معاصر زيت السمسم ما زالت تدور عكس عقارب الساعة مستخدمة الجمال

TT

يدور جمل معصوب العينين عكس عقارب الساعة لمدة تزيد عن 5 ساعات حول قالب خشبي ممتلئ بحب السمسم ليستخرج منه الزيت في عملية بدائية لا تختلف عن الطريقة التي كان يستخرج بها هذا الزيت منذ مئات السنين.

وتتكون المعصرة من قالب خشبي وذراع خشبية صلبة وثقيلة تمتد خارج القالب لتوضع عليها الأثقال لتضاعف وزنها، وتربط هذه الذراع على ظهر الجمل. ويستخدم في صناعة هذا النوع من المعاصر خشب السدر القاسي، ويبلغ سعر الواحدة منها 10 آلاف ريال مع الجمل بحسب كلام أصحابها.

وتعصب عينا الجمل ليظل يعتقد أنه يسير في مشوار طويل حتى لا يرى واقعه المدوخ الذي هو عبارة عن دوران متواصل في ذات المكان حتى يستخرج كل الزيت الذي يلقى رواجاً كبيراً بين سكان المنطقة الجنوبية من السعودية، حيث يقدم إلى جانب السمن البلدي والعسل ضمن الأطباق التي تتميز بها هذه المنطقة.

وتنتشر المعاصر على جوانب الطرق كنوع من التنويه عن وجودتها لتتمكن من تصريف إنتاجها من الزيت ولتسهل على المشترين الوصول إليها بيسر وسهولة، وما عليك إلا أن تنعطف عن الطريق إذا رأيت كشكاً «عريشاً» وبه جمل يدور معصوب العينين إذا كنت من محبي هذا الزيت. وانحصر العمل فيها على العمالة الوافدة، بينما تحول دور من يملكها من السعوديين إلى الإشراف على سير العمل من خلال الحضور إليها بين فترة وأخرى لجمع المحصول المادي.

ورغم النمطية البدائية التي تستخرج الزيت، إلا أن التقنية الحديثة ما زالت تخسر أمام قوة الجمل; فلدى سكان المنطقة اعتقاد بأن الزيت الناتج عن الأتمتة أقل جودة من الزيت الذي تنتجه الجمال، فمدة العصر في المعاصر الميكانيكية لا تزيد عن ساعتين ونصف الساعة في الغالب، بينما في المعاصر التي تعمل بالجمال تستمر إلى أكثر من خمس ساعات. ويؤكد أحد عمال هذه المعاصر وهو محمد باين، عامل باكستاني، أن هناك معاصر تعمل بالكهرباء ولكن إنتاجها غير مرغوب فيه، ويفرق محبو هذا الزيت بين الاثنين من خلال الطعم الذي يكون حاداً في المعاصر التي تعمل بالكهرباء كنتيجة طبيعية للسرعة في عملية استخراجه على حد زعمه، بينما في المعاصر التقليدية يكون الزيت أكثر جودة وأنقى طعماً لأنه استخرج في فترة أطول.

محمد شاكر، عامل هندي، يدير معصرة تقليدية يقول: في المرة الواحدة نستهلك نصف كيس من السمسم البلدي وتنتج هذه الكمية عشرة لترات من الزيت. وعن الأسعار يقول: سعر كيس السمسم الأسمر يصل إلى300 ريال، بينما ينتج الكيس 20 لتراً من الزيت سعر اللتر الواحد منه 25 ريالاً. ويضيف: تستهلك المعصرة في اليوم الواحد كيسا من السمسم.

رحيم زاده، عامل باكستاني، يدير معصرة أخرى يقول: الإقبال على الزيت يكثر في الأجازات حتى أن بعض المعاصر قد تعصر مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، وعلل زاده سبب الإقبال على زيت السمسم في الصيف بأن أبناء المنطقة الذين يعملون في أماكن أخرى يشترون كميات أكبر خلال وجودهم في المنطقة لعدم وجوده في الأماكن التي يعملون بها.

ويؤكد صلاح بن جاسم متخصص في الطب البديل وباحث في معهد العربي للطب النبوي بالشارقة، أن زيت السمسم له فوائد صحية كبيرة للجسم سواء للبشرة أو الشعر، ويقول: التجارب التي أجريت على هذا النوع من الزيوت محدودة ولكنها أكدت فاعليته فهو من أفضل الزيوت للشعر عندما يخلط مع بعض الأعشاب، ويضيف لكن هذه التجارب لم تجرى إلا على الاستخدام الخارجي للجسم فقط بينما الممارسة تؤكد أنه مفيد صحياً عند تناوله ولكن لم تجر تجارب بهذا الخصوص، ويوضح الباحث صلاح الجاسم سر جودة زيت السمسم في أنه لا يحمص على النار مما يجعله محتفظاً بكامل عناصره الغذائية، كما أنه سهل الإنتاج والغش فيه يكاد يكون شبه منعدم لرخص ثمنه.