نظرات الازدراء وصعوبة تطبيق الأنظمة وضعف الامتيازات معاناة يومية لحارسات الأمن

يقمن بحماية أمنية وتفتيش النساء من جوال الكاميرا

TT

تتطلب الكثير من الأسواق النسائية والأماكن الترفيهية ومدن الألعاب وقاعات الأفراح، حماية أمنية نسائية وذلك لسهولة تعامل النساء مع بعضهن وليتمكن من الاطلاع والقيام بواجباتهن الأمنية في مراقبة أمن المكان، والمحافظة على التزام الجميع بالقوانين العامة والتأكد من تطبيقها على زائرات تلك المرافق.

وقد يتطلب عملهن في بعض الأماكن، خاصة المتنزهات الترفيهية، تفتيش النساء في ما يخص التمسك بالزي الشرعي والتفتيش على الكاميرات الفوتوغرافية وجوالات الكاميرا التي يحظر حملها واستخدامها تماما في جميع المرافق النسائية، بالاضافة إلى فض المشاكل عند وقوعها بين الزائرات أو العاملات في المحل، والتأكد من عدم دخول الرجال إلى المكان واجبا أساسيا.

السهولة التي يعتقدها البعض في وظيفة حارسات الأمن قد تنطوي على رؤية سطحية قياسا بحجم الصعوبات التي تواجههن في أداء عملهن وأهمها، كما تقول منى احمد، موظفة أمن في إحدى مدن الملاهي «نتيجة لقيامي بعملي في تفتيش الزائرات حسب اللوائح والانظمة التي أتبعها، فإنه كثيرا ما أتعرض لغضب بعض النساء وألسنتهن التي لا ترحم وكأني من يسن تلك التعليمات».

وأوضحت منى أن ما دفعها للعمل هو حاجتها الملحة للمال، وبينت أنها لم تكن تريد هذه الوظيفة ولكنها لا تملك أي مؤهل علمي مناسب وذلك لإخفاقها المتكرر في الدراسة، ولمحت إلى أن هذه الوظيفة أفضل بكثير من بقائها في المنزل انتظارا للنصيب أن يطرق باب بيتها، فربما يحقق لها عملها فرصة للقاء بسيدة تختارها زوجة مستقبلية لابنها وبذلك تترك هذا العمل المتعب للأبد. وأضافت منى أن التعب الذي تواجهه هو تعب نفسي بالدرجة الأولى وذلك لاضطرارها لتحمل الكثير من الاهانات والتعليقات الساخرة من بعض الشابات، بالإضافة إلى الراتب القليل الذي تتقاضاه 2000 ريال فقط عن فترة عمل من 4 وحتى 12مساء. وفي بعض الأحيان تعمل فترة صباحية. أما عن المكافآت التي تتلقاها من إدارة المتنزه فهي تنحصر بإعطائها «افياش» العاب مجانية كل شهر بالإضافة إلى دخول مجاني لأفراد أسرتها في أيام الإجازات.

في المقابل، تقول فاطمة سعيد، وهي موظفة أمن في إحدى المراكز النسائية، إنها تحب العمل الذي تقوم به، كما أنها تجد في عملها فرصة لممارسة عمل آخر تحبه وهو النصح في الله والقيام بتوجيه البنات المخالفات إلى التمسك بالدين القويم. وبينت أن تقبل البنات نصحها وعودتهن إلى رشدهن هو أفضل مكافأة لها. لذلك فهي لا تكترث بالراتب القليل الذي تتلقاه فهي تحتسب الأجر من الله عز وجل. واشتركت هيفاء، مسؤولة الأمن في احدى المدن الترفيهية، معها في عدم اعتراضها على الراتب القليل فهي تتقاضى 40 ريالا يوميا كراتب على عملها من الفترة 3:30 وحتى 12:00 ليلا.

وأكدت هيفاء أنها تحب عملها فهي تحب النظام جدا وكانت من طالبات النظام أيام الدراسة وذلك يتماشى مع طبيعة عملها. وأضافت أنها لم تواجه أي صعوبة في عملها باستثناء تصرفات بعض المراهقات ولكنها كثيرا ما تتعامل معهن بحزم. وأضافت أن وظيفتها تخولها للتعامل مع أنواع شتى من البشر وذلك يتطلب منها معرفة بأساليب وفن التعامل معهم خاصة وان إدارة المنتزه تتبنى شعار الزائر دائما على حق وهي لا تواجه أي صعوبة في ذلك لأنها حاصلة على دورات في علم النفس تساعدها على تفهم ردود الفعل المتباينة من الزائرات.

وبالعودة إلى منى قالت إنها في بداية عملها لم تكن تتحمل المضايقات التي تتعرض لها ولكنها مع مرور الوقت اعتادت عليها، وبينت أن معظم المضايقات التي تتعرض لها هي تذمر البنات من عدم احترام خصوصيتهن وتفتيش حقائبهن. أما عن تقبل الناس لعملها فقد وضحت أنها تجد من البعض الكلمات التشجيعية و«اللفتات اللطيفة» التي تجعلها تفتخر بعملها وتحمسها لأداء واجبها. بينما أخريات ينفرن منها بشكل كبير ويحاولن عدم الاحتكاك معها بأي شكل بالإضافة إلى نظرات الاستحقار أو الاستخفاف والتعليقات السخيفة. اما بالنسبة لمها.ع موظفة أمن في احد المراكز التجارية النسائية، فهي تحب عملها وقد قادتها الصدفة إليه حيث وجدت إعلانا في احدى الصحف يطلب موظفات أمن، وبعد إجراء المقابلة الشخصية معها تم قبولها في الوظيفة، وبينت أن احد أسباب قبولها هو حماسها الشديد للوظيفة ومعرفتها للفنون القتالية. وتقول ان عملها يحقق جزءا من طموحها حيث أنها عاشقة للأفلام البوليسية وكثيرا ما كانت تتأثر بتلك الأفلام البوليسية، كما أنها من هواة المصارعة الحرة. وبينت أنها كانت تحلم بان تعمل في مجال قتالي أو تعمل شرطية ولكن مثل هذه الوظائف غير متوفرة هنا.

وأضافت مها أنها متفانية جدا في عملها كما أنها تحظى بهيبة كبيرة عند الجميع وهي غالبا ما تقوم بكسر ذلك الحاجز بإلقاء بعض النكات على الزائرات. أما بالنسبة للراتب القليل وفترة العمل الطويلة فهي لا تعاني مشكلة من ذلك طالما أنها تحب عملها وتحب تعامل الناس معها.

ولكن نورة إبراهيم، موظفة أمن في احد المراكز التجارية، تعاني من صعوبة التكيف مع عملها وتتمنى مغادرته، خاصة في ظل معارضة كبيرة وجدتها من ولي أمرها الذي لم يرض لها بهذه الوظيفة. ولكنه خضع في الأخير للأمر الواقع خاصة ان مظهرها (الرجولي القوي) لا يؤهلها للعمل في أي مكان ـحسب قولها. فيما يظل تدني الراتب هو القاسم المشترك في تفاصيل معاناتها وزميلاتها كل يوم. وحول شروط الالتحاق بهذه الوظيفة قالت مشرفة إحدى المدن الترفيهية «إن المؤهل التعليمي ليس بذي أهمية ان كنا نشترط حصولها على المتوسط كحد أدنى، أما بالنسبة لإجادة الحاسب الآلي واللغة الانجليزية فهي ليست بذي أهمية. وما يلعب الدور الرئيسي هو البنية الجسدية القوية بالإضافة إلى اللباقة وحسن التعامل مع فئات البشر المختلفة, كما نشترط أن تكون سعودية الجنسية».

وحول الموضوع نفسه، قالت إحدى مديرات الأمن في مجمع تجاري نسائي إن بعض الأماكن تتطلب من لديها خبرة في فض المنازعات والفنون القتالية والدفاع عن النفس، ولكنها لا ترى حاجة لذلك ولأن الأغلبية تلتزم بالنظام ولا تحاول عمل أي مشاكل. وأوضحت أن وظيفة موظفة أمن أخذت تجد إقبالا كبيرا من الفتيات لم تكن تلاقيه في السابق، وأرجعت السبب إلى عدم توفر البديل لهن، خاصة مع الشروط التعجيزية التي تتطلبها بعض الوظائف في القطاعات الحكومية والخاصة.