أشهر مقلدي الأصوات في حائل يجول الشوارع من أجل 800 ريال

يطمح للزواج من طبيبة أو محامية وفنانته المفضلة بنغلاديشية

TT

بدأ حواره بصوت القط ثم صوت ذكر الغراب، فأنثى الغراب على اعتبار أن «بينهما فرقا»، ثم أكمل بقصة حزن أليمة تكشف عن إنسان حضاري يطمح للتعرف على أكثر الحضارات وتعلم اللغة الانجليزية والفرنسية بثوب إنسان بسيط أتى من رمال النفود ومعه مواهب التقليد والتمثيل والغناء، ليبحث عن لقمة العيش عبر حافلة صغيرة لنقل العمال في حائل.

صالح محمد حمود المطلق، أشهر مقلد أصوات في حائل من مواليد جبّة شمال حائل، لم يستفد من مواهبه أبدا فلم يعرف كما يقول «من أين تؤكل الكتف؟»، فيما يحمل الشهادة المتوسطة وميكانيك السيارات من المعهد المهني بحائل. عمل المطلق حارس أمن في مستشفى جبّة العام، ثم انتقل إلى مدينة حائل للبحث عن عمل ولكنه أصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار.

يقول المطلق عن بدايته «كرهت حياة البداوة، التي كنت أعيشها في جبّة، فهي مدينة صغيرة أشبه بالقرية وعندما تركتها لم يكن فيها حتى الكهرباء. هذه الحياة لم أكن راضيا عنها، فمنذ صغري وأنا أحب التطور وأتأثر بما أشاهده في التلفاز من مسلسلات وغيرها، فكانت تروق لي تلك الحياة العصرية، حاولت أن أخرج من عالمي الصغير إلى العالم الكبير فبدأت أشتغل كحارس أمن بالمستشفى ومن ثم فتحت بقالة ثم مكتبة وكلها فشلت».

ويضيف «لكني حاولت أن استفيد مما تبقى لي من مال لشراء حافلة صغيرة وأصبحت أذهب إلى مكة والمدينة للعمل في أوقات المواسم (الحج والعمرة).. بدأت بالسفر وهو هوايتي المفضلة، سافرت إلى الرياض وتزوجت من هناك، ولكن لم تستمر حياتي الزوجية إلا فترة قصيرة».

واضاف قائلا بعد ذلك «سافرت إلى دولة قطر، حيث هناك بعض أقاربي، وكذلك إلى سورية في مدينة السويداء جنوب شرق الشام لزيارة الأصدقاء الذين تعرفت عليهم من خلال أعمالي الحرة البسيطة، وكذلك لأتعرف على ثقافاتهم فكما قلت أحب التعرف على الحضارات الأخرى، وهم كذلك يكنون لي كل التقدير والاحترام، فأنا لا أذهب إلى الاماكن التي يذهب إليها بعض السياح، كالمراقص والملاهي الليلية ولا أشرب الكحول; فأنا أكره كل ما فيه فساد وعلى رأس ذلك التدخين، وللمعلومة فبسببي أقلع كثيرون عن التدخين فقط بمجرد الجلوس معي وسماع كلامي».

وعن بداية اكتشافه لمواهبه يقول المطلق «كنت في صغري أعيش في قرية لم تصلها خدمة الكهرباء وفي أيام رمضان حين يكون الجو حارا جدا كنا نذهب إلى الجبل نستظل به، وكنت أميل إلى العزلة نوعا ما فشاهدت الغراب وهو ينعق وحاولت أن أميز الذكر من الأنثى وكلما نعق قمت بتقليده وهكذا، وكل من سمعني أقلده ضحك وطلب مني أن أقلد صوت حيوان آخر فأصبحت أقلد الدجاج وليس عموما بل بالتفاصيل فصوت الدجاجة عندما تبيض يختلف عن صوتها عندما تهرب منك أو عندما تمسك بها، وكذلك أقلد صوت الديك والحمار والذئب وغيرها الكثير». وقال «أصبحت أقلد أصوات النساء والرجال كبار السن وصوت الأطفال عندما يريدون أن يرضعوا وعندما تقوم بملاعبتهم وكذلك أقوم بحركات تعتمد على خفة اليد، فكان الكثير يندهش مما أقوم به». ويضيف المطلق انه «إضافة إلى مواهبي في تقليد الأصوات أملك موهبة التمثيل، التي حاولت أن استثمرها، ولكن لم أجد من يتبناها وأنا لا أملك القدرة المادية، كما انني حاولت الاتصال بشركة الهدف لغرض التمثيل مع فريق طاش ما طاش ولم تفلح محاولتي، فمثلي الأعلى وقدوتي في التمثيل ناصر القصبي، الذي أطمح أن أقوم بالتمثيل إلى جانبه».

وعن المواقف الفكاهية والمقالب التي قام بها يقول «عملت الكثير من المواقف التي ندمت عليها، في صغري كنت أتصل بكثيرين متظاهرا بأني فتاة تريد المغازلة، ولكني سرعان ما أخبرهم بالحقيقة خوفا من تطور الموقف. كما طلب مني كثيرون أن أقوم بمهاتفة أشخاص يريدون الانتقام منهم، ولكني كنت ارفض فلا أحب أن أكون طرفا في أي مشكلة. كذلك كنت أقوم بتقليد العمال من أغلب الجنسيات حتى إني أصبحت أعرف بعض معاني كلماتهم بسبب احتكاكي الدائم بهم بحكم مهنتي وهي نقلهم من مكان الى آخر.

ويضرب مثلا «كلمة (كياليه) تعني كيف حالك بلغة الهنود و(تكتاكيه) تعني بخير. كذلك لغة البشتون مثل (استرمشيه) تعني السلام عليكم وكلمة (سرنقيه جوري خيري) تعني بخير سلمك الله. وللمعلومة فإن فنانتي المفضلة هي (ماما داشو) وهي فنانة بنغلاديشية، بالإضافة إلى الفنان الشعبي فهد عبد المحسن». وعن هواياته يقول: أهوى السفر والتمثيل والتقليد وكرة القدم، كما أحب أن اكتب الشعر أحيانا، وقد كتبت لأحد الفنانين الشعبيين وهو فتى الخطة وقد وصل عدد المكالمات الواردة إلى الاستريو (مكان بيع أشرطة الكاسيت)، خمسة آلاف مكالمة لرغبتهم بسماع قصائدي فلي جمهوري الذي يحب شعري». وعن طموحاته وأمنياته يقول المطلق متنهدا، كما ترى فأنا لا أملك إلا هذه الحافلة الصغيرة التي لا اكسب منها إلا 800 ريال فقط شهريا وأنا لدي من المواهب ما يكسب منها غيري الكثير، فأتمنى في يوم من الأيام أن أكون ممثلا فانا أطمح إلى الشهرة وإلى رفع مستوى دخلي، لأن حالتي المادية صعبة جدا وهي التي تمنعني من الزواج.. وبالمناسبة فأنا اطمح للزواج من إنسانة مثقفة تكون طبيبة أو محامية أو عالمة نفس، وان يرزقني الله بأولاد أدفعهم إلى الحضارة بعيدا عن الحياة التي عشتها.. كما أتمنى أن استفيد من فترة الانتخابات هذه في إظهار مواهبي كلها للناس وتحسين حالتي المادية. والشكر كل الشكر لجريدتكم التي احتضنتني وأسمعت صوتي للناس».