التدريب على المهارات الاجتماعية علم إنساني يعود إلى الواجهة من جديد

TT

انتشرت في المملكة ما تعرف بمراكز التنمية الاجتماعية وهي مراكز تدريب وتطوير ذات طابع تجاري حيث تعقد الدورات بها بأسعار متفاوتة كما أنها تسوق لبرامج مختلفة حول الفوائد التي تروج على أساسها. «الشرق الأوسط» ناقشت بعض القائمين على هذه المراكز حول ما تقدمه من برامج تنموية وتأهيلية اجتماعية لأفراد المجتمع من الجنسين.

عبد الغني الرميح، مدير مركز العين للتدريب، يقول «هذه البرامج ليس لها مقياس معين فهي علوم إنسانية متغيرة لذلك تجد التوجه اليوم حول هذا البرنامج وغداً يتجه الناس إلى برنامج آخر، فمثلاً التوجه هذه الأيام لدورات التنويم المغناطيسي وغداً لا تعرف التوجه لكن في المجمل العام كل هذه البرامج هي من أجل أعادة التوازن إلى الجسم».

ويقول علي آل عياش، مدرب ومدير العلاقات العامة بمركز الراشد للتدريب، ان «هذه الدورات والخبرات التي يحصل عليها المتدرب ما هي إلا خبرات وعلوم إنسانية سابقة سلط عليها الضوء في هذه الفترة».

وبعض هذه الدورات يحسب عليها أنها ممارسات دينية أو طقوس عبادية في بلدان الشرق الأقصى مثل اليوغا وتشي كونج ، وتعطي المتدرب القدرة على تغيير مسار حياته وكسر حاجز الضعف لديه أو زيادة طاقته وتوزيعها بما يناسب نشاطاته أو حتى على العيش على الهواء والشمس لفترات طويلة، كلها كما يقول القائمون عليها مسألة إعادة توازن للجسم.

ولكن، أليس من المبالغة الادعاء بأن هذه الخبرات والمعارف تحقق المستحيل كما يروج لها المسوقون والقائمون على هذه المراكز؟ هنا يقول عبد الغني الرميح : هناك مبالغة حول التقنيات التي يقدمها المدرب، كما أن معظم المدربين ليس لديهم المعايير الاستشارية وقد يكون مدربا جيدا ولكن ليست لديه معايير استشارية. ويضيف ان هذه الدورات تعتمد على الرغبة الشخصية والدافعية التي تحقق الفائدة من الاشتراك في هذه الدورات وفي الغالب هدف هذه الدورات هو إعادة توجيه الفرد إلى الجوانب الإيجابية في شخصيته.

والتسويق الجيد بالإضافة إلى الأسعار هو الذي يحدد الإقبال على هذه الدورات من عدمه، كما يقول القائمون على هذه المراكز، فالمدرب المحترف ذو المكانة العلمية والسمعة تتراوح أجرته اليومية بين ستة وسبعة آلاف ريال، ما حول بعض هذه المراكز إلى مراكز تجارية تمنح شهادات في مدة أقل وبسعر مناسب لمن يريد الحصول على هذه الدورات، كما أن هذه المراكز تعطي صفة مدرب أو ممارس كما هي مفردات مخرجاتها من المتدربين بدون ضوابط ومعايير محددة. والأسعار في هذه الدورات جزء من الإشكالية حيث يشير علي آل عياش الى إن سمعة المدرب ومكانته العلمية هي التي تحدد سعر الدورة كما أن الأمر لا يخلو من تجارة يمارسها البعض وهذا المجال مثله مثل غيره فيه الجيد وفيه الرديء.

ويضيف المدرب يوسف الخاطر، مدير مركز مهارات الحياة، ان الأسعار في هذه الدورات لا تقارن بالأسعار في الدورات الإدارية التي تقام في دبي أو غيرها، كما أن هذه الدورات مفيدة على المستوى الشخصي والأسري والعملي والاجتماعي. لكن لماذا انتشرت هذه المراكز في الآونة الأخيرة ؟ هل أصبح مجتمعنا شبيهاً بالمجتمعات الصناعية التي تنتشر فيها مثل هذه المراكز التي تعلم الفرد كيف يتعايش مع مجتمعه وكيف يكون ناجحاً في عمله وغير ذلك من مهارات أعادت التوازن إلى الأشخاص الذين فقدوا ذلك في البيئة الصناعية الغربية؟ يقول المدرب يوسف الخاطر «نحن بحاجة ماسة إلى هذه المراكز، فنسب الجريمة والطلاق لدينا مرتفعة تصل في منطقة الرياض إلى ما يقارب 43 في المائة وعلى مستوى المملكة، وهو ما يشرح مدى حاجة أفراد المجتمع إلى التوازن واكتساب مهارات اجتماعية تساعدهم على ذلك».