المهندس مهدي الرمضان: استهلاك الفرد السعودي ضعف ما يستهلكه الفرد في ألمانيا أو فرنسا أو هولندا

دراسة تتوقع ارتفاع الطلب على المياه وتوصي بتغذية الأحساء من مياه التحلية كمصدر بديل

TT

أوضحت دراسة قام بها خبير سعودي في مجال المياه والزراعة، هو المهندس مهدي الرمضان، وقدمت لمنتدى الاستثمار الذي نظمته الغرفة التجارية في الاحساء، ان معدل الاستهلاك اليومي للفرد السعودي من المياه بلغ العام 2002 حوالي 300 لتر، وتعد هذه الكمية ضعف ما يستهلكه الفرد في ألمانيا أو فرنسا أو هولندا، مما يزيد الضغط على مخزون الموارد المائية المحدودة ومصانع تحلية المياه، ولاحظت الدراسة تنامي الطلب على المياه للأغراض البلدية/الصناعية وارتفاع نسبة النمو السكاني للمملكة البالغ 3 في المائة سنويا والنمو الحضري للمدن البالغ 8 ـ 12 في المائة سنويا.

ويقول الرمضان: «إن محطات تحلية المياه في المملكة توفر حوالي 50 في المائة من الاحتياجات اليومية لمياه الشرب للمستهلك السعودي. وتعد المملكة اكبر منتج للمياه المحلاة في العالم حيث تمثل طاقات محطات التحلية في المملكة حوالي 25 في المائة من إجمالي طاقة محطات التحلية في العالم. إلا أن «محطات التحلية في المملكة آخذة في التراجع واستهلاك عمرها الافتراضي وتناقص الكفاءة الإنتاجية مع مرور الوقت، مما يعني زيادة كلفة الصيانة والتشغيل والحاجة إلى توفير استثمارات متجددة وكبيرة للحفاظ على مستويات الإنتاج ومواكبتها للزيادات المطلوبة للأعداد المتنامية من السكان. وتواجه المملكة أيضا مشكلة في التسريبات العالية في شبكات توزيع المياه البلدية والتي تقدر بين 15ـ 40 في المائة من إجمالي المياه في الشبكات والإسراف الكبير وسوء استخدامات المياه المحلاة. كما أن تلوث المياه لا يقل أهمية عن ندرتها مما يستدعي الحفاظ على الموارد المائية الجوفية من التلوث».

مصادر المياه وتقول الدراسة ان هناك 3 مصادر تحصل منها المملكة على احتياجاتها من المياه هي: المياه السطحية: وهي المياه التي تسيل في الأودية والشعاب بعد هطول الأمطار أو المياه التي تتدفق من عيون المياه الطبيعية كعيون الاحساء، وكذلك مياه البحيرات خلف السدود. وتتفاوت تقديرات هذه المياه المتجددة بين عدد من الدراسات من 800 مليون إلى 8000 مليون متر مكعب سنويا، وقد قدرت خطة التنمية السابعة كميات المياه السطحية المتجددة بحوالي 5000 مليون متر مكعب. ويتم الاستفادة بحوالي 2000 مليون متر مكعب من هذه المياه سنويا ويقدر الخبراء أنه يمكن زيادة الكميات المستفاد منها لتصل بحد أقصى الى ما يعادل 2400 مليون متر مكعب ببناء المزيد من السدود. وقد أنشأت المملكة 200 سد في أنحاء مختلفة تبلغ طاقتها التخزينية الإجمالية حوالي 800 مليون متر مكعب. والمياه الجوفية، وهي المياه التي تتسرب إلى باطن الأرض عبر مسام الصخور الرسوبية بعد هطول الأمطار. تتجمع هذه المياه في مكامن ويقال حينها إن هذه الطبقات حاملة للمياه. وتنقسم المياه الجوفية إلى قسمين:

مياه جوفية غير عميقة تصل إلى عمق 100 متر أو اقل وهي قابلة للتجديد من مياه الأمطار ويتم استخدام مياه هذه الطبقات في الزراعة في مناطق الوديان.

مياه جوفية عميقة تختزن الماء في طبقات رسوبية يصل عمقها من 100 ـ 250 مترا وقد تصل إلى آلاف الأمتار عمقا وهي مياه غير متجددة ويقدر أعمار المياه بها بعشرات ألاف السنين. وهناك 9 مكونات رئيسية حاملة كميات جيدة من المياه و11 مكونا ثانويا حاملة للمياه بكميات اقل. وتتراوح جودة هذه المياه بما تحويه من ملوحة بين 600 إلى أكثر من 30.000 جزء في المليون. ويقدر إجمالي المخزون الاحتياطي لهذه الطبقات مجتمعة كمية تعادل 500.000 مليون متر مكعب.

وتغذي هذه المياه الجوفية بجميع تكويناتها أهم المساحات الزراعية في المملكة وكذلك تسد جزءا جيدا من الاحتياجات البلدية.

* المياه غير التقليدية: مياه البحر المحلاة: وهي مياه البحر المحلاة بواسطة محطات التحلية على الساحلين الشرقي والغربي للمملكة وتلبي مياه التحلية الاحتياجات البلدية للمدن الرئيسية وبعض المدن الساحلية. وتعد المملكة اكبر منتج لمياه التحلية في العالم بطاقة إنتاجية 790 مليون متر مكعب عام 1420 .

* مياه الصرف الصحي المعالجة: حيث بلغت كميات المياه المستخدمة لأغراض البلدية والصناعية عام 1420 حوالي 2200 مليون متر مكعب وبلغ ما استغل منها بعد معالجته للأغراض الزراعية فقط 584 مليون متر مكعب سنويا اي اقل من 27%، علما بأن الدراسات تشير الى ان ما لا يقل عن 60% من المياه المستخدمة لأغراض البلدية والصناعية يمكن إعادة تدويرها لأغراض الزراعية بعد معالجتها ثلاثيا. وبذا يعد تدوير مياه الصرف الصحي بعد معالجته ثلاثيا احد المصادر المهمة للأغراض الزراعية لتخفيف السحب من المياه الجوفية. وتجدر الإشارة الى أن إكمال تغطية المدن والمناطق الآهلة بشبكات الصرف الصحي مع برامج المعالجة الثلاثية الناتجة والمتوقع أن يرتفع من 30% حاليا ليصل إلى 50% من السكان بحلول عام 2015 سوف يوفر كميات جيدة لإعادة استخداماتها في الأغراض الزراعية والصناعية.

الحاجة للماء وتقول الدراسة إن إنتاج الغذاء يستهلك حوالي 70% من إجمالي استهلاك المياه على المستوى العالمي ويحتاج الفرد ما لا يقل عن 1500 متر مكعب سنويا ليفي بجميع احتياجاته من الماء بما في ذلك إنتاج الغذاء. وترتفع هذه المعدلات في المملكة بسبب الحرارة وارتفاع نسبة التبخر وتدني كفاءة أنظمة الري. ويستهلك القطاع الزراعي 90% من إجمالي استهلاك المملكة للمياه. وفي مجال الاحتياجات البلدية والصناعية، قالت الدراسة: يقدر احتياج الفرد في المملكة من المياه يوميا بحدود 250 ـ 300 لتر وذلك يشمل كامل احتياجاته من مياه الشبكة للأغراض البلدية والصناعية. وسيبلغ معدل الطلب اليومي على المياه في العام 2022 حوالي 11.39 مليون متر مكعب حيث من المتوقع ان يصل عدد السكان الى نحو 38 مليون نسمة. ويقدر معدل إنتاج محطات التحلية حاليا بحوالي 3 ملايين متر مكعب يوميا أي ما يقارب من تغطية 50% من كامل الاحتياجات والباقي يغطى من السحب من المياه الجوفية غير المتجددة. وتبلغ معدلات الاستهلاك الصناعي حوالي 15 ـ 30% كما تتراوح ما نسبته بين 20 ـ 40% تسريبات مياه مفقودة من شبكات المياه.

المياه في الأحساء اهتمت الدراسة بمنطقة الأحساء التي تستفيد من مشروع نقل المياه المحلاة من محطة التحلية بالعزيزية الذي دشنه ولي العهد الامير عبد الله أمس.

وقالت الدراسة ان الاحساء تتميز بكونها واحدة من اكبر الواحات على مستوى العالم وتقدر مساحتها المغطاة بالنخيل بحدود 10.000 هكتار تحوي أكثر من مليوني نخلة كانت تروى من عيون المياه ذات الجريان الطبيعي. واستفادت الواحة من مشروع الري والصرف الذي اقيم في الستينات من القرن الماضي بعد أن تراكمت الأملاح وبدأت تهدد الزراعة في الواحة. بعد تشغيل المشروع، استفادت المزارع في الواحة بتحسن واضح بسبب تحسن نوعية مياه الري وبتصريف الفائض من مياه الري في قنوات صرف تصب في بحيرات تبخير خارج الواحة. ويقدر عدد سكان واحة الأحساء وحاضرتها من القرى والهجر بحوالي مليون و300 الف نسمة ترتبط أعمال الغالبية منهم بالعمل الزراعي. وتقول الدراسة إنه يتضح أن الطلب على المياه في الاحساء يقع في نفس التقديرات التي تشمل القطاعات المختلفة في المملكة. وقدر استهلاك القطاع الزراعي ما يعادل 90% من إجمالي الاستهلاكات المائية البالغة عام 2002 ما يعادل حوالي 480 مليون متر مكعب في العام من المتوقع أن تبلغ عام 2010 حوالي 560 مليون متر مكعب في العام. وربما يتميز القطاع الزراعي بالاحساء بوجود مشروع الري والصرف الذي عمل على الحفاظ على مكتسبات القطاع الزراعي بتأمين الاحتياجات المائية سواء من مصادر المياه الجوفية أو من مصادر غير تقليدية مثل مياه الصرف الصحي المعالجة. وتحذر الدراسة من مخاطر تتهدد وضع المياه في الأحساء، وتأتي الحاجة لتلبية الارتفاع الكبير في استهلاك المياه (مما أدى إلى نضوب العيون الطبيعية وبعض الآبار خلال العقد الماضي وأعطى مؤشرات خطيرة لخلل في التوازن بين السحب والاستعاضة بالمخزون المائي المتجدد).