دراسات أمنية: الإهمال سبب رئيسي لسرقة السيارات

معظم سارقي العربات من الأحداث.. والتفحيط أحد العوامل

TT

ألقت الدراسات التي تناولت موضوع سرقة السيارات باللائمة على أصحاب هذه السيارات حيث أشارت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الجريمة في الرياض أن أحد الأمور التي تسهل سرقة السيارات ناجم عن التساهل الذي يمارسه أصحابها من دون قصد من خلال ترك سياراتهم مفتوحة أو في وضع تشغيل ثم الانشغال عنها الأمر الذي يسهل سرقتها.

وتناولت الدراسات المختصة بجريمة سرقة السيارات اعمار الفئة التي تمارس السرقة إضافة إلى الظروف الاجتماعية ومستوى التعليم والوضع الاقتصادي والأهداف من السرقة، لكنها في المقابل لم تبحث في سلوكيات مصاحبة تتم بعد السرقة ومن خلال التجارب التي مر بها بعض من تعرضوا للسرقة حاولت «الشرق الأوسط» رصد دلالات سلوكية مثل سرقة أشرطة الكاسيت من السيارة بعد الانتهاء من استخدامها.

وأفاد في هذا الخصوص خالد الشمري الذي سرقت سيارته من نوع نيسان (مكسيما) حيث لفت إلى أنه من هواة الطرب الأصيل ولهذا معظم ما يستمع إليه يعود إلى مطربين قديمين منهم فيروز وأم كلثوم وناظم الغزالي وصباح فخري مشيرا إلى أنه اشترى شريطا قبل أن تسرق سيارته لفنانة صاعدة بهدف الوقوف على ما تقدمه لكنه لم يعجب بنمط غنائها ما دعاه إلى رمي شريطها في السيارة.

ويضيف أن سيارته سرقت من أمام المنزل صباح يوم جمعة وبعد أربعة أيام وجدتها دوريات الأمن متوقفة في مواقف أحد المراكز التجارية من دون أن تصاب بشيء وبعد الطلب منه معاينتها ورصد المسروقات اتضح أن اللصوص اكتفوا بشريط الفنانة الصاعدة والإطار الاحتياطي بينما بعثروا بقية الأشرطة.

ويعلق أنه يتصور أن الذين قاموا بسرقة السيارة لم يستسيغوا نوع الغناء الذي يميل إليه لكنه في الوقت ذاته يشكرهم على أنهم لم يتخلصوا من أشرطته عن طريق تكسيرها أو إلقائها في الشارع حيث يعتبر بعضها نادرا جدا ومن الصعب تعويضه.

أما فارس العلي فكان تعرض لموقف مغاير حيث يفيد أن سيارته سرقت محتوياتها من أشرطة الكاسيت من خلال فتحها ثم اخذ جميع الأشرطة القديمة وخصوصا العائدة لأم كلثوم وفيروز مع كتابة رسالة قصيرة يشيد فيها اللص بذوق العلي الرفيع وأنه (سلطن) كثيرا عند سماع هذه الأغاني مضيفا أنه ليس بسارق في الأصل لكن مجموعة الأشرطة التي انتقاها صاحب السيارة وجمعها في شكل مقاطع ومنوعات كانت الدافع وراء السرقة مع قطع وعد بأن يعيد الأشرطة سليمة في حال الانتهاء من نسخها معللا أخذها بهذه الطريقة بالقول أن العلي شخص بخيل ولا يثق بالآخرين إلى جانب أنه غير متعاون.

ويعتقد فارس أن السارق قد يكون أحد أقربائه أو زميلا في الجامعة لكنه ما زال يبحث عنه من خلال تتبع الأغاني التي يستمع إليها في سيارات من يركب معهم الأمر الذي وضعه في حرج شديد حيث اتهم بعض زملائه وأقربائه لكن من دون بينة مشيرا إلى أنه غير سياسة البحث واكتفى بالاستماع حيث يزعم أن لديه مجموعة من الأغاني النادرة تحصل إليها من خلال زيارته إلى دول بعض المطربين إضافة إلى التسجيلات القديمة التي نقلها عن بعض التلفزيونات العربية مبينا أنه لا يزال ينتظر أن يفي اللص بوعده بإعادة ما سرقه.

ويعلق المختص في علم الاجتماع والمشرف الاجتماعي خالد العنزي أن الدراسات الاجتماعية التي تناولت سلوكيات اللصوص بشكل عام تشير إلى أنهم نتاج بيئات يضعف فيها التعليم بشكل كبير وينخفض فيها الدخل ما يورث ما يعرف اجتماعيا بثقافة (الفقر) وهذه الثقافة بحكم الأوضاع التعليمية والاقتصادية والاجتماعية ليس لديها ذلك الترف في حال اجتماع الظروف الثلاثة السابقة حيث أن وجود مستوى معرفي مقبول يمكن الفقير من اعتماد وسائل ترف غير مكلفة مثل الاستماع إلى منتج فني راق من خلال دوافع نفسية تدفع باتجاه التساوي في الحد الأدنى مع الفئات الأكثر دخلا.

ويشدد على أن هذه الدراسات الاجتماعية لا تستطيع الوقوف على نتائج مقنعة إلا بعمل دراسات تكون ميدانية أو على عينة حيث ان نسبة ممن يسرقون السيارات في بعض المدن هي من فئة المراهقين الذين ينوون من السرقة البحث عن الترفيه سواء بالتفحيط على السيارة أو التنزه بها أو لقيادتها المجردة ويدعم ذلك العبارات المكتوبة على جدران المنازل والمدارس من قبل المراهقين وليس لأغراض لها علاقة بالجريمة المنظمة.

وتفيد سجلات الأمن أن السعودية تعتبر من الدول الرائدة في مجال مكافحة سرقة السيارات حيث يتم استرجاع نحو 90 في المائة من السيارات المسروقة في غضون ثلاثة أيام وتعتبر هذه النسبة مرتفعة مقارنة بدول متقدمة أخرى حيث كانت النسبة المماثلة في فرنسا 70 في المائة وفي ألمانيا نحو 61 في المائة بينما يشكل إهمال أصحاب السيارات في السعودية نحو 33 في المائة إضافة إلى ذلك انخفضت نسبة سرقة السيارات الحديثة إلى 5 في المائة وما يسرق منها في الغالب ناجم عن تقصير وإهمال المالك وتعتقد الجهات الأمنية أن ارتفاع نسبة العائد من السيارات المسروقة يشير إلى أن السرقة تتركز لأغراض التفحيط والتنزه والمباهاة ويدعم ذلك أن السجلات الأمنية المحلية توضح أن غالبية سارقي السيارات من الأحداث وطلاب المدارس إلى جانب أن ثلث لصوص السيارات من العاطلين إضافة إلى تردي الأحوال المعيشية لبعض الوافدين ما يعزز توجههم إلى السرقة.