شاطئ البحر الأحمر

TT

يرتفع عدد القادمين من الرياض إلى جدة في أيام الأعياد، وكثيراً ما تشاهد سيارات «السوبربان« وهي محملة بالعوائل المقبلة من الشمال، وعلى الرغم من أن المسافة بين المدينتين 1000 كيلومتر، إلا أن ذلك لا يمنع تدفق الزائرين لعروس البحر الأحمر، وذلك بسبب تباين الحياة بينهما، إذ تتميز متنزهات جدة بالانفتاح والتقارب العائلي بينما في متنزهات الرياض هناك فصل ما بين الرجال والنساء. وجاءت عائلة الشمري من مدينة الرياض لتحتفي بالعيد في مدينة جدة، حيث فضّلت حميمية التنزه في مطاعمها وكورنيشها بدلا عن البروتوكولات التي تلتزم بها عندما تمضي العيد في متنزهات الرياض. وقال عبد العزيز، وهو جالس مع عائلته أمام البحر في أحد متنزهات الكورنيش الكبرى: «في الرياض غالبا ما نخضع للعادات والتقاليد، التي اعتبرها مزعجة، إذ نلتزم بالعزائم المنزلية ومحاولة زيارة الأقارب بشكل دوري، ففي اليوم الأول نقوم بالزيارات لمنازل الأعمام والأخوال، وفي اليوم الثاني يقومون هم بزيارتك وهكذا من دون محاولة للاستمتاع بجو مبهج يفرح الأطفال في المتنزهات، لهذا أنا واخواني وأسرنا نهرب من هذه البروتوكولات العتيقة لنستمتع على كورنيش جدة بحميمية نفتقدها في الرياض». أما عزيزة أخته فتقول «بصراحة متنزهات ومطاعم جدة تتميز بالانفتاح الذي يجعلك تعيشين دفئا عائليا مع كامل أفراد أسرتك، مثل ما نحن عليه الآن أنا وأخواتي البنات وأخواني الرجال وهذا عكس ما تجدينه في الرياض، فإذا أردت التنزه مع عائلتك فأنت مطالبة بأن تجدين نفسك بين النسوة من دون الرجال لأنه في أغلب هذه المتنزهات ممنوع أن تجتمع العائلة بكامل أفرادها». وأيدت أختها نوره ذلك وأضافت «نريد أن نشعر بأننا عائلة واحدة»، ويقاطعها أخوها عبد العزيز قائلا «لذلك إذا ما لم تتح لنا الفرصة لتمضية العيد في مدينة جدة لظرف ما فنحن نهرب إلى البر في الصحراء لنلتم كأسرة متكاملة من دون أن يتحفظ علينا أحد أو نواجه عبارة للنساء فقط أو للرجال فقط». في جانب آخر من كورنيش جدة، فرشت عائلة الحربي سجادة كبيرة جلس عليها أفراد العائلة بأكملهم، تقول سارة: «العيد في جدة له طعم مختلف عن الرياض، فهناك تجدين نفسك مقيدة لا تستطيعين أن تستمتعي بخصوصيتك، فإذا ما كشفت وجهي مثلا في مكان عام لأمر ما أجد امرأة متطفلة تبادلني النصيحة المطعمة بالتهديد والوعيد والخروج عن الدين لأني فقط كشفت الغطاء عن وجهي كي أستمتع بمنظر ما، لكن هنا أنت تمارسين خصوصيتك في ظل هذا الازدحام من دون أن يتدخل أحد في شؤونك، لذلك أحب هذه المدينة التي يحترم أبناؤها خصوصية الآخرين». أما أخيها سعد فيقول، مؤكدا على كلام أخته: «جدة بها ثقافات ممتزجة وبها أماكن جميلة وفي متنزهاتها ومطاعمها لا تجد عبارة للنساء فقط أو للرجال فقط بل العائلة وهذا كفيل بأن تنعم بأريحية العيد مع كامل أفراد أسرتك»، ثم أشار إلى منظر رآه يتمثل في امرأة ترتدي العباءة مع رجل يرتدي شماغا وثوبا أبيض، يسيران في هدوء معا على رصيف الكورنيش المزدحم، مندمجين في حديث مطول، إثر هذا المشهد قال سعد «في الرياض لا تجد هذا المشهد أبدا، وإن وجد فهناك الكثيرون ممن يتبعونهما لنصحهما أو حتى لتلاحقهما أعين شاتمة لا ترحم».