في عصر السرعة.. طبيب على الإنترنت ينافس شهرة أطباء العيادات

TT

عادة عندما يشعر المريض بوعكة أو بمشكلة نفسية، يذهب إلى الطبيب في عيادته ليكشف عليه ويصرف الدواء، ولأننا في عصر الثورة التقنية، الذي يسابق الوقت، صار المريض يلجأ إلى الاستشارات الطبية والنفسية على الانترنت توفيراً للوقت ولأسباب أخرى.

وكثرت في الآونة الأخيرة المواقع الطبية على الانترنت وصارت هناك مواقع عامة، مثل إسلام أون لاين، الإسلام اليوم، ومجلات الكترونية تضع تبويبا خاصا للاستشارة الطبية، وهناك مواقع خاصة بأطباء معروفين يقدمون هم أيضاً الحلول، وتستقبل هذه المواقع عشرات من الرسائل التي تبحث عن جواب لحل مشكلاتها، ومعظم الأسئلة والاستشارات تتعلق بالمشكلات الجنسية والعلاقة الزوجية والنفسية والتربوية.

وتختلف أهداف هذه المواقع على اختلاف توجهاتها، فعندما يسأل السائل عن مشكلة القلق والاكتئاب يرى الجواب في موقع ذي وجهة فكرية معينة، يجيب على سؤاله شيخ متدين ويضع الحلول له بالتوبة والإقلاع عن الذنوب، وبتكرار السؤال على موقع يشرف عليه طبيب، يفسر له حالته المرضية علمياً، ثم يقدم له الحلول وهذا لا يمنع من إدراج التقرب إلى الله.

موقع عالم الشباب الذي انشئ عام 1421هـ يناقش قضايا الشباب على اختلاف أعمارهم ويقدم لهم الفتاوى الدينية والحلول التربوية والنفسية للمشاكل التي يواجهونها، يقول المشرف على الموقع الدكتور محمد عبد الله الخرعان أستاذ مشارك في قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ومعد ومقدم برنامج: من قضايا الشباب.. في إذاعة القرآن الكريم. الموقع لا يهتم بالاستشارات النفسية والتربوية فقط، بل هو يهتم بأشياء كثيرة كالفتاوى والكتب الموجهة للشباب وقضايا أخرى مما لها صلة بالشباب وقضاياهم، وهي قضايا معقدة وواسعة تستحوذ على مشاعرهم وأحاسيسهم، من هنا جاءت فكرة الموقع، للعمل على تقديم شيء يسهم في مواجهة التلوث الفكري والأخلاقي الذي يواجه به الشباب صباح مساء عبر وسائل الإعلام.

وتلاحظ زيادة الإقبال على هذه المواقع الخاصة بالاستشارات الطبية والنفسية من قبل الجنسين، خاصة في ما يخص المشاكل النفسية أو الجنسية، هناك مواقع تفردت في الثقافة الجنسية من قبل أخصائيين وذوي خبرة، كما يكتب في هذه المواقع الالكترونية. فما سبب الإقبال على هذه المواقع وطرح هذه الأسئلة المكتومة؟

ترى الدكتورة لبنى صالح، أخصائية في العلاج النفسي والطب الإرشادي بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة «أن الاستشارات الطبية والنفسية على الانترنت تعتمد على أهمية ومصداقية الموقع الالكتروني، فلا بد من تزويد الزوار والسائلين عن اسم الدكتور والعيادة التي يعمل بها والدولة التي يقطنها»، وهي لا ترى في ذلك خطورة ما دامت الأسئلة بسيطة وتحل في خطوات، ولكنها ضد صرف الدواء للمريض عن طريق الانترنت. أما عن سبب اللجوء إلى طبيب الانترنت فتقول «العيادات مكلفة، وتحتاج إلى وقت وترتيب بأخذ موعد مع الطبيب، ثم رفعا للحرج خاصة في المشاكل التي تتعلق بالجنس يرى الشاب أن طبيب النت أفضل». وتضيف هذا لا يقلل من شأن وأهمية العيادات الطبية.

ويشاركها في الرأي الدكتور الخرعان قائلا «ربما يعود السبب للخصوصية التي يمنحها الإنترنت للمرسل، فهي وسيلة صامتة وسهلة ورخيصة، لا تكلف السائل شيئاً، ولا توقعه في حرج السؤال وعرض المشكلة، لا سيما المشكلات العاطفية والجنسية، وهما أكثر مشكلات الشباب من الجنسين. فبعض المشكلات، مثل مشكلة الشذوذ، أو الاغتصاب، أو الرهاب الاجتماعي، أو الخوف وغيرها من المشكلات العاطفية يصعب على كثير من الشباب والفتيات عرضها على الطبيب النفسي مباشرة، بل ولا على الأهل والأقارب، بينما من السهل طرحها على شكل سؤال في الإنترنت باسم مستعار أو رمز، وفي حال الإجابة يمكنه الاستفادة منها بشكل أو بآخر إذا كان جاداً في البحث عن حل».

وقال الدكتور الخرعان إنه «يضاف إلى ذلك طبيعة المشكلات النفسية، وهي بطبيعتها تفرض على من يعاني منها نوعاً من التردد والخوف والخجل والانطواء يجعله يتأخر كثيراً في الوصول إلى الطبيب النفسي مباشرة».

أم سهى الحارثي ترفض تماماً فكرة الاستشارات على الانترنت وتقول «عندما تمرض ابنتي أسرع إلى اقرب عيادة طبية بجوار بيتي لإنقاذها فكيف علي بانتظار جواب طبيب الانترنت؟»، وتضيف متذمرة من هذه الطريقة «أحياناً الطبيب في عيادته يخطئ فكيف بآخر لا يعرفني إلا على الجريدة أو الانترنت».

والاستشارات على الانترنت تواجه مشكلة الوقت فكثرة الرسائل التي تصل إليهم تلزمهم بالوفاء بالسائل وهذا ما يؤكده الخرعان بقوله ان «كثرة الرسائل وضعف الدعم أو محدوديته، وربما انعدامه في كثير من تلك المواقع، يصعب على القائمين على الموقع الوفاء بكل طلبات الزوار والإجابة على تساؤلاتهم، لا سيما أن الشبكة تتيح التراسل من أي نقطة في العالم، فالرسائل تأتي من كل حدب وصوب».