النظرة الخاطئة عن الطب النفسي في المجتمع السعودي بدأت في التلاشي

مرض الرهاب الاجتماعي أحد أنواع الأمراض النفسية

TT

«أتمنى أن أكون أعمى، كي لا أنظر في عيون الآخرين، فأنا أشعر أن عيونهم تراقبني وتلاحقني، ومعها لا أستطيع إلا أن أهرب أو أعيش في عزلة». هذه إحدى القصص التي سردها الدكتور ابراهيم أبو خمسين، مساء أول من أمس، في منتدى أبو خمسين في أمسية حول الأمراض النفسية. وأورد الدكتور أبو خمسين، استشاري الطب النفسي في مستشفى المانع بمدينة الخبر، هذه القصة وغيرها مدللا على مرض الرهاب الاجتماعي أحد أنواع الأمراض النفسية، وكيف أن هذه الحالة موجودة في المجتمع السعودي بنسبة لا تقل عن 10 بالمائة، بين الرجال والنساء وكافة فئات المجتمع، منهم الأكاديمي والشاعر والمعلم، مضيفا أن مريض الرهاب الاجتماعي قد يرفض حضور المناسبات الاجتماعية التي يحبها، كما أنه قد يرفض الترقيات الوظيفية خوفا من اختلاطه بزملاء جدد، أو الانتقال إلى أماكن معيشية جديدة.

وتحدث أبو خمسين في بداية الأمسية التي أدارها الدكتور منير البقشي عن الاعتقاد الخاطئ الذي يحمله الناس عن الطب النفسي، وكيف أنه لعلاج المجانين، وأنه يعتمد في علاجه على الأدوية المسكنة، مشيرا إلى أن ذلك دفع إلى تكوين نظرة لدى المجتمع بأن مراجعة الطبيب النفسي هو من قبيل الوصمة أو العيب، وقال ان كل ذلك اعتقادات خاطئة، منوها إلى أن هناك نوعاً من الوعي بدأ ينتشر في المجتمع السعودي، وذلك ما تدل عليه الإحصائيات التي تدل على ارتفاع نسبة المراجعين لعيادات الأمراض النفسية، وكذلك ازدياد عدد الأطباء النفسيين في السعودية. وعدّد أبو خمسين أنواع الأمراض النفسية التي تنقسم إلى عصابية وذهانية، ومنها القلق والوسواس القهري والفصام العقلي واضطراب الشك لدى الزوجين، وخاصة لدى الرجال، والهوس والاكتئاب، مشيرا إلى أن العالم يصنف مرض الاكتئاب بأنه السبب الثاني من أسباب الإعاقة في العالم، وأن التوقعات تشير إلى أنه خلال الـ20 سنة المقبلة قد يكون السبب الأول للإعاقة، وأورد أبو خمسين أمثلة للإعاقة، كعدم القدرة للذهاب إلى العمل، وعدم القدرة على الحياة مع الآخرين أو الاختلاط بهم، وعن أدوية العلاج للطب النفسي، قال ان 99 منها لا تؤدي إلى الإدمان إذا استخدمت بشكل عادي، وهي أكثر أمانا من تناول أدوية أخرى، كعلاج مرض المعدة على سبيل المثال، كما أن الطبيب النفسي لا يعتمد في علاجه فقط على الأدوية، لأن المريض النفسي بحاجة إلى من يساعده فقط، فهو قادر على المشي، ولكنه كمن سقط في حفرة وبحاجة إلى من يمسك بيده للخروج منها.

وحول سؤال عن نصيحته للمضاربين بالأسهم، وكيفية الابتعاد عن الضغوط التي قد تسبب لهم أزمات نفسية، أجاب: «أفضل طريقة أن أشتري أسهمهم»، قال ذلك مازحا، ولكنه استدرك قائلا: «الخشية من التعامل مع سوق الأسهم هو أن يتحول إلى هوس لا يستغنى عنه ثم إلى إدمان، وعند الخسارة الكبيرة قد يصاب بحالة من الهذيان، وهنا لا بد من تدخل الطبيب النفسي، كما أن هناك من تعرض لأزمة قلبية جراء خسارته في سوق الأسهم، وأفضل طريقة للتعامل معها، العقلانية وعدم الطمع أو بناء قصور عالية من الرمال».