السعوديون يصورون أدوارهم في مشهد ديمقراطي وروح متفائلة بالغد

في يوم الاقتراع الذي وصفه الناخبون بالتاريخي

TT

ثماني ساعات.. نقلت الغني والفقير، الأمي والمتعلم، المرشح والناخب، المسؤول والمسؤول السابق، إلى 25 مركزاً انتخابياً، يحتوي كل مركز على صندوقين أو ثلاثة صناديق، يجلس أمامها عدد من العاملين على العملية الانتخابية، يراقبون، ويتعاقبون بين فينة وأخرى.

المشهد كان مألوفاً للسعوديين على شاشات التلفاز، لكنهم لأول مرة يصبحون تحت نظر هذه الشاشات. هناك من ذهب بزوجته التي كانت تنتظر في السيارة، وآخر استأذن من عمله لنصف ساعة، وهو طبيب أطفال، ليذهب ويقول: هذا صوتي، فيما يمسك أب بيد طفله ويقول له: «هذه الديمقراطية التي حدثتك عنها».

من هذه القصص، قصة كهل بلحية بيضاء، في مركز انتخابي يقع في بلدية العزيزية قال: «كيف أنتخب ؟«. بعد النظر إلى بطاقته الانتخابية، قال له الموظف المسؤول: لم تسجل هنا، يجب أن تنتخب في مكان التسجيل.. وقبل أن ينتهي الموظف من حديثه، انطلق الكهل برفقة ولده إلى المركز المطلوب للإدلاء بصوتيهما.

مرشح في احد المراكز الانتخابية، وقف خارج دائرة الاقتراع، ليستقبل الناخبين، يُرحب بهم، لدرجة اعتقد البعض انه موظف في تلك الدائرة، وبعد الترحيب والسلام كان يتمتم في أذن المرشح المقبل «الدائرة..... رقم..» ظل لثماني ساعات يفعل هكذا». في تمام الساعة الخامسة أقفلت المراكز ما يقارب 75 صندوقا، لكن الأهم من اغلاق تلك الصناديق، قول هذا الوالد المصطحب لابنه حسان (14 عاماً): «الأهم لنا كآباء، ليس الحديث في السلبيات، بل تثقيف أبناء هذا الجيل، وهيكلته من الآن على مظاهر الديمقراطية، حتى يبدأ هو في الانتخاب على المستوى المدرسي».

أمين جدة السابق عبد الله المعلمي حضر بسيارته، وهو الذي بدأت الانتخابات خلال قيادته للأمانة، وهو أول من عقد مؤتمرا صحافيا للحديث عن الانتخابات، دخل بهدوء، وتناول دفتر المرشحين ذا الألوان السبعة، انتخب وغادر، وعند مغادرته طرح السؤال: هل تفضل أن يوجد المهندسون بصوره أقوى في المجلس البلدي؟ قال خارجاً عن حياده السابق كمشرف على الانتخابات «لا أنكر أني لست منحازاً لزملائي».

المنظر في جدة البارحة كان بارداً، لكن مع مرور الوقت، كان يزداد حرارة، حتى وصلت الحرارة ذروتها قبل انتهاء يوم الاقتراع بخمس دقائق.

ساعة حانت الذروة وبدأ العاملون في اللجان الانتخابية يستعدون لاقفال الصناديق.. كان طبيب الأطفال يوسف باشميل يهرول مسرعاً بروبه الأبيض، بعد أن عالج 4 حالات طارئة واستأذن لنصف ساعة ليضع صوته في الصندوق الأبيض قبل انتهاء الوقت. هاني المرزوقي وزوجته التي تنتظره في السيارة، جاء ليضع صوته ثم يعود ليخبر زوجته انه جلس خلف طاولة تحجب الآخرين عن رؤيته، ليختار من يراهم مناسبين له، ويقول «قد تكونين معي في الأعوام المقبلة في هذا المركز تدلين بصوتك».