كفيفة تصارع «المربعانية» على عتبة باب منزلها بعد أن هجرها المجتمع

تتقاضى مرتباً شهرياً يبلغ 600 ريال من الضمان الاجتماعي

TT

تجلس أم عبد الله، وهي مسنة سعودية «كفيفة»، في أواخر العقد السابع من عمرها، بجانب عتبة باب منزلها المرتفعة، مسندة ظهرها على كيس محشو بـ«القشّ» على أحد طرفي الباب، ووجها نحو الطرف المقابل من الباب، في أشد أوقات الشتاء برودة «المربعانية» في العاصمة السعودية. وعللت أم عبد الله، التي رفضت في البداية الحديث لـ«الشرق الأوسط»، بحجة أن معاناتها تعتبر شيئا طبيعيا، قياساً بالمجتمع الذي تعيش فيه، مما يشعرها بالوحدة وهو ـ أي المجتمع ـ سبب جلوسها بهذه الطريقة في وقت متأخر من الليل (العاشرة مساء)، مفيدةً أن زوجها الذي يبلغ من العمر 102 عام ذهب للإقامة في الكويت عند أحد أقاربه، منذ ما يزيد عن شهرين للعلاج من مشاكل في التنفس، مما حدا بابن شقيقها للمبيت عندها كل ليلة، لأن جميع جيرانها من العمالة الوافدة.

وذكرت أم عبد الله بصوت مليء بالحزن، يوحي بخروجه من قلب إنسانة فرض عليها القدر اتخاذ البكاء نهجاً لتخفيف مآسي الحياة على النفس، أن أبناءها الأربعة توفوا وهم أطفال، (بنتان وولدان) بسبب أمراض مختلفة، لافتة إلى أن المنزل الذي اتخذت من عتبة بابه، في حي «ثليم»، الذي هجره السعوديون قبل ربع قرن، متنزه لها، ورثته من والدتها التي توفيت قبل 12 عاما بعد شراء حصة شقيقها وأخوات لها من الأم، بمبلغ 85 ألف ريال موزعة على أقساط سنوية، تدفعها من خلال دفعة سنوية تتقاضها من الضمان الاجتماعي هي وزوجها، لا تتجاوز 7300 ريال، أي ما يساوي 608 ريالات (162.1 دولار) شهرياً. وقالت أم عبد الله إن الله يتكفل برعايتها بعد أن نسيها المجتمع، لافتة أن إمام المسجد رفض أن يقيد اسمها مع المستحقين للصدقات، بحجة أنها تملك المنزل وأنه قيد اسم زوجها.

وذكرت أم عبد الله أن لصوصا قاموا بسرقة منزلها مرتين، ففي أحدها كسروا الباب الخارجي للمنزل، وأخذوا مالاً من حقيبتها بالإضافة لملابسها. و تساءلت «ماذا أعمل، فأنا مسكينة وليس لي إلا الله سبحانه»، مبينة أن إحدى الجمعيات الخيرية تقدم لهما مواد غذائية كل عام، لكنها لا تكفي، مما جعل زوجها يعتاد الذهاب للكويت كل عامين مرة، لكي يأخذ مالاً من أقربائه هناك.

وعمّن يصنع لها طعامها، ردت أم عبد الله أنه في بعض الأيام يبعث لها أخوها طعاما وتضطر أحيانا لصنعه بنفسها، وتضيف أنها قضت أكثر من 7 أشهر في أحد المستشفيات بسبب مرض تعاني منه، وجراء عدد من العمليات الجراحية. وتعيش أم عبد الله، في منزلها الشعبي الرث، الذي هو أقرب للمساكن المهجورة الموجودة في نفس الحي، مع زوجها الذي كان أحد حراس الملك عبد العزيز وأحيل إلى التقاعد.