الأشهر الهجرية تحمل دلالات في أسمائها وتنازع حول مشروعية القمر الصناعي والمدينة تفضل عدم التدخل

TT

تعرف الأشهر الهجرية أو القمرية لدى العرب بأسماء أعتيد على حفظها من دون الرجوع إلى أسباب تسميتها وحسب المقولة التي دأب كثير من المعلمين في المدارس العربية على تكرارها حين يسألون عن أسماء لا يعرفونها وهي "الأسماء لا تعلل" مما يجعلهم في حِل من عناء البحث لإجابة طالب استفسر عن اسم معين، فالأسماء لديهم مجرد أسماء لكن المتخصصين في اللغة العربية يؤكدون أن التسمية العربية لشيء لها ما يدعمها في لسان العرب أي أنها ليست من فراغ، مما يعني أنها تحتكم إلى قواعد لغوية دقيقة عند إطلاق الاسم فهناك في اللغة العربية اسم الفاعل واسم المفعول وأسماء مأخوذة عن صيغ المبالغة وغيرها لكنها في النهاية لها دلالة لغوية دقيقة.

والأسماء الهجرية في تسميتها العربية سارت على القواعد اللغوية ذاتها فالشهر الأول في العام الهجري يعرف بـ"محرم" وسمي محرما كما جاء في المصادر العربية إلى أن العرب في الجاهلية حرمت القتال فيه ما أدى إلى التعارف عليه في تلك الفترة بالمحرم.

أما شهر "صفر" الثاني في القائمة الهجرية فاختلف في إرجاع تسميته لكن كثير من المصادر العربية إعادة سبب تسميته إلى أن إبليس صفر لجنوده مؤذنا لهم بالقتال بسبب خروج شهر محرم وقيل سمي صفر لأن الأرض تصير فيه صفرا أي لا نبات فيها. والشهر الثالث "ربيع الأول" وقيل سمته العرب بهذا الاسم لمصادفته بداية فصل الخريف وسمت الذي يليه"ربيع الآخر" لمزأمنته نهاية فصل الخريف، أما "جماد الأول" فلذات السبب كونه توافق مع بداية فصل الشتاء و"جماد الآخر" نهاية الفصل. و"رجب" هو الشهر السابع ورد أنه سمي بذلك لأن العرب رجبته أي عظمته لأنه لا حرب فيه، أما "شعبان" فقيل لأنه مليء بالخير الذي يسبق شهر "رمضان" الذي اشتق من الرمضاء وهي الحر الشديد وهناك رأي آخر يرى أن رمضان مشتق من الرمض أي التخلص فهو فرصة لتكفير الذنوب.

و"شوال" الشهر العاشر لقب بذلك لأن العرب تتنقل فيه وعند حلوله تترك أماكن سكناها وقيل أنه اكتسب اسمه لكثرة الصيد فيه. و"ذو القعدة" حمل اسمه لأن العرب اعتادت فيه أن تقعد عن الحرب أي لا تخرج للقتال فعرف بهذه الصفة، أما الشهر الأخير "ذو الحجة" اخذ اسمه كون تحديده موسما للحج.

وكانت "الشرق الأوسط" خاطبت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بحكم أنها الجهة المختصة في السعودية في شؤون الفلك والفضاء إضافة إلى إشرافها على تقويم "أم القرى" حيث صدر في الثاني من الشهر الماضي تصريحات صحافية منسوبة إلى مساعد المشرف العام على معهد بحوث الفلك والجيوفيزياء ورئيس قسم الفلك في المدينة الدكتور زكي بن عبد الرحمن المصطفى، جاء فيها " أن رؤية الهلال في مساء يوم الجمعة الموافق 29 رمضان 1425هـ الموافق 12 نوفمبر الحالي متعذرة وغير ممكنة في جميع مناطق المملكة وذلك لكون القمر يغرب قبل غروب الشمس في مساء ذلك اليوم، وأن الشمس تغرب على مكة المكرمة يوم الجمعة"ليلة السبت" الساعة الخامسة وأربعين دقيقة ويغرب القمر الساعة الخامسة وإحدى وثلاثين دقيقة. وعليه فإن يوم السبت 13 نوفمبر 2004 سيكون بإذن الله تعالى المتمم لشهر رمضان ثلاثين يوماً ويوم الأحد الموافق 14 نوفمبر 2004 أول أيام عيد الفطر المبارك". وعلمت "الشرق الأوسط" أن المدينة ترى عدم الخوض في مسألة رؤية الأهلة في الوقت الحاضر بسبب أن هيئة الإفتاء العام والدوائر الشرعية المعنية بإعلان دخول الهلال تتحفظ على الموضوع بعد أن دار جدل كثير حول التقدير الخاطئ لدخول عيد الفطر الماضي.

وكان مجموعة من الفلكيين المسلمين طرحوا فكرة توحيد دخول الأشهر الهجرية بناء على الاستعانة بالعلم من خلال إطلاق قمر صناعي قدرت كلفته حينها بـ4 ملايين دولار لكن مع التطورات التقنية أصبح من الممكن أن يكلف 2 مليون دولار ويستطيع القمر الصناعي في حال إطلاقه تحديد الموعد الدقيق لولادة الهلال بعيدا عن احتمالية الخطأ من وقوعه تحت تأثير الشمس حيث أن المختصين يرون أن الهلال يولد قبل مغيب الشمس بفترة بسيطة ثم يغيب بعدها الأمر الذي يجعله في بعض الحالات التي تعتمد الرؤية بالعين المجردة واقعا تحت تأثير الشمس حيث يعتقد الرائي أن الهلال صحيح وأنه المدلل على اليوم الأول والحقيقة خلاف ذلك.

وفي هذا الجانب، بين الخبير الفلكي الدكتور ياسين مليكي أن هناك موافقة على فكرة مشروع إطلاق قمر صناعي لرصد الأهلة مستدركا أن هذا المشروع عليه تحفظات منها أن القمر الصناعي يرصد الهلال على ارتفاع 400 كيلومتر وليس الرصد من على سطح الأرض، مشيرا إلى أن هناك عمل جاري لإنشاء مرصد إسلامي في مكة المكرمة حيث أن المرصد يستطيع القيام مقام القمر الصناعي كما أن البلدان الإسلامية تتفق مع السعودية في جز من الليل لافتا إلى أن الاتفاق كان ينص على الأخذ بالحسابات الفلكية بحكم تفاوت مواقيت البلدان ثم يؤكد المرصد الفلكي في مكة رؤية الهلال أو ينفيها. وأشار مليكي إلى أن هناك وجهات نظر متعددة لدى المتخصصين في الدين ممن لهم إسهام في مجال رصد الأهلة حسابيا حيث أن عدد منهم يأخذ بالرؤية المجردة للهلال إضافة إلى رؤيته من خلال المناظير في حين آخرون يرون الأخذ بالحسابات أما الأكثر تشددا يعتمدون فقط على الرؤية المجردة بالعين.

وذكر أنه في المؤتمرات التي عقدت أخيرا حصل نوع من الاتفاق على الأخذ بالطرق الحديثة مستندا إلى أقوال نسبها مليكي إلى أعضاء من هيئة كبار العلماء رأت استخدام المناظير الفلكية إضافة إلى الاستعانة بالحسابات موضحا أنهم شددوا على أن الحسابات تلغي من قال برؤية الهلال إذا خالف الحسابات الفلكية وذلك تغليبا للعلم والحساب على اعتبار أنه قطعي وليس ظني كون حركة الكواكب تسير بسرعة دقيقة ومتناهية إلى درجة ابعد من 1 على مليون من الثانية في مدارات محددة ولهذا هناك برامج تستطيع رصد مواقع الكواكب خلال 10 آلاف عام المقبلة بصورة صحيحة نافيا بشكل قطعي أن تخطأ الحسابات بحكم دخول طارئ على حركة الكواكب.