حنين بافيل لـ«الشرق الأوسط»: تخصصي نادر ومع ذلك لم أجد فرصة عمل

سعودية تروي قصة رحلتها تحت الأرض في نهر الماس البرازيلي

TT

ورشتها عبارة عن غرفة صغيرة تتبع منزل أسرتها، وتتكون من عدة آلات لتصميم المجوهرات، تتضمن فرنا للصهر وآلة سحب للفضة وآلة صنفرة وطاولة خاصة بالصياغة ومنشارا معدنيا ومبارد وورق صنفرة ومفاتيح لحني القطع التي تريد صياغتها وتصميمها ونظارات حماية من الحرارة.

حنين بافيل 25 عاماً، فتاة سعودية، كانت تقف في زاوية مع قطعها التي صممتها وتفتخر بأنها من إنتاجها، وتقول لكل من يرى تصميماتها «هذه تصميماتي صدقوني»، وذلك في ملتقى الإبداعات النسائية، الذي اختتم أعماله الاثنين الماضي. وتوضح حنين بافيل لـ«الشرق الأوسط» أنها «منذ أيام المدرسة الثانوية كنت أعشق الرسم والنحت على لوحات مجسمة بارزة من الخشب والنحاس، حيث شاركت في معرض للرئاسة العامة للبنات وحصلت على شهادة تقدير».

* تحت الأرض

* وتتحدث حنين عن فترة وجودها في البرازيل وتحديداً في العاصمة برازيليا، بقولها إنها قامت برحلات مدرسية لمناجم الذهب على عمق 150 مترا لمدة أسبوع، تخللها محاضرات عن تاريخ استكشاف الذهب بالمنطقة وطريقة استخراجه. وكانت تجربة تمتزج بشعور الخوف والفرح عاشتها لأول مرة تحت الأرض، حيث يقل الأكسجين كلما زاد العمق، أثناء مشاهدة أنابيب مليئة بالماء لتفتيت حجر الذهب. وفي هذا الخصوص، تقول «شعرت بمدى صعوبة عمل عمال المناجم الذين يعيشون أوقاتا طويلة في المناجم، وأكثر وقت شعرت فيه بالخوف، كان عندما قررت زيارة منجم للزمرد على عمق 530 مترا، الذي قمت بالنزول إليه بالحبال عبر أنابيب حفرت بشكل تسهل الوصول، واستغرقت فترة طويلة، حيث كنت أشاهد ما بين أربعين أوخمسين مترا كهوفا عديدة، حيث كان الظلام يزداد، كلما اقتربت منطقة وجود الزمرد».

وتضيف «لا أنسى زيارتي إلى نهر للألماس، حيث شاركت بالبحث عنه، وشاهدت طريقة استخراج الألماس الذي يندر وجوده، وتخلل ذلك زيارة إلى مدرسة لقص ونحت الألماس، الذي قد يستغرق يوما كاملا لعمل قطعة واحدة صغيرة لأن كل قطعة مختلفة عن الأخرى».

وبشأن فترة الدراسة هناك، تقول «في المتحف الحكومي قمت بدراسة النحت على الحجر والأحجار الكريمة والدراسة بمدرسة لتصميم المجوهرات، التي كانت تتبع منهجا معينا في التدريس وهو اسلوب الفكرة ثم الصياغة مباشرة عكس المدارس الأخرى التي تبدأ بالرسم على الورق ثم التنفيذ، حيث بدأت بصياغة الخواتم، فاستطعت في خلال شهر عمل خاتم وعليه حجر كريم، وكنت أحياناً أدرس في اليوم ست ساعات، وأطالب بمضاعفة الحصص لي، بعكس الطلبة الذين يكتفون بثلاث ساعات».

* خاتم في 3 ساعات

* وتضيف «خلال دراستي أقامت المدرسة معرضا للطلبة المتخرجين للقطع الفنية التي أنجزت بأيديهم، حيث لاحظ الأساتذة مستوى أعمالي التي لفتت النظر أثناء فترة دراستي، مما شجعهم لعرضها كضيفة شرف في المعرض، والتي أدهشت الحضور كفتاة عربية غير برازيلية، وهذا الذي جعلني أفكر في تصميم المجوهرات ومن النادر اتجاه الفتيات هنا لخوض هذا المجال فأحببت أن أتميز به.

وبينت أنها بدأت «بالتعلم على نحت حجر الكوارتز المتوافر بكثرة في البرازيل، بالإضافة لسهولة الحصول عليه لرخص ثمنه، وكانت أول قطعة استغرقت مني شهرا كاملا، ثم استطعت أن أنحت خاتما بسيطا في ثلاث ساعات فقط، وبعض القطع حسب تصميمها تستغرق مني يوما أو يومين.

وتعترف بافيل قائلة «تأثرت بطابع الثقافة البرازيلية التي لم تتغير من خلال سكانها الأصيلين من الهنود الحمر، الذين يعيشون في غابات الأمازون، بأزيائهم التي تعتمد على الريش بمختلف ألوانه التي عادة يرتدونها في المهرجان السنوي، الذي يقام في شهر فبراير (شباط) من كل عام، حيث اعتمدت هذا الاسلوب في أول مجموعة بدأت بتنفيذها، وذلك عن طريق إضافة الريش على القطع، التي أقوم بتصميمها، على اعتبار أنها تجذب النظر إليها وتميل للغرابة».

* المستقبل والمعاناة

* تقول حنين «أنوي القيام كل شهرين بعمل مجموعات متنوعة من تصميمات المجوهرات، وبدأت الإعداد لمجموعة قطع حروف الخط العربي كتراث عربي أنقله لحضارات أخرى».

وتشير إلى أنها لن تنسى «فضل مصمم الأزياء السعودي يحى البشري، الذي دعمني معنوياً ومادياً عند تأسيسي للورشة، وطلب مني تصميم إكسسوارات من النحاس لعرض أزياء قام به في باريس قبل شهر، وكذلك هيفاء البليسي التي لمست مدى معاناتي بعد عودتي للوطن مع الاسرة وانتهاء فترة انتداب والدي بعد ثلاث سنوات عشتها في البرازيل، حيث كانت الصعوبة مع مصانع معروفة وبعض ورش صياغة وتصميم المجوهرات بجدة التي رفضت بحجة عدم قبول الفتيات، مع أني اعتقدت قبل المجئ أنني سأجد العمل بكل سهولة على اعتبار أن تخصصي نادر، لكن أغلب عروض القبول جاءت من الرياض والمنطقة الشرقية». وأخيراً تقول «أتمنى التميز في عملي لأن كل قطعة تختلف في صياغتها عن الأخرى، وذلك من خلال إكمال الدراسة في هذا المجال والذهاب إلى إيطاليا، وايضاً الإشتراك في عروض عالمية». أما والدتها فتقول «ابنتي حنين تمتلك الطموح، وساعدتها خلال فترة وجودنا في البرازيل لخوض تجربة في هذا المجال، بكل ما فيه من صعوبات واجهتها هناك وذلك بمنحها الثقة والتشجيع».